الخلافات في صنعاء تنذر بمعركة كسر عظم بين طرفي الانقلاب

صنعاء - أكدت مصادر خاصة لـ”العرب” عدم صحة الأنباء التي تحدثت عن انضمام حسين حازب، وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام للحكومة الشرعية، لكنها لم تستبعد انشقاقه.
وقالت المصادر المقربة من الوزير المنتمي لما يسمّى بحكومة الإنقاذ الوطني في اتصال هاتفي مع “العرب”، إن “زيارة حازب لمسقط رأسه في مديرية جبل مراد بمحافظة مأرب تحمل طابعا أسريا”.
ولكن المصادر لم تستبعد أن يمكث في قبيلته الموالية للشرعية لترقب التطورات المتسارعة في العاصمة صنعاء والتي تنذر بإعلان فض الشراكة بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، إضافة إلى احتمال قيامه بدور ما للتنسيق بين الرئيس السابق والحكومة الشرعية.
وتزامن وصول حازب، عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر، جناح صالح، مع تزايد موجه الانضمام للجيش الوطني من قبل ضباط وأفراد في الحرس الجمهوري.
|
ويدل هذا الاتجاه على تحولات غير مسبوقة في خارطة الاصطفافات التي يتوقع أن تشهدها الساحة اليمنية في حال تم الإعلان رسميا عن فك الارتباط بين منظومة الرئيس السابق السياسية والعسكرية وشركائه الحوثيين.
وكشف الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي في تصريح لـ”العرب” عن توقعه حدوث موجة انسحاب قيادات مؤتمرية إلى مناطقها القبلية خلال الساعات والأيام القادمة.
وقال إن هناك “مخاوف من تحرك ميليشيا الحوثي ضدهم، إما عبر استهدافهم وإما باعتقالهم، ولأنه لا وجود لدولة في صنعاء ولا مؤسسات فإن السلطة الأمنية والعسكرية بيد ميليشيات الحوثي، وهذا ما يدفع قادة المؤتمر للتوجس والحذر”.
وأشار البخيتي، القيادي الحوثي السابق والمقرب من صالح في الفترة الحالية، إلى أن تحالف صالح والمؤتمر مع الحوثي انتهى عمليا، مؤكدا أن “لحظة الانفجار قادمة لا محالة وأن المؤتمر هو من سيقرر كيفية المواجهة”.
وتشهد صنعاء منذ عدة أسابيع توترات بين قوات لصالح والحوثيين الشيعة، الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ سبتمبر 2014.
ويرى السياسي اليمني أن هناك خيارين متاحين للرئيس السابق وحزبه للخروج من المأزق، الأول يتعلق بالمواجهة المسلحة مع الحوثيين، غير أنه أمر مستبعد في الوقت الحالي، وفق رأييه.
وبرر ذلك بقوله “لقد نصحت قيادة المؤتمر بتجنب المواجهة المسلحة نظرا لكونه ميدان الميليشيات وليس الأحزاب، كما أن نتيجته ستكون في صالح الحوثيين حتما، على الأقل في هذه المرحلة الحساسة إلى أن تتغير خارطة التحالفات”.
ويتمثل السيناريو الثاني في خروج قيادات المؤتمر لمناطقها القبلية والاحتماء بها بانتظار تغير خارطة التحالفات ولحين اتخاذها قرارا فيما يتعلق بالشراكة مع الحوثيين واستمرار التحالف معهم من عدمه، إضافة إلى دراسة البدائل المطروحة.
ونفى السياسي اليمني الأنباء التي تفيد باعتقال علي عبدالله صالح ونقله من قبل الحوثيين إلى محافظة صعدة رغم تزايد الخلافات بين الانقلابيين في صنعاء خلال الآونة الأخيرة.
ولكنه استدرك بالقول إن “الحوثيين وعندما يشعرون بالخطر لن يتورعوا عن اعتقال صالح في أي لحظة حتى لو أدى ذلك إلى مقتله، لكن وبحسب معلوماتي حتى اللحظة فلا صحة لما أشيع من أخبار حول اعتقاله ونقله إلى صعدة”.
|
وأضاف “هو لا يزال في صنعاء يمارس نشاطاته اليومية المعتادة ولا صحة كذلك لما أشيع عن حسين حازب وزير التعليم العالي في حكومة صنعاء”.
وتشهد صنعاء المزيد من التوتر في ظل سعي الحوثيين لإحكام سيطرتهم على مختلف مناطق العاصمة وتضييق الخناق على صالح والدائرة الضيقة المحيطة به من خلال تطويق مقرات حزب المؤتمر ومنازل قياداته.
ويرى مراقبون أن الحوثيين ضاقوا ذرعا بالشراكة مع صالح في ظل حرص الأخير على التذكير في كل مناسبة بالتمايز بين حزبه والميليشيات الحوثية، وهو ما عجّل بتسارع الأحداث باتجاه تنفيذ الحوثيين خطتهم المؤجلة للاستحواذ على السلطة.
ويريد الحوثيون المدعومون من إيران، الاستئثار بالسلطة في المناطق الخاضعة للانقلاب والتخلص من حزب المؤتمر الذي مثل حجر عثرة أمام الكثير من مشاريع الجماعة المتعلقة باستكمال عملية التطييف التي شرعوا فيها داخل أوساط المجتمع اليمني ومؤسساته الرسمية.
ويلفت المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل إلى أن الصراع بين طرفي الانقلاب بدأ بصورة متسارعة في الفترة الأخيرة عبر الاستهداف الممنهج من قبل الحوثيين لصالح وقيادات حزبه.
وقال لـ”العرب” لقد بلغ الاستهداف “حد القتل والإهانة لرموز وشخصيات تعتبر من الحلقة الضيقة لصالح، ما سيدفع الكثير منهم للبحث عن الخلاص الشخصي بعيدا عن علاقة يبدو أنها خاسرة مع استمرار تعامل صالح وفقا لسياسة التنازل”.
وولّدت سياسة ضبط النفس، وفقا لإسماعيل، “خيبة أمل عارمة اكتسحت معسكر صالح بعد ضعفه الواضح في تحشيد السبعين ومقتل الرضي”، متوقعا أن تفتح الأبواب أمام انشقاقات لن تتوقف مستقبلا.
وقتل حتى الآن أكثر من 8 آلاف شخص غالبيتهم من المدنيين وأصيب نحو 47 ألف شخص بجروح في المواجهة بين التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة والحوثيين مع قوات صالح من جهة ثانية منذ أن بدأ الصراع في مارس 2015، بحسب منظمة الصحة العالمية.