الخلافات حول هجوم رفح لا تمنع أميركا من ضخ الأسلحة لإسرائيل

ردود فعل متباينة داخل الولايات المتحدة واتهامات لإدارة بايدن بعدم الجدية في ممارسة الضغط على الحليف الإسرائيلي لوضع حد للحرب.
الأحد 2024/03/31
الشراكة أقوى من الخلاف بشأن رفح

القاهرة - أثارت موافقة واشنطن على تسليم تل أبيب دفعة جديدة من المساعدات العسكرية ردود فعل واسعة ومتباينة داخل الولايات المتحدة، وسط انتقادات البعض لإدارة الرئيس جو بايدن واتهامهم لها بعدم الجدية في ممارسة الضغط على الحليف الإسرائيلي لوضع حد للحرب الدائرة في غزة منذ نحو ستة أشهر، حيث يرى منتقدو هذه الخطوة أنها تنطوي على منح إسرائيل ضوءا أخضر لاجتياح مدينة رفح بالرغم من معارضة واشنطن للهجوم.

وكشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلا عن مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، عن موافقة إدارة بايدن خلال الأيام الماضية على تقديم حزمة مساعدات تقدر بمليارات الدولارات لتل أبيب. ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الحزمة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز إم كيه 84، وقنابل زنة 2000 رطل فضلا عن 25 طائرة حربية من طراز إف – 35 إيه ومحركات.

وأشارت الصحيفة إلى أن القنابل زنة 2000 رطل تم ربطها بأحداث سابقة أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا خلال الحرب الإسرائيلية في غزة. وأضافت أن تلك القنابل قادرة على تسوية مبان بالأرض، وأنها “لم تعد تستخدم مطلقا من قبل الجيوش الغربية في المواقع المكتظة بالسكان بسبب خطر وقوع إصابات بين المدنيين”.

كريس فان هولين: إدارة بايدن لا تدرك التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن إرسال سلاح لإسرائيل
كريس فان هولين: إدارة بايدن لا تدرك التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن إرسال سلاح لإسرائيل

ونوهت واشنطن بوست إلى أن إسرائيل استخدمت هذه النوعية من القنابل على نطاق واسع في غزة، وفقا لتقارير عدة، وعلى الأخص في قصف مخيم جباليا للاجئين في 31 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة مستمرة في دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتأكيده أن "إخضاع المساعدات لشروط لم يكن من سياستنا"، وهو موقف يكشف أن التهديدات الأميركية المتوالية خلال الأيام الماضية كانت "وهمية".

ويقول بعض الديمقراطيين، بمن في ذلك حلفاء بايدن، إن على الحكومة الأميركية حجب الأسلحة في غياب التزام إسرائيل بالحد من الخسائر في صفوف المدنيين خلال عملية رفح التي تصر إسرائيل على تنفيذها، وعدم الالتزام كذلك بتخفيف القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين إن إدارة بايدن “لا تدرك التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن إرسال سلاح لإسرائيل.. إدارة بايدن ترسل مزيدا من القنابل لنتنياهو بينما يتجاهل مطالبها بشأن رفح والمساعدات”. من جهته عبر السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز عن غضبه قائلا “لا يمكن استجداء نتنياهو للتوقف عن قصف المدنيين وفي اليوم التالي نرسل له آلاف القنابل.. علينا إنهاء تواطئنا… من المقزز أن نزود إسرائيل بقنابل يمكنها أن تسوي المباني بالأرض”.

واعتبرت الصحيفة أن هذا التطور يبرهن على أنه بالرغم من الخلافات بين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل بشأن النهج الذي تتبعه الأخيرة في حرب غزة، “تنظر إدارة بايدن لتسليم الأسلحة باعتباره أمرا مستبعدا عند البحث عن كيفية التأثير على أفعال رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو”.

على الجانب الآخر، حظي قرار بايدن بمواصلة تدفق الأسلحة إلى إسرائيل بدعم قوي من قبل مجموعات المصالح القوية المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، بما في ذلك لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (آيباك)، التي تنفق عشرات الملايين من الدولارات في هذه الدورة الانتخابية للإطاحة بالديمقراطيين الذين تعتبرهم “غير داعمين لإسرائيل بالصورة الكافية”.

وتعارض آيباك، إلى جانب الجمهوريين في الكونجرس والعديد من الديمقراطيين، جعل المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل مشروطة. ويرى هذا الفريق أنه “يمكن للولايات المتحدة حماية المدنيين، على جانبي الصراع، من خلال الاستمرار في ضمان حصول إسرائيل على أكبر قدر ممكن من المساعدة الأميركية، وبأسرع ما يمكن، للحفاظ على مخزوناتها مليئة بالذخائر المنقذة للحياة”.

◙ 1800 قنبلة من طراز إم كيه 84، فضلا عن 25 طائرة حربية من طراز إف - 35 إيه ومحركات

وألقت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على حجم المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، وذكرت أن تلك المساعدات تقدر بقيمة 3.8 مليار دولار سنويا، مشيرة إلى أن هذه الحزمة تأتي في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل انتقادات دولية قوية. وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة جاءت في الوقت الذي يدعو فيه بعض أعضاء حزب بايدن إلى قطع المساعدات العسكرية الأميركية عن إسرائيل.

وكانت صحيفة تايمز أوف إسرائيل ذكرت في وقت سابق أنه “وسط دعوات حظر الأسلحة، تظهر البيانات أن 99 في المئة من واردات الأسلحة الإسرائيلية تأتي من الولايات المتحدة وألمانيا”. واستشهدت الصحيفة بدراسة حديثة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام تظهر أن “الأسلحة الأميركية تشكل 69 في المئة، و30 في المئة أخرى تأتي من برلين، وأن جميع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مصنوعة في الولايات المتحدة، باستثناء طائرة هليكوبتر واحدة فرنسية الصنع”.

ووسط عاصفة ردود الفعل على حزمة المساعدات العسكرية الأميركية الأحدث لإسرائيل، تجنب بايدن الحديث عن الأمر، وكرر تصريحاته عن “العمل مع الشركاء لإقرار وقف فوري لإطلاق النار يستمر 6 أسابيع على الأقل وسنعمل من أجل أن يكون أكثر ديمومة”. في غضون ذلك، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مغادرة وفدين إلى القاهرة والدوحة لاستئناف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بعد تزايد الانتقادات الموجهة لنتنياهو داخليا وخارجيا واتهامه بعرقلة المفاوضات.

وقال مكتب نتنياهو إنه صدق على عودة وفد الدوحة بقيادة رئيس الموساد ديفيد برنياع، وعلى توجه رئيس الشاباك رونين بار إلى مصر، وإنه تحدث مع برنياع وبار وأبلغهما موافقته على سفرهما خلال أيام.

ويرى مراقبون أن مثل هذه المفاوضات ربما أفرغت من مضمونها بعد قرار واشنطن تسليم تل أبيب حزمة مساعدات عسكرية جديدة دون أيّ التزام من جانب الأخيرة، ما فسّره البعض على أنه ضوء أخضر للإقدام على اجتياح مدينة رفح تحت أيّ مسمّى لتنفيذ رؤية نتنياهو بالقضاء على كتائب حركة حماس المتبقية هناك، بغض النظر عن ضربه عرض الحائط بقرار مجلس الأمن الأخير وتحذيرات دول عدة من مغبة هذه الخطوة وتداعياتها.

 

اقرأ أيضا:

        • أزمة الإعفاء من الخدمة العسكرية تضغط على نتنياهو

3