الخلافات السياسية في ليبيا تؤخر تصدير النفط

مجموعة قبلية في طبرق تغلق ميناء الحريقة بعد أيام على إعلان مكونات قبلية بمنطقة الهلال النفطي استمرار قفلها المنشآت النفطية، رغم تأكيد فتحي باشاغا انتهاء الأزمة.
الأحد 2022/05/15
النفط الليبي ورقة صراع سياسي محلي ودولي

طبرق (ليبيا) - تفجّرت خلافات قبلية في ليبيا حول قطاع النفط وتباينت المواقف بشأنه بين من يدعو إلى إعادة فتحه واستئناف التصدير المتوقف منذ منتصف أبريل الماضي، ومن يتمسك باستمرار إغلاقه إلى حين رحيل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة وتولي حكومة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان السلطة في البلاد.

وتضاربت الأنباء في ليبيا بشأن إعادة فتح النفط واستئناف الإنتاج والتصدير، بعد أن أعلن باشاغا الثلاثاء الماضي عن إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية بعد "جهود مجلس النواب والحكومة الليبية"، فيما لم يصدر عن المؤسسة الوطنية للنفط إعلان برفع "القوة القاهرة" عن الحقول المتوقفة حتى الآن.

وأعلنت مجموعة قبلية عرفت نفسها بأنها "أهالي طبرق" غلق وإيقاف تصدير النفط في ميناء الحريقة اعتبارا من السبت، وذلك بعد أيام على إعلان مجموعة في الزويتينة استمرار إغلاق الموانئ والحقول النفطية، فيما قررت مجموعة أخرى رفع الحصار عن المنشآت النفطية.

وقال البيان، الذي تلاه أحد أهالي طبرق، إن الإعلان يأتي "احتجاجا على سياسة كل الأجسام السياسية التي تدعي الشرعية وهي منتهية الشرعية والصلاحية"، وذلك في إشارة إلى حكومة الدبيبة.

وأضاف مصدرو البيان أنهم "لن يتفاوضوا إلا مع جهة سيعتبرونها شرعية وتحقق تطلعات الشعب، وتدعو إلى الوقوف أمام المؤامرة التي تستهدف ليبيا"، دون توضيح لهذه الجهة.

والأربعاء ظهرت مجموعة تطلق على نفسها "تكتل الهلال النفطي"، وأعلنت رفع الحصار المفروض على المنشآت النفطية استجابة لدعوة رئيس البرلمان عقيلة صالح، لتظهر عناصر تابعة لقبائل أخرى عرفت نفسها بأنها "قبائل وأعيان وسكان ونشطاء منطقة الهلال النفطي"، وتعلن أنها لن تسمح بفتح النفط إلا بعد تحقيق مطالبها، على رأسها رحيل حكومة الدبيبة.

ويرى مراقبون أن هذه الخلافات بين المكونات القبلية هي واجهة للصراعات السياسية في الكواليس بين الساسة في ليبيا حول السلطة والمصالح والمال، وتعود إلى اختلاف الولاءات والتبعيات.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن المجموعة التي نادت بإعادة فتح النفط الليبي تتبع لرئيس البرلمان عقيلة صالح، بينما تتلقّى المجموعة التي شدّدت على استمرار إغلاق النفط الأوامر من القيادة العامة للجيش الليبي، التي يبدو أنّها تتمسّك بشروطها الأولى من أجل إعادة فتح النفط.

ومنذ الثالث عشر من أبريل الماضي، أغلق زعماء قبائل من منطقة الهلال النفطي، حقول وموانئ نفطية رئيسية احتجاجا على استمرار الدبيبة في منصبه وعدم تسليمه السلطة لحكومة باشاغا، وللمطالبة بتجميد إيرادات النفط وحمايتها من الفساد، إلى حين التوافق حول توزيعها بشكل عادل على كافة الأقاليم الليبية.

وتسبّب هذا الإغلاق في تراجع الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل يوميا، مما أدى إلى خسائر مادية يومية قدّرتها وزارة النفط الليبية بنحو 60 مليون دولار.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون هذا الصراع المحلي حول النفط في ليبيا، واجهة لصراع دولي بين الولايات المتحدة، التي تضغط على القادة الليبيين عن طريق ممثلها في ليبيا السفير ريتشارد نورلاند من أجل استئناف تصدير النفط الليبي، بهدف ضمان تزويد أسواق الطاقة العالمية وتفادي تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وروسيا التي لديها نفوذ واسع في ليبيا، ومن مصلحتها توقف صادرات المحروقات من ليبيا وحصول اضطرابات في الأسواق العالمية، من أجل إفشال مساعي واشنطن لحصار وحظر النفط الروسي وضمان عدم مقاطعة أوروبا لنفطها أو الاستغناء عنه.

وأعلنت السفارة الأميركية في ليبيا دعمها التام للتجميد المؤقت لعائدات النفط في حساب المؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي، حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأن آلية إدارة الإيرادات.

وقالت السفارة إن "استعادة إنتاج النفط الليبي أمر مهم للشعب الليبي والاقتصاد العالمي". 

وأضافت السفارة في بيان لها مساء السبت أن "الاتفاق على آلية لإدارة شفافة لعائدات النفط أمر ضروري من أجل تحقيق ذلك، حسب ما ناقشته الأطراف الليبية في الأول من أبريل في اجتماع مجموعة العمل الاقتصادي المنبثقة عن عملية برلين".

وشددت السفارة على ضرورة أن "تتضمن الآلية اتفاقا على النفقات التي تكتسي أولوية، وكذلك تدابير الشفافية، وخطوات لضمان الرقابة والمساءلة"، موضحة أن الولايات المتحدة على استعداد لتقديم المساعدة الفنية بناء على طلب الأطراف الليبية للمساعدة في هذه الآلية. 

وتابعت السفارة "سيسهم التقدم على صعيد هذه القضايا المهمة في خلق بيئة سياسية أكثر استقرارا، بما يساعد في استعادة الزخم نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية كما يطلبها الشعب الليبي".

وكان مجلس النواب الليبي قد طالب مؤسسة النفط باحتجاز إيرادات النفط في حساب المؤسسة بالمصرف الليبي الخارجي وعدم إحالتها إلى مصرف ليبيا المركزي. واشترط اقتصار الإنفاق الحكومي على المرتبات ودعم المحروقات إلى حين تسليم السلطة للحكومة الجديدة.