الخلافات السياسية تعمق أزمات كردستان العراق

الصراع بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي يمتد إلى العقارات والأراضي.
الجمعة 2022/12/09
مساع لحفظ وحدة الإقليم واستقراره

تتزايد حدة التصعيد الإعلامي بين الحزبين المتقاسمين للسلطة في كردستان العراق رغم سعي رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني لتذويب الخلافات وتقريب وجهات النظر. ويختلف الحزبان بشأن مواضيع عديدة بدءا من تقاسم عائدات النفط، مرورا بالأموال المخصصة للتنمية في أربيل والسليمانية، وصولا إلى دور التشكيلات الأمنية وحدودها.

أربيل ( كردستان العراق) - لا تزال الخلافات السياسية تتصاعد في كردستان العراق بين الحزبين الرئيسيين اللذين يتقاسمان السلطة في أربيل، رغم مساعي رأب الصدع التي يقودها رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني والتي حالت حتى الآن دون وقوع صدامات بين الحزبين اللذين يملكان فصائل عسكرية.

ولا يقتصر الصراع بين الحزبين على المستوى السياسي، حسب مراقبين، بل يتم تسخيره لخدمة أهداف أخرى منها الاستفادة من العقارات والأراضي.

وكلمّا طُرحت مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الحزبين الرئيسيين، وهما الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، طرأت تصريحات لتقوض المساعي الرامية إلى تهدئة الخطاب الإعلامي المتشنج الذي يتسم بتبادل الاتهامات.

هيمن الهورامي: الاتحاد الوطني يضع عراقيل جمة أمام حكومة الإقليم
هيمن الهورامي: الاتحاد الوطني يضع عراقيل جمة أمام حكومة الإقليم

ولا تزال الأزمة السياسية والخلافات الحادة بين الحزبين تراوح مكانها. وبين الحين والآخر يطلق مسؤولون من كلا الجانبين تصريحات تتهم الطرف الآخر بتعقيد الأوضاع السياسية رغم تمسكهما بالانفتاح وقبول الحوار، وسط انعدام الثقة حيث يؤكد أحد أشهر قادة الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار أن “الحزبين فقدا الثقة ببعضهما البعض”.

ووصلت الأمور في الإقليم إلى حد أن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من الصراعات والخلافات القائمة بين الحزبين الحاكمين.

ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي، دون ذكر اسمه، قوله “إن الادارة الأميركية قلقة من التطورات الأخيرة بين الحزبين الرئيسيين”، مؤكدا أن واشنطن تدعم التعاون والتنسيق المشترك بين الحزبين لحل المشكلات الأساسية بينهما بشكل يصب في مصلحتهما ومصلحة الولايات المتحدة.

وفي أحدث تصريح لأحد مسؤوليه اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني غريمه السياسي الاتحاد الوطني الكردستاني بمحاولات التضليل بشأن قضية اغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف، فيما يشير مراقبون إلى أن الاتهام قد يزيد من احتقان وغضب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وفي مقابلة مع إحدى القنوات المقربة من حزبه أكد هيمن الهورامي، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، أن “أشخاصا من الاتحاد الوطني يحاولون تضليل الرأي العام والتغطية على القضية الإرهابية التي راح ضحيتها هاوكار جاف من خلال الحملات الإعلامية المضللة”، معتبرا أن قضية اغتيال هاوكار جاف “عملية إرهابية كبيرة وقعت في أربيل التي تحتضن 38 بعثة دولية ودبلوماسية فضلا عن تواجد مئات الشركات الأجنبية، لذلك لا يمكن التغاضي عن القضية لاسيما وأن هناك تحقيقات موثوقة بمقاطع فيديو واعترافات لمنفذي العملية”.

وأشار الهورامي إلى أن القضية كانت بداية للخلافات والتوتر القائم بين الحزبين، متهما من وصفهم بالإخوة في الاتحاد الوطني “بوضع عقبات وعراقيل جمة أمام حكومة إقليم كردستان”، لافتا إلى أن الإصلاحات التي أجرتها حكومة مسرور بارزاني حافظت على الكيان الدستوري لإقليم كردستان.

وأكد الهورامي أنه ينبغي أن “تسلك القضية مسارها القانوني لتتخذ السلطات القضائية إجراءاتها المطلوبة وفقا للقانون دون العمل على خلط الأوراق في القضية”، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ الحزب الديمقراطي الكردستاني بأنه في حال نشر الاعترافات بخصوص قضية اغتيال هاوكار جاف فستندلع حروب داخلية.

وفيما يتعلق بتقاسم السلطة وتوزيع المناصب أكد الهورامي أن الحزبين شريكان رئيسيان وأن هناك اتفاقا بينهما بخصوص توزيع المناصب الإدارية والحكومية على أساس الأصوات ومبدأ الاستحقاق الانتخابي والمقاعد البرلمانية لأي طرف، وبحسب الاتفاق المشترك فإن الاتحاد الوطني الكردستاني قد حصل على أكثر من استحقاقاته الانتخابية.

الصراع لا يقتصر بين الحزبين على المستوى السياسي، حسب مراقبين، بل يتم تسخيره لخدمة أهداف أخرى منها الاستفادة من العقارات والأراضي

كما أشار إلى أن قرارات حكومة إقليم كردستان لم يتم تنفيذها في المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني.

وبخصوص الإيرادات المالية والعائدات الجمركية والنفطية أشار الهورامي إلى أن حكومة الإقليم كانت قد طرحت فكرة تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين وزارتي الداخلية والبيشمركة، على أن تكون تحت إمرة نائب رئيس مجلس الوزراء قوباد طالباني، لكن طرفا في الاتحاد الوطني أبلغ الفريق الحكومي بأنه لا يمكن إرسال هذه القوة إلى المنافذ ضمن حدود السليمانية، وخلافا لذلك ستؤدي تلك الخطوة إلى اندلاع حرب داخلية.

ورد الاتحاد الوطني بالنفي على اتهامات مسؤولين في الحزب الديمقراطي بضلوع قادة أمنيين من الاتحاد في قضية اغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف، قائلا إن القضية ذات دوافع سياسية.

وأكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني عباس صحبت في تصريح لـ”العرب” أن “الاتحاد الوطني، وعبر رئيسه بافل طالباني والعديد من قيادات الحزب، أعلن قبل أيام أن الأبواب مفتوحة أمام الحزب الديمقراطي للتفاهم حول القضايا العالقة في العراق وإقليم كردستان، كما أن الاتحاد الوطني لديه ملاحظات جدية بشأن إدارة الحكم في إقليم كردستان ومسألة الشراكة إضافة إلى هيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني على مفاصل الحكم والمؤسسات الحكومية ومحاولاته الرامية إلى تهميش وإقصاء الاتحاد الوطني الكردستاني بشتى السبل والوسائل”.

وأضاف صحبت أن “الاتحاد الوطني التزم بما يقع عليه من مسؤوليات لتحقيق الشراكة بهدف إنهاء الأزمات التي تواجه إقليم كردستان”.

وفيما يتعلق بالاتهامات التي يوجّهها الحزب الديمقراطي إلى الاتحاد الوطني بخصوص إيواء الاتحاد عددا من المتورطين في مسألة اغتيال الضابط هاوكار جاف أكد صحبت أن “الاتحاد الوطني دحض كل تلك الادعاءات وفنّدها تفنيدا مطلقا، وأن الحزب الديمقراطي يحاول من خلال القضية ممارسة الضغط على الاتحاد الوطني الذي منع تصدير الغاز من إقليم كردستان إلى تركيا على شاكلة النفط الذي يشوبه الكثير من الفساد، لذلك فإن الاتحاد الوطني يدفع ضريبة التزامه بالمبادئ والأسس الصحيحة لإدارة موارد الإقليم، لأننا لا نشهد ذلك من قبل حكومة الإقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني، ومن ثم هناك العديد من الملفات التي يجب التعاطي معها بجدية والتي طرحها رئيس الاتحاد الوطني من خلال لقاءات عدة، وعلى رأسها استحقاقات حكومة الإقليم لدى الحكومة المركزية ومسألة المناطق المتنازع عليها، بالإضافة إلى الإيرادات المالية وآلية توزعيها بين محافظات الإقليم”.

الأمور في الإقليم وصلت إلى حد أن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من الصراعات والخلافات القائمة بين الحزبين الحاكمين

وتابع صحبت “وهناك أيضا مطلوبون قضائيا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحزب الديمقراطي الذي لم يكتفِ بإيوائهم فحسب بل شكّل لهم قوات عسكرية رغم أنهم متهمون بجرائم قتل واغتيالات، والآن هم أحرار في أربيل، ونحن ندعو إلى أن تأخذ مسألة اغتيال الضابط الأمني هاوكار جاف مجراها القانوني دون الإملاءات السياسية لأغراض ممارسة الضغط على طرف أو آخر؛ الاتحاد الوطني يأمل من الحزب الديمقراطي فتح صفحة جديدة لدرء المخاطر التي تهدد إقليم كردستان”.

وكشفت وزارة العدل في إقليم كردستان الخميس أن قوة كبيرة اقتحمت مديرية التسجيل العقاري في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية وصادرت مجموعة من الملفات.

وقالت الوزارة في بيان “هاجمت قوة قوامها نحو 50 شخصا مديرية التسجيل العقاري في جمجمال وطلبت من مدير الدائرة تسليم جميع قضايا منطقة قادر كرم والتي يتراوح عددها بين 350 و400 ملف دون أي كتاب رسمي صادر من القضاء أو من أي جهة رسمية”.

وأوضح البيان أن المدير لم يستجب لطلبهم فكسروا قفل بوابة غرفة الملفات، وأخذوا جميع ملفات ممتلكات منطقة قادر كرم، وصادروا قرص كاميرا المراقبة.

وعدت الوزارة هذا الفعل خرقاً لسيادة القانون، وتعدياً على هيبة مؤسسات حكومة إقليم كردستان وانتهاكا صارخاً لوثائق وملكية مواطني المنطقة.

وقالت وزارة العدل الكردستانية “إننا ندين ونستنكر بشدة هذا الاعتداء على الدوائر الحكومية، الذي يتعارض مع القانون والمصلحة العامة”.

ودعا بيان الوزارة الجهات الرسمية والأجهزة الأمنية في المنطقة ومكتب المدعي العام إلى الكشف عن هوية مرتكبي هذا الفعل في أقرب وقت ممكن واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعاقبتهم وإعادة تلك الملفات إلى مديرية التسجيل العقاري في جمجمال.

3