الخط العربي فن عاش تحولات كبرى

الكتاب يدرس تاريخ تطور الخط العربي وتحولاته إلى فن له بعد عالمي ومجال خصب للتجديد والابتكار.
الأربعاء 2024/06/19
من المعنى إلى الفن (لوحة للفنان ساسان نصرانية)

القاهرة – تحول الخط العربي من رموز للدلالة على المعرفة والأفكار والمشاعر إلى فن ولوحات إبداعية استهوت المعماريين والتشكيليين وغيرهم، ولم يقتصر هذا الاهتمام على العرب والمسلمين بل طال غير الناطقين بلغة الضاد محاولين اكتشاف أسراره وقراءة فلسفته، وهذا ما جعله محور العديد من البحوث.

وفي هذا الإطار يأتي كتاب “الخط العربي – السياق الجمالي والحضاري”، تأليف مشترك، ليدرس الخط العربي من زوايا مختلفة تاريخية وفكرية وثقافية وجمالية وفنية تشكيلية وغيرها من مقاربات هذا الفن العربي العريق.

فن له بعد عالمي
فن له بعد عالمي

وفي تقديم الكتاب الصادر عن دار خطوط وظلال نقرأ أن “ٱلْخط ٱلْعربي هو فن وتصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تستعمل الحروف العربية. تتميز الكتابة العربية بكونها متصلة مما يجعلها قابلة لاكتساب أشكال هندسية مختلفة من خلال المد والرجع والاستدارة والتزوية والتشابك والتداخل والتركيب”.

ويشدد الناشر على أن فن الخط يقترن بالزخرفة العربية حيث يستعمل لتزيين المساجد والقصور، كما أنه يستعمل في تحلية المخطوطات والكتب وخاصة نسخ القرآن الكريم. وقد شهد هذا المجال إقبالا من الفنانين المسلمين بسبب نهي الإسلام عن تصوير البشر والحيوان، خاصة في ما يتصل بالأماكن المقدسة والمصاحف.

وقد عمل الفنانون المسلمون طوال قرون على تحويل حروف اللغة العربية من وسيلة حاملة للمعاني إلى فن خصب بصياغته وتجسيده وتوظيفه جماليا راح يجاري الشعر والموسيقى في روعته.

وتاريخيا ازدهر الخط العربي بعد نزول الوحي على النبي محمد، إذ صار الاهتمام بالقراءة والكتابة شيئا مهما استجابة لقول الله تعالى “اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم” والقسم العظيم بالحرف وأداته إذ قال تعالى “نون والقلم وما يسطرون”، مما أضفى بعدا قدسيا على الحرف وجعل الخطاطين يعكفون على الاهتمام به وإتقانه حتى صار فنا له قواعد وأصول.

والمتأمل في سيرة هذا الفن يجد أنه تطور من الشكل البسيط الذي غلب عليه طابع الجمود إلى أنواع خطوط ذات مميزات جمالية وفنية عديدة نتيجة انتشار الإسلام جغرافيّا واستخدام الشعوب للحرف العربي، ما شكل حالة إثراء وتمازج ثقافي جوهرها التنوع الثقافي والجغرافي للشعوب التي تداولت الحرف العربي وزيادة توظيف فن الخط لدى الدولة الإسلامية في معظم جوانب الحياة ومظاهرها من عمارة وتدوين وفنون وغيرها.

وأي شخص يبدي اهتماما بالخط العربي لا بد له أن يتمرن على الكلاسيكيات التي ظهرت في العصر العباسي لكن يجب عليه أن يتجاوزها لاحقا في أعماله ويطور وألا يقع في التكرار كي يصبح ما يعمله فنا لا نقلا.

فن الخط يقترن بالزخرفة العربية
فن الخط يقترن بالزخرفة العربية

وتختلف الأعمال الفنية في الخط العربي في أساليبها ورؤيتها ومحاولات الفنانين لتقديم مفاهيم جديدة لهذه الحروف، وفي الأنساق الجمالية ودلائلها، والتي تأتي بأنماط معاصرة منها العضوي والهندسي والتجريدي والزخرفي، كما أن للألوان أيضا دورا مهما ورئيسيا عندما تعانق الحروف وتضفي على جماليات الخط أبعادا أخرى.

ومع تراكم التجارب الحديثة كما يبين الكتاب صار الخط العربي أيقونة من أيقونات التاريخ والحاضر والمستقبل العربي ووسيلة فنية مبهرة سواء في اللوحات أو المنحوتات أو العمارة.

وقد استطاع فنانو الخط العربي أن يواكبوا صور الحداثة الفنية، وقد ساعد على ذلك ظهور جيل من الخطاطين المبدعين الذين حافظوا على أصول الخط العربي، وعملوا على نشره حتى صار بين قوائم الخطاطين اليوم فنانون ينتمون إلى ثقافات ولغات مختلفة مثل الصينيين والإيطاليين وحتى البولنديين وغيرهم الكثير ممن أجادوا فنون الخط العربي وبرعوا في تقديم أعمال فنية مبهرة.

كما تناول الكتاب ما يثار عن المخاطر التي تواجه فن الخط العربي في ظل انتشار الرقمنة واستخدام أجهزة الكمبيوتر في إنجاز الأعمال المتعلقة بالخطوط العربية.

13