الخطاط عدنان الشيخ عثمان: لا بدّ من تعليم الفنانين الشباب القواعد الصحيحة لفنون الخط

التنافس بين الخطاطين في مصر والعراق وسوريا لا يزال مستمرا.
الاثنين 2023/03/27
الخط حرفة شديدة الدقة

يمتلك الخطاط السوري عدنان الشيخ عثمان موهبة ميزته عن الكثير من الخطاطين، وحجزت له مكانا مهما ضمن حركة الفن السوري والعربي، فاستطاع أن يُعرّف بتجربته داخل وخارج وطنه وأن يقدم رؤيته الخاصة لمستقبل فنون الخط، ويتخرج على يديه العشرات من الفنانين الموهوبين، فهو لا يزال يشدد على ضرورة تعليم الفنانين الشباب القواعد الصحيحة لفنون الخط، ليحافظوا على هذا الفن بخصوصيته العربية.

دمشق - استطاع الخطاط عدنان الشيخ عثمان أن يوصل صورة مضيئة عن المدرسة السورية في فنون الخط العربي إلى العالم عبر مسيرته الفنية والإبداعية الطويلة، وذلك بفوزه بالعديد من الجوائز العالمية، ومشاركته كمحكم بالكثير من المسابقات الدولية، حتى أنه صار يعدّ أحد رواد الخط في سوريا والعالم العربي.

وتعلم الشيخ عثمان وهو من مواليد مدينة حمص عام 1959، فن الخط العربي من خلال اطلاعه على كنوزه الخالدة وآثار الخطاطين العظماء وطور موهبته بالمثابرة على البحث والدراسة، حيث تمكن من الإلمام بقواعد فن الخط وأسس وطرز الخط العربي وأتقن ممارستها إلى أن اختط لنفسه أسلوبه الخاص والمبتكر، الذي يقتفي آثار الخطاطين العظماء. ومكنه اطلاعه على مدارس الخط الكبرى العربية والتركية والفارسية من إتقانها علما وعملا.

عدنان الشيخ عثمان أحد رواد الخط في سوريا والعالم العربي، تعلم فن الخط من خلال اطلاعه على آثار الخطاطين العظماء
عدنان الشيخ عثمان أحد رواد الخط في سوريا والعالم العربي، تعلم فن الخط من خلال اطلاعه على آثار الخطاطين العظماء

وحول بداياته، قال الخطاط الشيخ عثمان “نشأت على تعلم القرآن الكريم وأحكام تجويده، ما خلق بداخلي حباً وشغفاً كبيرين للغة العربية في نحوها وصرفها وبلاغتها، وحفظت كما كبيرا من عيون نثرها وشعرها وكنت في عمر العشر سنوات، فكانت اللغة العربية جواز سفري للدخول إلى محراب الخط العربي”.

وأضاف “جذبتني خطوط عناوين الكتب المدرسية التي كان في فترة الستينات يكتبها الخطاط الراحل الكبير محمد بدوي الديراني الذي يعتبر من أعلام الخط العربي على مستوى العالم إلى جانب أعلام ذلك الوقت، أمثال الخطاط عبدالهادي زين العابدين من حمص، والخطاط العراقي محمد هاشم البغدادي صاحب الكراس الشهير بعنوان (قواعد الخط العربي)، والأديب والخطاط الكبير سيد المصري”.

وأوضح الفنان أنه كان يقلد كتابة تلك العناوين رسما بقلم الرصاص المفرغ باعتباره طفلاً صغيرا، ليعشق هذا الفن دون معلم يرشده، وليبدأ رحلته الطويلة مع فنون الخط العربي، ويحصد خلالها ثلاث عشرة جائزة دولية على مستوى العالم.

ويشارك الشيخ عثمان على الصعيد المحلي كضيف شرف في أغلب الفعاليات التي تقيمها جمعية بيت الخط العربي والفنون سواء المعارض أو الندوات أو ورشات العمل، بهدف نقل خبرته الكبيرة إلى الأجيال الجديدة من طلاب ومحبي الخط العربي.

وأكد المحكم بلجان دولية في عدة مسابقات بفنون الخط العربي أن الخطاطين السوريين يحققون تواجدا عالميا متألقا ومتميزا، وهم متواجدون دائما على منصات التتويج في هذه المسابقات الدولية، مبيناً أن المسابقات الدولية بفنون الخط العربي بدأت عام 1986 ومذاك وسوريا تحقق حضورا لافتا وتتبوأ المراكز الأولى.

وأشار الشيخ عثمان إلى أن هناك تنافسا كبيرا بين الخطاطين في ثلاث دول عربية بشكل أساسي ومستمر، هي مصر والعراق وسوريا كونهم ينتمون إلى مدارس عريقة في هذه الفنون سواء على الصعيد العربي أو العالمي.

ويتوجه الخطاط المعلم إلى جيل الشباب من الخطاطين بالقول “لا بد من الاهتمام بتعلم القواعد الصحيحة لفنون الخط، لأن ما يملكه الخطاط هو بثلاثة أرباعه ممن سبقوه في هذا المجال، والربع المتبقي هو نتيجة الاجتهاد والإبداع الشخصي مع التحلي بالطموح والإصرار مع إنكار الذات والتواضع والإخلاص المنقطع النظير لهذه الرسالة الحضارية، وعندها يتحقق المراد ويصل الشخص إلى هدفه، ليكون فنانا في فنون الخط العربي، ويكمل مسيرة الرواد في المدرسة السورية للخط”.

وأكد الشيخ عثمان أن المدرسة الشامية (السورية) في فنون الخط العربي كانت وما زالت متألقة، ولها مرتبة الصدارة على مستوى العالم، مبينا أن جيل الشباب من الخطاطين والدارسين سوف يحمل لواء الحفاظ على هذه المدرسة العريقة وتطويرها، بما يعكس الإرث الحضاري والثقافي المهم الذي تتميز به.

أسلوب فني مميز
أسلوب فني مميز

يشار إلى أنه إلى جانب حرفة الخط، يمتلك الفنان عثمان صوتا رخيما ومعرفة واسعة بالمقامات الموسيقية، ويمارس الأدب نثرا وشعرا. ويقول إن فصاحة اللسان كانت جواز سفره إلى فصاحة اليد والقلم.

كما تجدر الإشارة إلى أن الخطاط الشيخ عثمان عمل مدرسا لفنون الخط العربي في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، وألقى العديد من المحاضرات العلمية في فن الخط العربي في سوريا وعدد من الدول العربية والإسلامية، وهو مشارك في مسابقات الخط العربي الدولية التي تنظمها منظمة إرسيكا منذ عام 1986 وحتى الآن وفاز بـ13 جائزة دولية، كان آخرها عام 2004 هي جائزة المركز الأول في الخط الديواني الجلي.

وخلاف الكثير من الخطاطين يرى الشيخ عثمان أن التقدم التقني وعصر المعلوماتية أعطى للخطاط مساحة أوسع للتفرغ لفنه بعد أن كان في الماضي يقوم مقام المطبعة من خلال عمله في نسخ الكتاب الأمر الذي يستغرق وقتا طويلا معتبرا أن التحول الآخر المهم دخول اللوحة الخطية ميدان الفن التشكيلي.

ولإيمانه الشديد بأهمية فنون الخط وارتباطها الوثيق بالهوية العربية والإسلامية، يدعو الخطاط منذ سنوات إلى إحداث أكاديمية سورية عربية لفن الخط العربي مع تأمين الدعم اللازم لها.

ودُعي الفنان الشيخ عثمان العديد من المرات لإلقاء العديد من المحاضرات العلمية في فنّ الخط العربي في عدد من الدول العربية. وشارك في مسابقات الخط العربي الدولية، وعن تميزه مقارنة بمجايليه، يقول الباحث العربي الإسلامي أحمد المفتي “يتميز أسلوب الفنان الخطاط عدنان الشيخ عثمان بالبساطة والسهولة والوضوح والوَضاءة، وهو أقرب إلى السهل الممتنع، الذي يشدّك ويغريك، ويرفعك إلى سُـدَّة التأمل والانعتاق من الواقع إلى المجرد المطلق. لقد أعاد الأستاذ عدنان الخط إلى سابق عهده، وبوّأه مكانة رفيعة، وجعله في قمة الفنون التشكيلية جلالا، وبهاء، وإشراقا”.

15