الخطاط الجزائري خالد سباع: الخط العربي يمنح مجالات أوسع لصياغة روائع فنية

الجزائر - يُواصل الخطاط الجزائري خالد سباع إبهار متابعي أعماله الفنيّة بلوحاته المتميّزة التي توّجها في الفترة الأخيرة بلوحة حروفيّة مقاس 80/60 سم، وهي على شكل جواد عربيّ أصيل، استخدم في إنجازها تقنية الأكريليك والورق الذهبي.
ويقول هذا الخطاط الذي ينحدر من ولاية خنشلة (شرق الجزائر) إنّ التراث العربي الإسلامي حافلٌ بمآثر تبيّن المكانة الكبيرة التي يحتلُّها هذا الحيوان الذي أسر الإنسان العربي بجماله الأخّاذ، إذ يؤكد بالقول “الخيل قصيدة تُغني عن الشعر والشعراء، وسوارُها حرفٌ عربيٌّ”.
الخطاط يعتبر أن الحرف العربيّ طيّعٌ إلى درجة يُمكن للخطاطين أن يصوغوا منه روائع فنيّة
ويُضيف سباع في تفسيره لهذه اللّوحة أنّه استخدم فيها حروفًا متموّجة باللّون الأصفر في قاعدة اللّوحة للدلالة على رمال الصحراء المتحرّكة التي تطويها الجيادُ العربيّة طيًّا. كما استخدم اللّون الأسود كخلفية في هذه اللّوحة للدلالة على سواد اللّيل الذي ارتبط في الثقافة العربية بالسّمر وليالي الأنس، إضافة إلى أنّه اعتمد على مقاس 80/60 سم، الذي يستخدمه في كثير من لوحاته، لكونه المقاس المناسب للعرض في أغلب الأماكن كصالات العرض، أو البيوت، أو المتاحف.
ويعتبر هذا الخطاط أن الحرف العربيّ طيّعٌ إلى درجة يُمكن للخطاطين أن يصوغوا منه روائع فنيّة.
ويُضيفُ سباع أنّه لا يقتصرُ في عمله على الخط العربي، إذ يشتغل على مختلف خطوط اللُّغات الأخرى، وهو منفتحٌ عليها جميعًا، إذ يشتغلُ حاليًّا على لوحات يستخدم فيها حروف اللُّغة اليابانية.
أمّا عن الخامات، فيؤكد سباع أنّه لا يتردّد في استخدام كلّ الخامات المتوفّرة كالرسم على القماش باستعمال مختلف الألوان المائية والزيتية، فضلًا عن النحت على الخشب أو النحاس، إلى غير ذلك من المواد التي تتوفّر بين يديه.
من جهة أخرى، لا يتردّد هذا الخطاط الحروفيُّ في استلهام مواضيع أعماله الفنيّة من بعض مقولات التراث المحليّ الجزائريّ، وكذلك الحليّ التقليدية، والزربية البربرية المشهورة في منطقة خنشلة، والتي استخدم بعض أشكالها ورموزها في واحدة من أجمل لوحاته.
ويعتبر سباع أنّ أعماله الحروفية تختلف عن أعمال زميله الخطاط الحروفيّ الراحل الطيب العيدي (1971 – 2022) من حيث تنوُّع الخامات المستخدمة فيها؛ وهو يردُّ ذلك إلى أنّه تلقّى تكوينًا أكاديميًّا في مدرسة الفنون الجميلة جعله يُنوّع من الخامات المستخدمة في لوحاته، على عكس الفنان العيدي الذي اقتصر في أعماله الحروفيّة على ما وفّرته له موهبته وتكوينُه العصاميّ البحت.
يُشار إلى أنّ سباع يُعتبر واحدًا من أهمّ الخطاطين الجزائريين الذين أثروا مدوّنة الخط بالكثير من الأعمال التي نالت العديد من الجوائز في الكثير من مهرجانات الخط العربي الدولية التي نُظّمت في الجزائر وخارجها، كما شارك في لجان تحكيم مسابقات الخط العربي في العديد من المهرجانات كان آخرها المهرجان الدولي للخط العربي الذي احتضنته ولاية المدية (جنوب الجزائر) عام 2022.
والفنان خريج المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر سنة 1992، ونال عدة جوائز في الفن التشكيلي منها: الجائزة الأولى في المهرجان الوطني للفنون التشكيلية بسكيكدة، طبعتي 1993 و2000.
ومنذ بدأ مسيرته الفنية حمل الفنان على عاتقه الإبداع من خلال الحرف وخاصة الحرف العربي حيث يقول في إحدى تصريحات السابقة “أوظف الحرف العربي في لوحاتي بشكل مكثف، وهذا لحتمية جماليات اللوحة. ليست هناك خلفيات، فكلّ لوحة لها متطلباتها وضروراتها تلزمك مراعاة وتفادي انتقاد اللوحة من ناحية اللون أو التركيب، ثم الشكل أو الأسلوب”.
ويتابع “اتخذت من الحرف العربي تشكيلا للوحاتي، وهذا ما أعياني لسنوات من البحث والتجريب للانفراد عن غيري بهذه الطريقة، حيث كانت البداية بلوحة أحادية اللون (أسود على أبيض)، إلى أن أصبح الأمر يتطلب اجتهادا أكثر لتوسيع دعائم اللوحة وخاماتها، إذ كانت لي عدة أعمال على القماش وألواح الخشب والورق بمواد مختلفة”.
ويشدد الفنان على أن “الحرف العربي أهم عنصر أشكّل به أعمالي، وهذا لأني أرى أن هذا الحرف طيّع وله أشكال عمودية وأفقية مما سهل عليّ الغوص أكثر في إيجاد كمّ هائل من اللوحات بهذا الحرف. أنا لا أكتب كلمة أو جملة ولا أقيّد الحرف بالمقاييس المعمول بها؛ فله الحرية التامة عندي بغرض الوصول به إلى مضاهاة اللوحات التي تنتمي إلى المدارس الحديثة”.