الحوثيون ينوعون أساليب انتهاك إنسانية الصحافيين

الصمت الدولي وإفلات الجناة من العقاب شجعا على وحشية استهداف الصحافيين.
الجمعة 2020/01/03
عمل شديد الخطورة في اليمن

يعتبر كل صحافي يمني مشروع معتقل، خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تستمر ملاحقة الصحافيين والناشطين والمدونين المتبقين في البلاد على قلتهم لأسباب مختلفة، ويقبعون لأشهر وحتى سنوات في السجون دون محاكمة في ظروف قاسية، حيث تنتهك كرامتهم الإنسانية.

صنعاء - ظهر الصحافي اليمني عبدالحافظ الصمدي بجسم هزيل ومنهك وفي وضع صحي متدهور، وتبدو عليه آثار التعذيب والإهمال الصحي، خلال جلسة تحقيق بعد أشهر من الإخفاء القسري والاعتقال غير القانوني في سجون الحوثيين، وهو ما أكده محاميه عبدالمجيد صبره.

وقالت نقابة الصحافيين اليمنيين، في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك، إنها تابعت بدء التحقيق مع الصحافي عبدالحافظ الصمدي أمام النيابة الجزائية بصنعاء بعد أكثر من خمسة أشهر على اختطافه.

وأوضح المحامي عبدالمجيد صبره في منشور على حسابه في فيسبوك، “حضرنا جلسة التحقيق الأحد مع الصحافي عبدالحافظ هزاع ثابت الصمدي حيث تم إدخاله غرفة التحقيق وقد كان جسمه هزيلا وضعيفا جدا وعظام وجهه بارزة، ومظهره الخارجي يدل دلالة قاطعة على نوع المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطّة بالكرامة، وكذلك على التعذيب الجسدي والمعنوي الذي تعرض له خلال فترة اعتقاله غير القانونية لمدة خمسة أشهر منذ تاريخ اعتقاله في 27/7/2019 حتى تاريخ إحالته على النيابة، وقد كان في ثلاثة أشهر ونصف الشهر منها مخفيا قسرا، حيث كان أول اتصال له بأهله في10/11/2019”.

وأضاف المحامي “كان لسوء التغذية الذي تعرض له، وكذلك عدم الرعاية الطبية والصحية والتعذيب المتنوع، الدور الأكبر في ظهوره بذلك الشكل، فقد تكلم في محضر التحقيق أنه يعاني من مرض القولون والضغط وضيق في التنفس وورم في ظهره ولم تتم معالجته من تلك الأمراض”.

وتحدث المحامي في منشوره عن أساليب التعذيب القاسية التي تعرض لها الصمدي الصحافي السابق لدى صحيفة أخبار اليوم.

نقابة الصحافيين حملت الحوثي المسؤولية الكاملة عن المعاملة القمعية والتنكيل بالصحافيين المختطفين

وأدانت نقابة الصحافيين اليمنيين، “المعاملة القاسية” التي يتعرض لها الصمدي، مطالبة بسرعة الإفراج عنه وعن بقية الصحافيين.

وحملت النقابة جماعة الحوثي كامل المسؤولية عن “المعاملة القمعية والتنكيل الممنهج تجاه الصحافيين المختطفين”.

ويعاني الصحافيون المعتقلون في سجون الحوثي من ظروف مماثلة وشتى أنواع التعذيب والإهمال الصحي الذي تسبب في إصابتهم بأمراض مزمنة تهدد حياة البعض منهم، إضافة إلى منع أسرهم وذويهم من زيارتهم.

ويعتبر كل صحافي يمني مشروع معتقل خصوصا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تستمر ملاحقة الإعلاميين والناشطين والمدونين المتبقين في البلاد على قلتهم، وتعرض الصحافي سلطان قطران في نهاية ديسمبر الماضي، للاعتقال من قبل الأمن السياسي في صنعاء.

وتساءل صحافي من زملاء قطران “هل يريد الحوثيون إفراغ العاصمة من الصحافيين، أشك في قدرتنا على الاحتمال أكثر”.

وقالت نقابة الصحافيين إنها “تتابع قضية اختطاف سلطان قطران منذ اختطافه في صنعاء مواكبة لكل الجهود الساعية إلى إطلاق سراحه، والتي طلبت إعطاءها فرصة بناء على طلب بعض الصحافيين وأسرة قطران، إلا أننا لم نلمس أي خطوات تترجم تلك الوعود المتكررة بالإفراج عنه”.

ودعت النقابة كافة الأطراف إلى إيقاف مطاردة وترويع الصحافيين، والكف عن استهدافهم وإقحامهم في الصراعات والخلافات السياسية وعدم التعامل معهم بطريقة عدوانية .

كما طالبت كافة الأطراف بتوفير بيئة آمنة للعمل الصحافي بعيدا عن حالة العداء التي تبديها كل الأطراف تجاه الصحافة والصحافيين.

ورصدت عدة تقارير إعلامية يمنية أوضاع الصحافيين اليمنيين والحريات المتدهورة في البلاد، فقد أعلن “مرصد الحريات الإعلامية” اليمني التابع لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (غير حكومي)، تسجيل 143 انتهاكا ضد الحريات الإعلامية بالبلاد   خلال 2019.

وأوضح التقرير أن من بين الانتهاكات الـ143 التي تعرض لها الإعلاميون، حالتيْ قتل، و9 حالات إصابة، و6 حالات اختطاف، و15 حالة اعتقال، و30 حالة اعتداء، و20 حالة تهديد، وحالة إيقاف واحدة عن العمل، و11 انتهاكا ضد مؤسسات إعلامية.

وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات المتبقية، توزعت على عدد من الحالات منها إحالة صحافيين على النيابة، وتعميم بعدم التوثيق والتصرف بممتلكات 25 صحافيا ووسيلة إعلامية تمهيدا لمصادرتها.

يعاني الصحافيون المعتقلون في سجون الحوثي من ظروف مماثلة وشتى أنواع التعذيب والإهمال الصحي الذي تسبب في إصابتهم بأمراض مزمنة

ولفت إلى أن الصحافيين في اليمن يعملون في بيئة معادية، بسبب تزايد الممارسات القمعية الممنهجة ضدهم من قبل أطراف الصراع.

وذكر أن جماعة الحوثي تصدرت قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحافيين في اليمن، بواقع 75 انتهاكا من إجمالي الحالات المسجلة خلال العام الماضي. فيما قال إن 37 حالة انتهاك ارتكبتها أطراف تابعة للحكومة اليمنية.

وأوضح أن 11 مؤسسة إعلامية تعرضت خلال 2019 لانتهاكات مختلفة، تنوعت بين 4 حالات نهب ممتلكات وسائل إعلامية، وحالة اقتحام لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بمحافظة عدن (جنوب)، و4 حالات اعتداء على مؤسسات إعلامية.

وأكد المرصد أن حالة الصمت الدولي وإفلات الأطراف من العقاب شجعا على وحشية التعامل مع الصحافيين واستهدافهم، بما في ذلك جرائم القتل العمد والتعذيب وتهديد السلامة الشخصية للصحافيين.

وتطرق التقرير إلى أنه لا يزال هناك 18 صحافيا يقبعون في سجون جماعة الحوثي والحكومة اليمنية وتنظيم “القاعدة”، من بينهم 16 صحافيا في سجون الحوثيين مرت على أكثرهم أربعة أعوام. فيما يوجد صحافي آخر معتقل لدى الحكومة اليمنية بمحافظة مأرب، بينما لا يزال الصحافي محمد المقري، معتقلا لدى تنظيم “القاعدة” بحضرموت أثناء سيطرته على المكلا في 2015، ولا يعرف مصيره حتى اليوم.

واستهل عدد من الصحافيين والأدباء والناشطين العام الجديد، بالاحتشاد الأربعاء للتنديد بما قامت به مجموعة مسلحين من ميليشيات الحوثي، من اقتحام لمبنى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في محافظة ذمار، موجهين رسائل للبعض من قيادات وأعضاء الاتحاد من أجل الحضور والتضامن أيضا لاستعادة مبنى الاتحاد.

وطالب المحتجون السلطة المحلية بسرعة إخراج المسلحين من مقر الاتحاد وتحمّل المسؤولية الكاملة.

وكانت مجموعة من المسلحين التابعين لميليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، قد استولت، صباح الثلاثاء، على مقر الاتحاد العام للكتاب اليمنيين فرع ذمار. وهذا الاعتداء ليس بجديد، فقد تم السطو على المبنى نفسه  في عام 2018.

18