الحوثيون يقدّمون التنازلات في مفاوضات مسقط بعد هزيمة عدن

صنعاء – كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” من العاصمة العمانية مسقط النقاب عن تنازلات غير مسبوقة قدمها الوفد الحوثي الذي غادر إلى مسقط قبل يومين برفقة أفراد من أسرة وأقرباء الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وقالت المصادر إن الوفد الحوثي وافق على الانسحاب من المدن التي مازالت تحت سيطرته وتسليم السلاح الثقيل غير أن نقاط الخلاف بحسب المصدر تتركز حول دور الحوثيين في المرحلة القادمة ورفض الحكومة اليمنية بقاء الجيش اليمني في مواقعه وهو الأمر الذي يطالب به المتمردون، خصوصا تمسكهم باتفاق السلم والشراكة الذي أبرم في سبتمبر 2014 تحت قوة السلاح.
وترى الحكومة اليمنية أن الجيش اليمني تمّ العبث ببنيته الأساسية من قبل الحوثيين بعد إسقاط العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي والسيطرة على معظم المعسكرات والألوية العسكرية والأمنية. كما يرفض الجانب الحكومي في مفاوضات مسقط أي دور للجيش الحالي الذي قالوا إنه ساهم في قتل اليمنيين.
وأضافت المصادر لـ”العرب” أن الحوثيين مازالوا يصرون على أن يتم تنفيذ تلك الخطوات من قبلهم تحت لافتة مخرجات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة بينما تصر الحكومة اليمنية على امتثال الحوثيين وحليفهم صالح لقرار مجلس الأمن 2216.
ووصفت المصادر المفاوضات في مسقط بأنها الأكثر جدية من قبل الطرف الحوثي في ظل الإخفاقات المتتالية التي يتلقونها على الأرض واقتراب قوات التحالف العربي والجيش الوطني اليمني مسنودا بالمقاومة الشعبية من حسم المعركة في معظم المحافظات اليمنية التي كانت تقع تحت سيطرة الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق.
وتجري مفاوضات مسقط على هامش الحرب الدائرة في البلاد، ولم يكن لها أيّ تأثير على مجريات الحرب، وخاصة ما تعلق بالتهدئة لفسح المجال للحل السياسي.
وتواصل المقاومة الشعبية في محافظة إب تحرير مدن المحافظة بشكل متسارع ولافت يوحي بحسب مراقبين بانهيار هائل في صفوف الميليشيات الحوثية التي تلقت في الأيام الماضية سلسلة من الهزائم في مختلف الجبهات.
ويرى محللون عسكريون تحدثوا لـ”العرب” أن حالة من الإحباط بدأت تتسلل إلى صفوف المقاتلين الحوثيين الذين أنهكتهم الحروب التي أشعلها زعيم الجماعة الحوثية في عشرات المناطق اليمنية.
وقد ساهم القصف الجوي لطائرات التحالف العربي في قطع طرق الإمدادات العسكرية للميليشيات الحوثية إضافة إلى تلقيها ضربات موجعة من المقاومة الشعبية والجيش الوطني في جنوب اليمن وهو الأمر الذي ساهم في خلق حالة من الذعر وانقطاع الاتصالات وتحويل المجاميع المقاتلة إلى جزر مقطعة الأوصال غير قادرة على الاستمرار في القتال أو تنظيم صفوفها.
ويرى المحللون أن الانتصارات التي حققتها المقاومة الشعبية في عدد من محافظات شمال اليمن وخصوصا إب والبيضاء ناتج على الأرجح عن حالة فرار جماعي للعناصر الحوثية التي لم تستطع أن تحقق أيّ نصر أو تحافظ على وجودها في تلك المحافظات نتيجة عدم تلقيها أيّ امدادات بالمقاتلين والعتاد في ظل انشغال الحوثيين بالحرب في جبهات أخرى أكثر اشتعالا كما هو الحال في مأرب وتعز.
وقال حسين صالح الجنيدي وكيل محافظة أبين إن المقاومة تمكنت من السيطرة على منطقة العين بلورد وجبل عكد، وحاصرت الحوثيين وسط مدينة لودر من جميع الاتجاهات.
وأشار إلى غارات عنيفة شنها طيران التحالف على تجمعات الحوثيين في عقبة ثرة ومكيراس حيث سمع دويّ انفجارات عنيفة. وأكد أن هناك العديد من أسرى الحوثيين والقوات الموالية لصالح لدى المقاومة الشعبية.
وقال “ماهي إلا ساعات وتعلن محافظة أبين محافظة محررة، وبعدها ستتجه المقاومة نحو مدينة شبوة لتحريرها”.
وكانت المقاومة الشعبية قد حررت في وقت سابق عدة مناطق في أبين بعد مواجهات دارت مع الحوثيين، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات معظمهم من المتمردين.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” من محافظة مأرب شرق اليمن أن قوات التحالف والجيش الوطني يقومان بعملية حشد عسكري غير مسبوقة استعدادا على الأرجح لحسم المعركة في مأرب والتقدم صوب العاصمة صنعاء.
وأعلن الحوثيون حالة الطوارئ في العاصمة صنعاء وهو الأمر الذي أتبعوه بسلسلة من الاعتقالات في صفوف قيادات وعناصر من حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخواني) في ظل تصاعد المخاوف الحوثية من تحرك خلايا عسكرية نائمة في صنعاء في حال اقتربت المعارك من أسوارها.
واتهمت قيادات حوثية الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعقد صفقة مع دول الخليج تضمن حياته والسماح له ولأسرته بمغادرة اليمن والمشهد السياسي دون أي محاسبة.
وقالت تلك القيادات إن صالح قام من خلال وحدات الحرس الجمهوري بتسهيل سقوط عدد من المحافظات وعدم الانخراط في القتال بشكل جدي من قبل تلك القوات.
ويرى الكثير من المراقبين أن تلك القيادات كانت تضخّم من قدرات الحوثيين الحقيقية على الأرض والتي لم تستطع الصمود في مواجهة مقاومات شعبية لا تمتلك أيّ خبرة عسكرية أو تسليح ثقيل، ما يكشف أن المتمردين كانوا لعبة بيد الرئيس السابق.