الحوثيون يدفعون بموجات بشرية لإضعاف القوات الحكومية في مأرب

مأرب (اليمن) - اتهم قائد عسكري يمني الحوثيين بالدفع بموجات من المجندين الشبان، بينهم أطفال، في معركة مأرب بهدف إضعاف القوات الحكومية واستنفاد ذخيرتها.
وقال المسؤول العسكري، الذي فضل عدم ذكر اسمه، عند جبهة الكنائس شمال المدينة إن "الاستراتيجية التي يتبعها الحوثي تهدف إلى إرهاق الخصم".
وهذه الاستراتيجية أكدها مسؤولون يمنيون آخرون بمن فيهم محافظ مأرب سلطان العرادة، حيث يرى القائد العسكري أن "الحوثيين لا يهتمون بعدد الرجال الذين يموتون" في صفوفهم.
ويؤكد أنهم، رغم ذلك، "لن يتمكنوا من الوصول إلى مأرب مهما كان الثمن".
وسبق أن اتّهم تقرير صادر عن وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الحوثيين بتجنيد 4 آلاف و638 طفلا منذ نهاية سبتمبر الماضي وحتى مطلع العام الجاري.
ويمكن أن تؤدي المعارك التي تدور حول مدينة مأرب، الاستراتيجية الغنية بالنفط، وهي آخر معقل للحكومة المدعومة من السعودية في شمال البلد الفقير، إلى تغيير كبير في مسار النزاع الذي دخل عامه السابع.
وستشكّل خسارة مأرب، إن حصلت، ضربة قوية للحكومة، وتعزّز موقف المتمردين المدعومين من إيران في أي مفاوضات مستقبلية، وقد تدفعهم إلى محاولة التقدم جنوبا.
وقُتل المئات من المقاتلين منذ بدء الهجوم واسع النطاق في فبراير، وفقا لمصادر محلية، في وقت يشير مسؤولون في القوات الموالية للحكومة إلى أن المتمردين يرسلون دفعات متتالية من مقاتليهم نحو مأرب.
وعادة ما تتبع المعارك التي تستمر ساعات فترة هدوء قصيرة تستغل لجمع الجثث، وبعد ذلك تتحرّك مجددا، وفق القائد العسكري، مجموعات من المقاتلين الحوثيين تحت غطاء قصف متواصل.
وتشكّل مدينة مأرب وبعض المناطق النائية المحيطة بها آخر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة في الشمال، فيما تخضع باقي المناطق لسيطرة المتمردين، بما في ذلك العاصمة صنعاء الواقعة على بعد نحو 120 كلم غرب مدينة مأرب.
واستأنف الحوثيون في فبراير الماضي هجومهم على المدينة بتعزيزات عسكرية كبيرة.
وتنتشر في مدينة مأرب، عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، ملصقات بأسماء وصور قادة عسكريين سقطوا في المعارك، وكذلك نقاط تفتيش.
ومحافظة مأرب موطن لمئات الآلاف من المدنيين الذين نزحوا بسبب الصراع المستمر منذ منتصف 2014، وهم يواجهون احتمال النزوح مرة أخرى عن بلد تتناقص فيه الملاذات الآمنة.
وتقول هالة الأسود (40 عاما)، وهي أم لأربعة أطفال تعيش في السويداء، أحد المخيمات البالغ عددها 140 في المحافظة، "زوجي فقد عقله" بسبب الحرب والنزوح المستمر، مضيفة أنه "أصبح يضرب الأطفال".
وكان التصعيد في الأعمال الحربية تسبّب في نزوح 13600 شخص إلى مدينة مأرب هذا العام، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما وضع ضغطا شديدا على المدينة في خضم موجة ثانية لفايروس كورونا.
وفيما تعاني المخيمات من نقص المياه النظيفة والكهرباء، تتزايد الأعداد في بعضها، بينما تتعرض بشكل متكرر للقصف.
وتقول امرأة في مخيم السويداء إنها أجهضت بسبب التوتر الناجم عن الحرب، بينما كانت امرأة أخرى تكشف عن جرح شظية في فروة رأس ابنها.
وحملت طفلة قطعة معدنية ملتوية قالت إنها شظية قذيفة أصابت مخيمها.
ويقول عرفات (31 عاما)، وهو من سكان المخيم وأب لستة أطفال، "وقف إطلاق النار ضروري"، وإلا "فسنموت جميعا هنا".
وفي مارس الماضي، رفض الحوثيون دعوة السعودية إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد. وبدلا من ذلك، صعّدوا الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية نحو عمق المملكة، التي توفر الدعم الجوي للقوات الموالية للحكومة في معارك مأرب.
وانتقد مسؤولون في السعودية قرار الرئيس الأميركي جو بايدن العودة عن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وهو تصنيف كان قام به سلفه دونالد ترامب، قائلين إن هذه الخطوة شجّعت المتمردين.
ويدافع المسؤولون الغربيون عن قرار بايدن قائلين إن التسمية كانت ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، من دون أن تؤثر بأي شكل من الأشكال على القدرات العسكرية للحوثيين.
وقال مسؤول غربي إنه انتقد هجوم مأرب ووصفه بأنه "خطأ فادح"، خلال محادثات مباشرة مع مفاوضين حوثيين، مشيرا إلى أن ذلك لم يلق آذانا صاغية.
واستجابت قبائل مأرب للدعوات المحلية بغية إرسال مقاتلين لتعزيز الخطوط الأمامية في المدينة إلى جانب القوات الموالية للحكومة.
ويرى العديد من رجال قبائل مأرب الذين يصفون أنفسهم بأنهم "أبناء الصحراء"، ميزة عسكرية في المشهد الصحراوي المنبسط، معتبرين أن الأرض المستوية تمنحهم ميزة على الحوثيين الأكثر مهارة في حرب الجبال.