دبي- تسابق الإمارات الزمن لترسيخ استخدام الحلول المبتكرة في الزراعة بتحسين الإنتاجية وزيارة المساحات الصالحة للزراعة، في ظل تأكيد الخبراء بأن التغيرات المناخية صارت عائقا كبيرا أمام الحكومات لحماية الأمن الغذائي.

وتتسارع خطوات الإماراتيين نحو اعتماد التكنولوجيا لتطوير أساليب الزراعة لبلوغ أعلى درجات الاستدامة حتى في أوقات الجفاف لتوفير الغذاء للسكان.

ونجح البلد مجددا في إثبات جدوى خططه المتعلقة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء عندما عزز رهانه على الحلول المبتكرة لإنتاج المحاصيل في طبيعة قاسية وظروف مناخية صعبة مع قلة مصادر المياه.

ودشنت شركة سوكوفو الثلاثاء مزرعة عمودية في مدينة دبي الصناعية التابعة لمجموعة تيكوم، لإنتاج آلاف الأطنان من الخضروات الورقية والخضروات الدقيقة سنويا في إطار التوجه المتزايد نحو المبادرات التي تحفّز على الاستثمار في الإنتاج المستدام للأغذية.

ويأتي افتتاح المزرعة انسجاما مع مبادرات الإمارات الهادفة إلى تحقيق الأمن الغذائي، والتي تُعدّ من المواضيع التي تحظى بالأولوية ضمن أجندة الدورة الثامنة لمؤتمر الأطراف (كوب 28).

وأكد هارش غرباني، مالك سوكوفو، أن مدينة دبي الصناعية تلعب دورا محوريا داعما في كافة مراحل إنشاء هذه المزرعة.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن غرباني قوله إن المشروع “يرتكز على ممارسات مستدامة بإعادة تدوير المياه المستهلكة واستخدامها من جديد، مع الحرص على الاستفادة من ضوء الشمس الطبيعي، ضمن بيئة زراعية يمكن التحكّم بحرارتها”. وأوضح أن المشاريع المبتكرة في المجال الزراعي تدعم أهدافها المرتبطة بتحقيق الأمن الغذائي.

وتبلغ مساحة مزرعة سوكوفو المرتبطة بمنطقة مخصّصة للأطعمة والمشروبات في مدينة دبي الصناعية أكثر من 100 ألف قدم مربّع، بمساحات مبنيّة تزيد عن 20 ألف قدم مربّع، فيما تبلغ الطاقة الإنتاجية 360 طنا سنويا.

وتنتج المزرعة محاصيل طازجة مثل الكرنب والسبانخ والخس والريحان وإكليل الجبل وغيرها الكثير من الخضروات. وأشار سعود أبوالشوارب النائب التنفيذي لرئيس مجموعة تيكوم إلى أن تحديات الزراعة في المناطق الصحراوية باتت من الماضي.

وقال “لقد باتت المزارع العمودية توفر حلولا رائدة لإنتاج منتجات غذائية طازجة، في ظلّ ازدياد الطلب عليها بفعل النمو المستمرّ في عدد السكان بدولة الإمارات”.

وأوضح أن مزرعة سوكوفو المجهّزة بأحدث تقنيات الزراعة المائية في مدينة دبي الصناعية ستسهم في دعم مستهدفات الإستراتيجية الإماراتية للأمن الغذائي 2051 لتعزيز سلاسل التوريد المحلية ضمن مختلف القطاعات في الإمارات.

وتضمّ المزرعة أبراجا بارتفاع سبعة أمتار مزوّدة بأسطح مزدوجة قابلة للسحب، لضمان تعرّض المحاصيل بشكلٍ متساوٍ لأكبر قدر ممكن من الضوء الطبيعي المتجدّد وترشيد استهلاك الكهرباء.

ويأتي افتتاح المزرعة في أعقاب الشراكة الإستراتيجية التي أبرمتها مدينة دبي الصناعية مع وزارة التغير المناخي في مايو الماضي، لتعزيز الأمن الغذائي في السوق المحلية.

كما تهدف الاتفاقية التي تمّ توقيعها على هامش حملة عالمية أطلقتها مدينة دبي الصناعية بعنوان “لنُبدع بصناعتنا”، إلى التأكيد على التزام الطرفين بالتشجيع على تبنّي أحدث الابتكارات التكنولوجية وتسليط الضوء على أهمية الابتكار وتحقيق الأمن الغذائي.

وكان باحثون في المركز الدولي للزراعة الملحية في دبي (إكبا) قد تمكنوا في مايو 2018 من زراعة خضروات تتأقلم مع ملوحة التربة والمياه ضمن ظروف الإمارات باستخدام المياه المالحة الناتجة عن وحدات تحلية المياه المعالجة بمياه عادمة.

واعتبرت الخطوة حينها الأولى من نوعها التي تزرع فيها النباتات الملحية ضمن المناخ الحار في الحقول المفتوحة، وكذلك داخل البيوت الشبكية البسيطة دون استخدام المياه العذبة لتوفير المياه وإدخال هذه المحاصيل ضمن سلة الغذاء المحلية.

وتشجع الحكومة الاتحادية على استخدام مصادر مائية مالحة لزراعة محاصيل غير تقليدية لرفع مستوى الأمن الغذائي وضمان الدخل لدى المزارعين الذين يواجهون تحديات إنتاج المحاصيل في البيئات الحارة والجافة.

وجسدت أفكارها خلال السنوات الأخيرة في تطوير نظم زراعية تتسم بقدرتها على التكيّف مع المناخ، وتنوعها الحيوي وذات تكاليف مقبولة وسهولة استخدامها. وبرزت تجارب كثيرة في البلاد التي تؤكد حرص المسؤولين على استخدام الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المناخية والطبيعة الصحراوية التي تتميز بها منطقة الخليج العربي عموما.

وفي تحدّ لقسوة الصحراء، تستخدم مزرعة ذكية تديرها شركة “فيجي تك” الناشئة التابعة لشركة “أغرو تيك” المتخصصة بالزراعة المائية المبتكرة، التكنولوجيا الحديثة لتوفير حلول مستدامة لمواجهة تحديات الإنتاج التقليدي في البلاد.

وتأسست مزرعة “فيجي تك”، البالغ مساحتها 240 ألف متر مربع، في العام 2020 وسط صحراء إمارة الشارقة، وتنتج محاصيل على مدار العام باستخدام مزيج من طرق الزراعة التقليدية والذكية.

وفي أحد منشآتها، تنتج مزرعة عمودية من تسعة طوابق الخضروات في بيئة خاضعة للرقابة ودون تربة. ومن خلال تحسين دورات قطف الثمار ونسبة المساحة إلى المحصول، تكون الخضروات الورقية في المزرعة الداخلية جاهزة للقطف كل 27 يوما.

وقال علي نقاش عباسي المدير الكبير في مزرعة “فيجي تك” لرويترز حينها “لقد حاولنا تعزيز الأمن الغذائي والاستدامة الغذائية في هذه المنطقة لذلك نحاول استخدام الحد الأدنى من المياه والمغذيات أيضا”.

وأضاف “يمكنك الآن أن ترى أننا نستخدم تقنية فيلم المغذيات (الغشاء المغذي) ونحن نستخدم الماء مع العناصر الغذائية. وهذه زراعة مائية نشطة، لذلك يمكننا جعل هذا النبات ينمو خلال ما يصل إلى عام واحد”.