الحلبوسي يقود رحلة تطبيع برلمانية عربية إلى سوريا

بغداد- شق رئيس البرلمان العراقي ورئيس الاتحاد البرلماني العربي محمد الحلبوسي الطريق إلى دمشق على رأس وفد برلماني عربي داعيا الدول العربية إلى أن تتبنى “على كافة المستويات البرلمانية والحكومية قراراً نهائياً بعودة سوريا إلى محيطِها العربي”.
وقال رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ، الذي كان من ضمن الوفد بسبب مشاركته في اجتماعات الدورة 34 للاتحاد البرلماني العربي التي انعقدت في بغداد، إن أجواء مؤتمر الاتحاد كانت إيجابية جداً، وركزت على الموقف الموحد لجميع الدول العربية بضرورة عودة سوريا إلى حضنها العربي، تأكيداً على أنها قلب العمل العربي المشترك، معرباً عن شكر سوريا لكل الوفود التي قدمت إلى دمشق.
والتقى الوفد بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق. وتشكل الزيارة إيذانا بانتهاء المقاطعة العربية لسوريا، وعودتها إلى مؤسسات الجامعة العربية، وذلك بعد خطوات سابقة قطعتها الإمارات في تطبيع العلاقات مع سوريا. وهي خطوات سرعان ما وفرت حافزا لإعادة نظر عربية شاملة، ومهدت السبيل لزيارات واتصالات زعماء عرب وعدد من كبار المسؤولين.
وشكلت ظروف الزلزال، الذي أصاب مناطق شمال غرب سوريا وتركيا، دافعا إنسانيا أعاد إلى الأذهان الظروف الاقتصادية العسيرة التي تعانيها سوريا. وهي ظروف حدّت من قدرة دمشق على مواكبة متطلبات الإغاثة، الأمر الذي دفع الإمارات والسعودية والأردن ومصر والكويت والمغرب والجزائر ودول عربية أخرى إلى تسيير رحلات جوية لنقل المساعدات، التي ما تزال تتواصل حتى الآن.
ويقول المراقبون إن الظروف الإنسانية العصيبة، حتى وإن وفرت الحافز لإنهاء المقاطعة، إلا أن الحاجة إلى إيجاد مقاربة أخرى للأزمة في سوريا كانت هي الدافع الرئيسي وراء إنهاء عزلة دمشق عن العالم العربي، لاسيما وأن إيران استغلت الفراغ لتفرض المزيد من النفوذ في البلاد.
ودعا الحلبوسي إلى عودة سوريا لكي تمارس دورِها العربي والإقليمي والدولي بشكل فاعل، والعمل الجاد لاستقرارها وإعادة تأهيل بناها التحتية. كما دعا إلى ضمان “عودة السوريين الذين هجَّرتهم الحرب إلى ديارهم وبلادهم معزَّزين مكرمين”.
وبدوره، قال رئيس مجلس النواب المصري الدكتور حنفي جبالي “إن سوريا ستعود إلى مكانها الطبيعي في الجامعة العربية، وإن هذه الزيارة هي لدعم سوريا قيادة وحكومة وشعباً”.
◙ الحاجة إلى إيجاد مقاربة أخرى للأزمة في سوريا كانت هي الدافع الرئيسي وراء إنهاء عزلة دمشق عن العالم العربي
وأضاف جبالي “أتينا إلى سوريا العزيزة الشقيقة للتضامن معها ودعم شعبها بمواجهة تداعيات الزلزال، ونؤكد للشعب السوري أننا إخوة، ونقف إلى جانبه في هذه الظروف الصعبة”، لافتاً إلى أن “وفوداً برلمانية عربية أخرى ستصل تباعاً إلى دمشق اليوم (الأحد) بعد أن قرر المؤتمر الـ34 للاتحاد البرلماني العربي الذي انعقد في بغداد أمس (السبت) تشكيل وفد لزيارة سوريا، تأكيداً على الوقوف إلى جانبها”.
وكان الحلبوسي قال في كلمة أمام مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي “لقد آن الأوان للبيت العربي أن يوحد الجهود وينبذ الخلافات الجانبية للوقوف أمام التحديات الراهنة دوليا وإقليميا، من خلال صياغة إستراتيجية شاملة وواقعية تجاه المشكلات العالقة منذ فترة طويلة”.
ولفت إلى أن “سوريا في الأيام الأخيرة مرت بظروف صعبة إثر الزلزالِ المدمرِ، وأوقع أضراراً بالغة بالأرواح والممتلكات، وكلُّ ذلك يلزمُنا جميعاً بالسعي والاستمرارِ في واجب المساندة والدعم إلى حين انجلاء تداعيات الأزمةِ وآثارِها الصعبة”.
وجاءت زيارة وفد الاتحاد البرلماني إلى دمشق بمبادرة من الحلبوسي الذي اقترح تشكيل الوفد والانطلاق إلى دمشق بمجرد اختتام أعمال دورة الاتحاد.
وخلال اجتماعات المؤتمر تداول رؤساء الوفود البرلمانية العربية جملة من القضايا المتعلقة بالعمل العربي المشترك، ومواجهة التحديات الأمنية والإستراتيجية التي تعترض الدول العربية. كما كانت عودة اجتماعات الاتحاد إلى بغداد للمرة الأولى منذ 44 عاما موضع ترحيب وإشادات جماعية من جانب مختلف الوفود المشاركة. كما شكلت مناسبة لتعزيز الروابط بين العراق والدول العربية الأخرى وتنميتها.
وتلا الحلبوسي في ختام المؤتمر مشروع “إعلان بغداد” والذي تضمن دعم رؤساء البرلمانات والوفود وتضامنهم مع جمهورية العراق وضرورة توفير كل ما يلزم لتعزيز استقراره وسيادته ووحدة أراضيه ووقوفهم الدائم والراسخ وبكل الإمكانيات إلى جانب الأشقاء العراقيين، مؤكدا أن المؤتمر ينعقد في وقت يستلزم إعادة الزخم لقيم التضامن والتلاحم والتعاضد بين الشعوب العربية، والترحيب ببناء العراق لدولته الحديثة القائمة على مؤسسات وطنية وديمقراطية قادرة على دفع العراقيين باتجاه المزيد من التنمية والازدهار والتقدم.
وجدد الإعلان، الذي حظي بمصادقة جميع الوفود المشاركة، رفضه القاطع لجميع أشكال التطرف والإرهاب ومحاربة منابعه، مضيفا أن تحديات المشهد العربي تزداد تعقيدا إذ طالب بزيادة التعاون والتنسيق لإنهاء الإرهاب وتعزيز أسس العمل العربي المشترك، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة، وأهمية استمرار الحوارات بين الأشقاء العرب، مستنكرا بأشد العبارات حرق المصحف الشريف ورفض أي فكر يدعو إلى الكراهية والإقصاء.
وحظيت زيارة وفد الاتحاد البرلماني العربي إلى دمشق باستقبال حافل من جانب المسؤولين السوريين، مما يعد خطوة تأذن بعودة العلاقات الرسمية والدبلوماسية بين دمشق والعواصم العربية الأخرى إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الأهلية في العام 2011.
ويقول مراقبون إن الخطوة الوشيكة اللاحقة هي استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، وعودة سفراء دمشق وممثليها لدى الدول العربية ومؤسسات الجامعة العربية والمنظمات العربية المختلفة الأخرى.