الحكومة واتحاد الشغل يتفقان على برنامج إصلاحات اقتصادية في تونس

تونس – وقعت الحكومة التونسية الأربعاء اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل إطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية تشمل إصلاح منظومة الدعم والنظام الضريبي وعددا من الشركات المملوكة للدولة، وذلك في وقت تكابد فيه تونس مشاكل مالية غير مسبوقة، ما قد يمهد لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وفي كلمة عقب توقيع البيان المشترك مع النقابة العمالية، أكد رئيس الحكومة هشام المشيشي أن الوضع الاقتصادي للبلاد خطير وتونس في حاجة إلى وقفة حازمة، مبينا أن إصلاح الاقتصاد لا يكون دون مقاربة للمؤسسات العمومية.
وتحدث المشيشي عن تقارب وجهات النظر بين الحكومة والمنظمة الشغيلة، مشددا على أن المؤسسات العمومية كنز يجب المحافظة عليه، نافيا أي نية للتفويت في هذه المؤسسات.
وعبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي عن رفضه لأي إملاءات أو فرض أي قرارات تتعلق ببرنامج إصلاح المؤسسات العمومية.
وشدد على أن المؤسسات العمومية في تونس ليست مكتسبات للبيع والشراء، موضحا “أقولها أمام المشيشي ليست لنا مؤسسات عمومية للبيع، وانطلقنا في إصلاح 7 منها”.
وتابع أن "أهل مكة أدرى بشعابها ونحن أدرى بإصلاحاتنا وبخطواتنا تجاه بلدنا".
وفي تصريحات سابقة له، قال الطبوبي “نعي جيدا أننا نحتاج إصلاحات ولكن إصلاحات تحترم السيادة الوطنية ودون شروط.. لكل بلد خصوصيته ولا يمكن مثلا أن تُطبق السياسة التي جرت في اليونان أو في مصر في تونس”.
وطالب صندوق النقد والمقرضين بأن يتفهموا خصوصية الوضع الاجتماعي الهش في تونس.
ومنذ مطلع العام، أثارت نوايا الحكومة التونسية للمضي قدما في إصلاح المؤسسات العمومية وهو ملف مؤجل منذ سنوات، ويطالب به المانحون الدوليون، حفيظة الاتحاد العام التونسي للشغل، أعرق المنظمات النقابية في البلاد.
وكان المشيشي قد أثار هذه المسألة خلال كلمته في الجلسة التي منح فيها البرلمان الثقة لفريقه الحكومي الجديد.
وقال حينها إن المرحلة المقبلة تتطلب أكثر من أي وقت مضى الانطلاق في مسار الإصلاحات في القطاع العمومي والمنشآت العمومية، موضّحا أنّ الهدف من الإصلاح هو أوّلا وقبل كلّ شيء تطوير جودة الخدمات العمومية، إذ ينبغي أن يكون المرفق العمومي في خدمة المواطن بدعمه ومرافقته وأن يكون أداة للتيسير لا للتعسير، وللتسريع لا للتعطيل.
وشدّد رئيس الحكومة على أن “لا خطوط حمراء أمام الحكومة في التعاطي مع إصلاح المؤسسات العمومية”، وهو ما وضعه في خلافات مع قيادات المركزية النقابية في البلاد، التي عبرت في تصريحات متواترة عن رفضها لتصريحات المشيشي وسياسة حكومته.
وستشمل المرحلة الأولى من البرنامج الإصلاحي الذي اتفقت عليه الحكومة والاتحاد، 7 مؤسسات عمومية، وهي شركة الخطوط الجوية التونسية "تونيسار" وشركة الفولاذ وديوان الأراضي الدولية والشركة التونسية للشحن والترصيف، والصيدلية المركزية والشركة التونسية للكهرباء والغاز "الستاغ" والشركة التونسية للصناعات الصيدلية.
واتفق الجانبان على تشكيل 5 لجان مشتركة لصياغة إطار عملي للإصلاحات اللازمة ثم رفعها للحكومة واتحاد الشغل.
ومن المقرر أن تتولى اللجنة الأولى النظر في إصلاح المنظومة الجبائية وإرساء العدالة الجبائية كمدخل للعدالة الاجتماعية، فيما تتولى اللجنة الثانية دراسة الإصلاحات الضرورية بالمؤسسات العمومية، وتكلف اللجنة الثالثة بالنظر في سبل إصلاح منظومة دعم المواد الأساسية والمحروقات، وتنظر اللجنة الرابعة في منظومة الدعم المباشر وغير المباشر، فيما تهتم اللجنة الخامسة بالتحكم في الأسعار وإعادة هيكلة مسالك التوزيع.
وتواجه تونس أوضاعا اقتصادية صعبة زادت من حدتها تداعيات جائحة كورونا، فيما يشترط صندوق النقد الدولي عددا من الإصلاحات المشدّدة.
وتعيش قطاعات حيوية في شبه ركود جراء الوباء، حيث علّقت 70 في المئة من النزل نشاطها وتمت إحالة العاملين فيها على البطالة الفنية أو النهائية.
وسجل الاقتصاد انكماشا قياسيا في الناتج المحلي المجمل لعام 2020 بلغت نسبته 8.8 في المئة، مع تفاقم واضح في نسب البطالة عززته الإغلاقات المرتبطة بتدابير مكافحة الوباء، حيث بلغت 17.4 في المئة خلال الربع الرابع من سنة 2020، بعد فقدان 78.3 ألف وظيفة في الفترة الممتدة بين ربعي العام الأخيرين.
وحذر صندوق النقد الدولي من أن العجز المالي لتونس سيتفاقم إلى أكثر من 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إذا لم تسيطر الحكومة على مخصصات الدعم والرواتب العامة.