الحكومة المغربية منفتحة على تعديل مشروع قانون الإضراب

تعديلات قدمها نواب المعارضة في المغرب على مشروع القانون التنظيمي للإضراب تلقى تجاوبا من الحكومة التي اعتبرتها منطقية.
الأربعاء 2024/12/04
الحكومة منفتحة على التعديلات

الرباط- أظهرت الحكومة المغربية تفاعلا إيجابيا مع مطالب النقابات بخصوص قانون الإضراب المثير للجدل.

وأعلن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن الحكومة مستعدة لتنزيل أزيد من 300 تعديل تقدمت بها الفرق البرلمانية والنقابات فيما يهم مشروع قانون تنظيم الإضراب، وذلك لأن التعديلات منطقية، ومنها أن جميع الفرق بدون استثناء طالبت بحذف مقتضى منع الإضراب السياسي، والإضراب التضامني، والجواب هو نعم سوف نستجيب لهذه التعديلات الجوهرية.

وقال السكوري، خلال الإجابة عن أسئلة النواب خلال جلسة الأسئلة الشفهية، الاثنين، إن مشروع قانون تنظيم الإضراب موضوع للبرلمان منذ ثماني سنوات، ونحن لم نضعه لكن الحكومة منفتحة على التعديلات، وأكد الوزير المغربي أن العاهل المغربي الملك محمد السادس لا يمكن أن يكون  ذاهبا في دمقرطة البلاد وتوسيع هامش الحريات في المقابل تطرح الحكومة قانونا يذهب إلى عكس ذلك.

يونس السكوري: جميع الفرق بدون استثناء طالبت بعدم إجبار الناس على الانتظار مدة طويلة قبل الإضراب عندما تكون هناك قضية خلافية أو استعجالية

ومن بين التعديلات التي قدمها نواب المعارضة على مشروع القانون التنظيمي للإضراب، إحداث تشريع خاص بصندوق لتعويض الأجير عن الأجر المقتطع بسبب الإضراب، وذلك حتى لا يكون الجانب الاقتصادي مانعا لممارسة حق الإضراب.

وأعربت النقابات والأحزاب عن اعتراضها على عدد من المواد التي جاء بها القانون منبهة إلى أن مشروع قانون الإضراب لا يجب أن يصبح أداة للإجهاز على مجموعة من المكتسبات التي راكمتها الطبقة العاملة والحركة النقابية عبر مسارها التاريخي، وكرستها عمليا لعقود من الزمن، مثل عدم المساس بأجور المضربين، لكن القانون يشرعن هذا التطاول على أجور المضربين كعقاب لهم ولتخويفهم.

وقال عبدالله غميمط، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، إن مشروع قانون الإضراب في صيغته الأولى محاولة لتقويض العمل النقابي في المغرب، وأن المواد التي تهدف إلى عرقلة وتجريم الحق في الإضراب، بمثابة خطوة نحو تهميش دور النقابات وزيادة استغلال العمال من قبل أصحاب الأعمال.

واعتبر عمر الشرقاوي، أستاذ القانون العام، في تصريح لـ”العرب”، أن الرسائل التي بعثها الوزير السكوري مشجعة، وأن الإضراب لا يمكن حصر ممارسته على النقابات فقط، إلى جانب التخفيف من العقوبات الزجرية الواردة في مشروع القانون، مع احترام الاتفاقيات الدولية في ممارسة الإضراب وتحديد القطاعات التي لا يمكن ممارسة الإضراب فيها دون استمرار الخدمة.

عمر الشرقاوي: الرسائل التي بعثها وزير الإدماج الاقتصادي مشجعة
عمر الشرقاوي: الرسائل التي بعثها وزير الإدماج الاقتصادي مشجعة

ولفت الوزير المغربي إلى أن جميع الفرق بدون استثناء طالبت بعدم إجبار الناس على الانتظار مدة طويلة قبل الإضراب عندما تكون هناك قضية خلافية أو استعجالية وسوف تتم الاستجابة لهذا الطلب كذلك، متسائلا “هل نريد أن نكون في مستوى تطلعات القرن الحادي والعشرين؟”، مؤكدا أن من يريد أن يقوم بالإضراب من حقه ذلك مهما كان انتماؤه وأن ينال حقوقه كاملة، والحكومة موافقة على هذا الطرح.

وتابع السكوري أن الحكومة فتحت مشاورات مع جميع الأحزاب والشركات الأكثر تمثيلية، وأنها ستستجيب خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية، للبت والتصويت على مشروع القانون، لعدد من المطالب والتعديلات الجوهرية مع حذف العقوبات الجنائية لحماية حرية العمل.

وشدد الاتحاد العام للشغالين على “ضرورة الابتعاد عن لغة الزجر والعقاب والتجريم، والاعتماد على لغة قانونية وحقوقية صرفة، تعزز وتحمي حق ممارسة الإضراب، وأن ممارسة حق الإضراب السلمي في أماكن العمل تعتبر حقا مشروعا، وعليه فوجود العمال في أماكن عملهم لا يعتبر بأي حال من الأحوال احتلالا لأماكن العمل أو عرقلة للعمل، فيما الإضراب المرفق بالاعتصام أمر مشروع لا يمكن أخذه كذريعة لأي تدخل من أي جهة كانت لفكه مادام سلميا ومتحضرا.”

ووفق رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، (مؤسسة دستورية)، الذي جاء بطلب من مجلس النواب، فتقنين ممارسة حق الإضراب “يفترض أن يعد مشروعا مجتمعيا يستوجب التشاور الواسع والتوصل إلى توافقات بناءة، مع إشراك جميع الأطراف المعنية بهدف ضمان أن يعكس القانون مصالح جميع الفئات في المجتمع.” ويوصي بأن “يحقق مشروع القانون التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل”، مؤكدا على ضرورة السماح بتنظيم جميع أشكال الإضراب التي تشهدها الساحة الوطنية دون إقصاء أو تمييز، وإعطاء الأولوية للحوار والتفاوض.

وفي استجابة لهذا الطرح أشار السكوري في تدخله أمام البرلمان، إلى أن مختلف التعديلات “تتماشى مع جاء به المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي وما جاء في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وما يلزم اليوم هو ذكاء جماعي لترجمتها إلى ثلاث أولويات، أولاها حماية الطبقة الشغيلة لكونها الأضعف، وحماية الآلة الإنتاجية والمشغلين الذين يحترمون القانون، وحماية صحة وسلامة المواطنين بتوفير الخدمة في المرفق العمومي وضمان سير العمل بالمرافق الحيوية.”

4