الحكومة المصرية تحسم الجدل بشأن تخفيض مرتبات الموظفين

القاهرة - ردت الحكومة المصرية رسميا الأحد على ما تداولته بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، من أنباء عن اعتزامها تقليص المخصصات المالية لمرتبات العاملين بالدولة، تزامنا مع الأزمة الاقتصادية.
ولم تعد مصر تعاني فقط من تداعيات أزمة اقتصادية حادة طالت دولا عديدة في العالم بسبب الحرب في أوكرانيا، بل أيضا من زيادة منسوب ملحوظ مما وصفه مسؤولون مصريون بـ"المغالطات السياسية" التي باتت مصدر إزعاج وتشويش على عمل الحكومة.
ونشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، بعد التواصل مع وزارة المالية، نفيا لتلك الأنباء، وأكدت الوزارة أنه لا صحة لتقليص المخصصات المالية للمرتبات، كما شددت على التزام الدولة بصرف كل مستحقات العاملين في المواعيد المقررة.
وطالبت الوزارة العاملين بالجهاز الإداري للدولة بعدم الانسياق وراء مثل تلك الشائعات، مع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
وناشدت وسائل الإعلام المختلفة ومرتادي مواقع التواصل الاجتماعي ضرورة توخي الدقة قبل نشر مثل هذه الشائعات، والتي قد تؤدي إلى بلبلة الرأي العام.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد ناشد في كلمة له بكاتدرائية العاصمة الإدارية (شمال القاهرة)، مساء الجمعة، المصريين عدم الإصغاء إلى كل من يتحدث في الشأن العام، وخاصة الأشخاص الذين خارج دائرة المسؤولية.
وتطرق السيسي إلى شائعات انتشرت خلال الأيام الأخيرة بشأن بيع قناة السويس، قائلا "في (يوجد) ناس (أناس) بتقول (تقول) خلي بالكوا (خذوا حذركم) قناة السويس مش عارف هيعملوا فيها إيه (لا أدري ماذا يريدون بشأنها)، خلي بالكوا هيبيعوا حاجات منعرفش إيه (خذوا حذركم من بيع أصول)".
وتراجع عدد العاملين بالقطاع العام وقطاع الأعمال العام في مصر بصورة مستمرة على مدار الأعوام الخمسة الماضية، وهبط بأكثر من 15 في المئة منذ عام 2017، بحسب النشرة السنوية لإحصاء العاملين بالقطاع العام التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مارس الماضي.
ويأتي التراجع في عدد العاملين تنفيذا لخطة الحكومة المصرية لتقليص عدد الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، في ضوء برنامجها للإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
ووفقا لإستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، فإن الحكومة تستهدف خفض عدد الموظفين إلى 3.8 مليون موظف عام 2030.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق في السابع عشر من ديسمبر الماضي على حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، وقال إنها ستحفز تمويلا إضافيا يبلغ حوالي 14 مليار دولار.
وستستفيد مصر من القرض في برنامج يمتد على 46 شهرا بموجب "تسهيل الصندوق الممدد". وأشار الصندوق بشكل خاص إلى الحاجة إلى "تحول دائم لنظام سعر صرف مرن"، إضافة إلى "سياسة نقدية تهدف إلى خفض التضخم تدريجيا".
وبعد استقراره نسبيا عند مستوى 24 جنيها مقابل الدولار، على خلفية انخفاض قياسي العام الماضي، سجل الجنيه المصري هبوطا قياسيا جديدا أمام الدولار الأميركي منذ الأربعاء الماضي.
وأظهرت بيانات "رفينيتيف" تراجع الجنيه المصري إلى 27 جنيها أمام الدولار في تعاملات متقلبة صباح الخميس، بعد أن سجل الجنيه الأربعاء 26.49 للدولار الواحد، مسجلا أكبر حركة يومية منذ أن انخفض بنسبة 14 في المئة خلال أكتوبر.
وتشهد مصر أزمة اقتصادية مستمرة خلال الأشهر الأخيرة، ومنذ مارس 2022، انخفض الجنيه تدريجيا بعد قرار البنك المركزي خفض قيمته إثر تطورات سلبية تفاقمت بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وبعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، سحب المستثمرون الأجانب قرابة 20 مليار دولار من استثماراتهم من البورصة المصرية.
وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج، وشهدت فيه أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8 في المئة في 2022، كان التأثير فوريا، إذ بلغت نسبة التضخم 18.7 في المئة، وفق الأرقام الرسمية.
ولا يتجاوز الاحتياطي النقدي لدى القاهرة نحو 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة، بحسب فرانس برس.
لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة، لتصل إلى 157 مليار دولار.