الحكومة الليبية عالقة بين الجيش والميليشيات

بنغازي - تجد السلطة التنفيذية الليبية نفسها عالقة بين فريقين متضادين، لاسيما بعد تصريحات قائد الجيش المشير خليفة حفتر بالعودة إلى الحل العسكري وفرض السلام بالقوة في حال لم يجر تفكيك الميليشيات وخروج المرتزقة، وهي تصريحات استفزت المجلس الأعلى للدولة وجماعة الإخوان.
وقال حفتر إن قواته "لن تتردد في خوض المعارك من جديد لفرض السلام بالقوة، إذا ما تمت عرقلته بالتسوية السلمية المتفق عليها".
وأضاف حفتر، خلال استعراض عسكري السبت في مدينة بنغازي احتفالا بالذكرى السابعة لانطلاق عملية الكرامة في 16 مايو 2014، "لقد آن الأوان للتصالح والتسامح لنبني معا ليبيا الجديدة، ليبيا الخير والسلام وليبيا الأمن والسلام".
وتابع "ندعو إلى حل المجموعات المسلحة في طرابلس والتوجه نحو الانتخابات دون مماطلة، ونتمنى أن تكون انتخابات شعبية مباشرة".
ونظمت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي مساء السبت عرضا عسكريا بقاعدة بنينا العسكرية في مدينة بنغازي شاركت فيه فرق ولواءات من القوات، فضلا عن آليات عسكرية ودبابات ومدافع ضمن لواءات الجيش.
وأحرج العرض العسكري رئيسي المجلس الرئاسي محمد المنفي والحكومة عبدالحميد الدبيبة، بعد تلقيهما دعوة من قائد الجيش الليبي للحضور، حيث اختارا الوجود خارج البلاد.
وتحول المنفي السبت في زيارة رسمية إلى تونس بدعوة من رئيسها قيس سعيّد، في حين توجه الدبيبة إلى الجزائر رفقة وفد وزاري لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأثار الاستعراض العسكري الأكبر في تاريخ ليبيا خلال السنوات الأخيرة حفيظة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، وكذلك الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي.
ودعا المجلس الأعلى للدولة في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك المجتمع الدولي "إلى التخلي عن سياسة الكيل بمكيالين ورفع يده تماما" عن حفتر، و"العمل فقط مع الأجسام الشرعية والسلطات الرسمية".
وطالب البيان "المجلس الرئاسي كونه القائد الأعلى للجيش الليبي بضرورة وضع حد لهذه الخروقات الخطيرة والسلوكيات العدوانية" التي تقوم بها قوات الجيش الوطني في شرق ليبيا، قبل الانتخابات المؤمّل أن تجرى نهاية العام.
وأغضب الاستعراض العسكري الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي، التي أعلنت على لسان متحدثها عبدالمالك المدني أنها ستنفذ هي الأخرى عرضا عسكريا في طرابلس في الرابع من يونيو المقبل، وتوفر قنوات تلفزيونية لإذاعته على الهواء بالساعات.
وأعرب محمود عبدالعزيز عضو المؤتمر العام السابق عن حزب العدالة والبناء، عضو جماعة الإخوان المسلمين، في تصريح لقناة "التناصح" التابعة للمفتي المعزول الصادق الغرياني، عن غضبه من صمت المسؤولين والجهات المعنية على عرض القوات المسلحة الليبية.
وقال عبدالعزيز "لا أحد يلومنا على خطاب الكراهية، ولا تقولوا هذه قلة قليلة! لماذا لا تخرجوا وتتكلموا وتدينوا ما يحدث، لكن تبقون مخبئين رؤوسكم؟ نحن سنحتفل احتفالية كبيرة".
ووجه حديثه لمن يعتزم المشاركة في الاستعراض العسكري قائلا "أي شخص يذهب للاحتفال مهما كانت صفته سيكون عدوي اللدود".
ويرى مراقبون أن حالة الرفض الإخوانية قديمة وليست جديدة، لكنها متصاعدة حاليا خوفا من المستقبل، حيث إن البلاد ستشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عدة أشهر، فوفقا لخارطة الطريق يفترض أن تجرى الانتخابات في ديسمبر المقبل.
وتنزعج الجماعة من فكرة مواجهة حفتر في حال قرر النزول للمنافسة في الاستحقاق الرئاسي، وهو ما جعلها توجه آلتها الإعلامية للهجوم على عرض الجيش وتقزيمه.
ويربط خبراء بين عرقلة الأعضاء التابعين لجماعة الإخوان داخل ملتقى الحوار السياسي الليبي الاتفاق على القاعدة الدستورية، التي ستمهد الطريق لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الليبية، وبين الهجوم على العرض العسكري، حيث يرون أن الهدف من الأمرين واحد وهو عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وتعكس هذه المواقف المتباينة التحديات الهائلة التي تواجه عملية توحيد البلاد ودمج مؤسساتها السيادية والعسكرية، وتحقيق المصالحة الوطنية.
ويرى مراقبون أنها ستزيد من تعكير الأجواء بين الطرفين وستضاعف الغموض حيال مصير ومستقبل المؤسسة العسكرية، كما أنها إشارات سلبية على أن الانقسام الحالي باق.