الحكومة الليبية تراهن على دور الإعلام لإنهاء الانقسام

الاتصال الحكومي يسعى لإعادة رسم صورة ذهنية إيجابية للحكومة لدى الرأي العام.
الخميس 2021/08/05
الإعلام المسؤول يساهم في وحدة الليبيين

تسعى الحكومة الليبية إلى إصلاح الإعلام وإرساء بيئة آمنة للعمل الصحافي لتتمكن من تحقيق مساعيها في الوحدة الوطنية، وإنهاء الفترة الطويلة التي كان فيها الإعلام مجرد انعكاس للأطراف المتحاربة والانقسام السياسي، وسببا في الفوضى والتحريض.

طرابلس - طيلة السنوات الماضية قام الإعلام الليبي بدور بارز في المشهد السياسي وكان إحدى أدوات الصراع بين الأطراف المتحاربة، سواء بالتجييش والتحريض على الطرف الآخر أو وقوعه ضحية تصفية الحسابات بين هذه الأطراف، إلا أن المشهد السائد هو انعدام البيئة الآمنة للعمل الإعلامي.

واليوم تدرك الحكومة الليبية أن إصلاح الإعلام وإرساء بيئة آمنة للعمل الصحافي هما أولوية لتتمكن من تحقيق مساعيها في الوحدة الوطنية، وعليها البدء عاجلا بهذه المهمة.

وقال وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، إن حكومة الوحدة الوطنية “تؤسس لبيئة إعلامية آمنة”، مشددا على أن دور الإعلام محوري في الأزمة الليبية.

وأضاف اللافي أن “الإعلام قادر على تأزيم الأوضاع، وكذلك قادر وفعال في التصدي للراغبين في هدم الاستقرار الحالي واختطاف إرادة الليبيين”.

ومنذ أشهر، تتبع ليبيا مسارا سياسيا، برعاية الأمم المتحدة، يأمل الليبيون أن ينهي النزاع في بلدهم الغني بالنفط.

لكن إنهاء النزاع يستوجب إنهاء حالة الاستقطاب السياسي في وسائل الإعلام الليبية لصالح الأجندات الأيديولوجية والأجندات العصبية الجهوية منها والقبلية، التي سادت بعد 2011.

وشدد اللافي على أن خطاب التحريض “هو تعبير عن حالة الفوضى في البلاد، وليس مجرد مسألة متعلقة بقوانين فقط”.

وأكد أن “إصلاح قطاع الإعلام وتطويره في ليبيا كفيل بضبط الخطاب الإعلامي، واستقرار البلاد مدخل لعودة جميع وسائل الإعلام التي تبث من الخارج”.

ويقول متابعون إنه لا يوجد إعلام حقيقي بشكله المهني على الساحة الليبية بل دكاكين سياسية تتلقى دعما متفاوتا لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية، خصوصا في غياب أو قصور التشريعات والقوانين المنظمة للإعلام في ليبيا فباستثناء قانون 1971 الخاص بالرقابة على المطبوعات لا يوجد تشريع ينظم المؤسسات الإعلامية.

ويبدو من تصريحات اللافي أن هناك رغبة لدى الحكومة في تغيير هذا الواقع.

وليد اللافي الإعلام قادر على تأزيم الأوضاع، وكذلك قادر وفعال في التصدي للراغبين في هدم الاستقرار الحالي واختطاف إرادة الليبيين
وليد اللافي: الإعلام قادر على تأزيم الأوضاع، وكذلك قادر وفعال في التصدي للراغبين في هدم الاستقرار الحالي واختطاف إرادة الليبيين

وحول وسائل الإعلام الليبية التي تبث من خارج البلاد، كشف اللافي عن “توسيع نشاط عدد منها داخل ليبيا المستقرة حاليا وانتقال أخرى بالكامل إلى ليبيا”.

وشاركت بعض القنوات الليبية التي تبث من خارج البلاد، خلال سنوات النزاع في التحريض وتأجيج النزاع من خلال تسليطها الضوء على أحداث غائبة أو غير صحيحة سواء في المبالغة بعدد ضحايا أحداث معينة أو تبريرات العنف المستمرة من خلال إظهار بطولة أطراف معينة وشيطنة أطراف أخرى.

ومن جانب آخر، كان الصحافيون ووسائل الإعلام في ليبيا ضحية للصراع حيث تعرضوا لمختلف الانتهاكات، واضطر الكثير من الصحافيين للتوقف عن العمل أو مغادرة البلاد حفاظا على حياتهم، وآخرون لم يجدوا طريقة للتعايش سوى بالانصياع لأوامر الميليشيات المسيطرة على الوضع الآمني، ما أعاق قيامهم بدور فاعل إيجابي.

وأفاد اللافي بأن “حكومة الوحدة الوطنية تؤسس لبيئة إعلامية آمنة، والعاملون بالحقل الإعلامي والصحافي ومنظمات المجتمع المدني وكافة الفاعلين بالمجتمع هم المسؤولون بشكل مباشر عن صياغة خطاب إعلامي محترف ووطني يسهم في الاستقرار”.

وفي السادس عشر من مارس الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.

وتابع “حكومة الوحدة الوطنية شكلت لجنة من الخبراء والإعلاميين من أجل الاستماع للعاملين والمهتمين بالشأن الإعلامي والصحفي في ليبيا”.

وزاد بأن “كل المنخرطين في هذه النقاشات هم جزء من عملية تضامنية مسؤولة تسعى إلى إصلاح قطاع الإعلام وتطويره وتطوير مؤسساته”.

وأوضح أن “المشاريع النهائية التي يقرها العاملون في المؤسسات الإعلامية الليبية هي الخيار الأمثل الذي يضبط المشهد الإعلامي ويعزز من الحريات وتنظيم القطاع، بما يضمن سلامة العاملين به، وتفعيل الوظيفة الصحافية بما يتوافق مع مساعي بناء ليبيا وحماية التحول الديمقراطي”.

ومنذ أشهر، تحولُ خلافات بين مجلس النواب وحكومة الوحدة دون اعتماد مشروع ميزانية البلاد، حيث يطالب البرلمان بإدخال تعديلات عديدة عليه.

ويمنع عدم اعتماد الميزانية العامة للبلاد لعام 2021 من جانب مجلس النواب الحكومة من توفير فرص الدراسة بالخارج لخريجي الإعلام في ليبيا.

وقال اللافي “نسعى دائما لدعم الشباب، ونأمل أن يكون اعتماد الميزانية من مجلس النواب عاملا مساعدا في دعم توفير فرص دراسية لخريجي الإعلام المميزين وغيرهم من الطلبة الراغبين والمؤهلين للدراسة في الخارج”.

واستطرد “أنجزنا الكثير من أهدافنا في مجال الاتصال الحكومي، ونعمل خلال المرحلة القادمة على تنفيذ عدد من البرامج المتعلقة بالتنمية السياسية وتوسيع مشاركة المرأة والشباب بالعمل العام في ليبيا، من خلال برامج وأنشطة تسهم في رفع قدراتهم وتطوير مهاراتهم في مجال العمل السياسي والعام”.

ويعتمد الاتصال الحكومي في المرحلة الحالية التي خرجت فيها ليبيا من حالة انقسام سياسي ومجتمعي حاد، على إعادة رسم صورة ذهنية إيجابية للحكومة لدى الرأي العام.

وأوضح اللافي أن الإعلام الحكومي “جزء من مؤسسات الدولة، ويلتزم بسياساتها، وبالتالي فإن الإضافة المتحققة أو التي ستحققها الجهات والشخصيات المسؤولة بشكل مباشر عن إدارة المؤسسات الإعلامية هي انعكاس لالتزام الحكومة بتثبيت الاستقرار وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين”.

وأردف “عملنا على تأسيس قاعدة متماسكة من أدوات الاتصال المباشر بين المواطنين والحكومة، أبرزها تطبيق ‘حكومتنا’ ومنصة ‘حكومتنا’، وهما اللذان يتيحان اتصالا مباشرا بين الوزراء والمسؤولين وفئات الشعب المختلفة”.

وحول دور الاتصال الحكومي في دعم الانتخابات، اعتبر أنه “لم يسبق لأي حكومة ليبية أن حققت مستويات التنسيق الحالية بين الحكومة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. والحكومة تتابع أداء كل القطاعات المسؤولة عن إنجاح العملية الانتخابية”.

وأعرب “نحن منفتحون على جميع التجارب الملائمة للواقع الذي تعيشه ليبيا، وكذلك نتطلع للاستفادة من الخبرات التي تملكها دول مختلفة، بما يسهم في تعزيز الاتصال الحكومي وتطوير الكوادر والأفراد العاملين في مؤسسات الدولة الليبية”.

وأضاف “نؤمن بأن بناء قواعد صلبة للشراكات اليوم يمنح الفرصة للحكومات القادمة أن تواصل عملية تطوير كافة المجالات التي تعمل وتنشط بها حكومة الوحدة الوطنية اليوم”.

18