الحكومة اللبنانية لإيران: ولى زمن استباحة مطار بيروت

أزمة الرحلات الجوية بين إيران ولبنان تتزامن مع استعداد حزب الله تنظيم حشد شعبي لتشييع نصرالله.
السبت 2025/02/15
مرحلة جديدة في لبنان بعيدا عن نفوذ إيران وذراعها حزب الله

تشهد العلاقة بين لبنان وإيران المزيد من التوترات في علاقة بإلغاء السلطات اللبنانية لرحلات جوية إيرانية، وهو ما ردت عليه طهران بالمثل، ولطالما كان مطار رفيق الحريري مركز توتر بين الدولة اللبنانية وحزب الله، الذي سعى إلى تحويله إلى مرفق خاص بأجندة طهران.

بيروت - لا تخلو الأزمة المتفاعلة بين لبنان وإيران حول الرحلات الجوية بينهما، من دلالات مهمة، لعل أبرزها حرص الحكومة اللبنانية الجديدة على فرض سيادتها واستعادة السيطرة على المؤسسات الحيوية والمرافق العامة للدولة، وفي مقدمتها مطار رفيق الحريري في بيروت الذي ظل لسنوات طويلة مستباحا من قبل طهران وذراعها حزب الله.

ورفضت إيران طلب بيروت هبوط طائرتين تابعتين لـ”طيران الشرق الأوسط” لإجلاء لبنانيين عالقين في طهران، في رد على إلغاء السلطات اللبنانية رحلتين مجدولتين من إيران كانتا مقررتيْن الخميس والجمعة.

وتأتي الأزمة في ظل حالة من السيولة تشهدها الساحة اللبنانية، بين الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري التي شاركت فيها الجمعة حشود من أنصار تيار المستقبل، وبين استعداد حزب الله لتنظيم تجمع شعبي آخر لتشييع أمينه العام السابق حسن نصرالله والقيادي هاشم صفي الدين في الثالث والعشرين من هذا الشهر، ويريد الحزب الموالي لإيران حشد أكبر عدد ممكن من أنصاره للمناسبة لإيصال رسالة للداخل والخارج بأنه لايزال فاعلا على الساحة، بالرغم من الضربات التي ألحقتها به إسرائيل.

مجتبى أماني: استقبال طائرات لبنانية مرهون باستقبال بيروت للطائرات الإيرانية
مجتبى أماني: استقبال طائرات لبنانية مرهون باستقبال بيروت للطائرات الإيرانية

وتحاول إيران تعليق الأزمة المستجدة مع لبنان على شماعة إسرائيل والولايات المتحدة، ملمحة إلى أن موقف السلطات اللبنانية بإلغاء الرحلتين هو خضوع لتعليمات أميركية وإسرائيلية.

وقال السفير الإيراني لدى بيروت مجتبى أماني، في تصريحات للتلفزيون الإيراني، الجمعة، إن السلطات اللبنانية ألغت ليل الخميس رحلتين جويتين من إيران، حيث يستقبل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت رحلتين من طهران أسبوعياً، وأشار إلى أن الحكومة اللبنانية كانت وعدت بالسماح بإجراء الرحلتين، لكن إلغاءهما أدى إلى أن يعلق مسافرون لبنانيون في مطار طهران.

وأضاف أماني أن المسافرين اللبنانيين قصدوا إيران لزيارة المراقد الدينية، لافتاً إلى أن إلغاء الرحلات من إيران إلى لبنان تزامن مع “مزاعم” المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أردعي بشأن حمل “سلع غير قانونية” في الطائرتين. وأوضح أن الحكومة اللبنانية طالبت باستبدال الطائرة الإيرانية بطائرة لبنانية، و”نحن نرحب برحلات جوية لبنانية (إلى إيران)، لكن ليس على هذا الشكل. ليس على حساب إلغاء الرحلات الإيرانية.” وربط أماني موافقة بلاده على استقبال طائرات لبنانية باستقبال بيروت للطائرات الإيرانية.

وأشار أماني إلى أن “إلغاء هذه الرحلة بين طهران وبيروت أدى إلى تفسير من قبل الشعب اللبناني ومؤيدي حزب الله بأن الحكومة اللبنانية تريد منع الإيرانيين من حضور مراسم تشييع سيد المقاومة (الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله)، وهذا الأمر أثار غضب الشعب اللبناني خلال الساعات الماضية،” آملاً أن “يتمّ حل هذه المشكلة قريباً من خلال إجراء حكيم من الحكومة اللبنانية.”

وقطع عشرات الشبان الموالين لحزب الله مساء الخميس مدخل مطار بيروت والطريق الدولية المؤدية إليه بالإطارات المشتعلة، احتجاجا على إلغاء الرحلتين المجدولتين من طهران. وتجمع شبان يرفعون رايات حزب الله الصفر على الطريق المؤدية إلى المطار، وأضرموا النيران في إطارات مطاط، ما أدى إلى قطع الطريق.

وأشعلت مجموعة أخرى الإطارات أمام مدخل المطار، وفق ما أوردت الوكالة الرسمية. ورفع بعضهم صورا للأمين العام السابق لحزب الله الذي يُشيّعه الحزب نهاية الأسبوع المقبل، بعد مقتله بغارة إسرائيلية في سبتمبر. وردد المحتجون هتافات مناوئة لإسرائيل والولايات المتحدة.

وجاءت التحركات بعد تداول مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي من مطار طهران، يدعو فيه مسافر لبناني إلى قطع طريق المطار. ويقول “ننتظر منذ الصباح هنا. نحن لبنانيون.. ولا أحد يتحكم بنا” بعد إلغاء رحلتهم إلى بيروت. وناشد رئيس البرلمان نبيه بري التدخل لإعادة المسافرين اللبنانيين إلى بيروت.

◙ متابعون يرون أن هناك بونا شاسعا ما بين 2008 و2025، وأن حزب الله اليوم في وضع أضعف من أن يقوم بتحرك مسلح في الداخل

وسبق وأن كان مطار رفيق الحريري محل تجاذب بين الفرقاء في لبنان حينما فتح الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في عام 2008 ملف كاميرات المراقبة التي زرعها حزب الله في محيط المطار، وقال حينها “لا قيمة للإجراءات التي تقام لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 (الذي يقضي بمنع دخول السلاح إلى لبنان) إذا كان رئيس جهاز أمن المطار وغالبية العناصر والضباط معه تابعين لحزب الله الذي لا يعترف بالدولة.”

واتخذت الحكومة اللبنانية التي كان يرأسها فؤاد السنيورة حينها قرارا بإقالة قائد جهاز أمن المطار وفيق شقير الموالي لحزب الله، وذلك تحت ضغط الأغلبية النيابية التي كانت يقودها آنذاك تحالف “14 آذار.”

وكان ذلك القرار إلى جانب تفكيك شبكة الاتصالات الخاصة لحزب الله، سببا لاحتلال عناصر الحزب وحلفائه بيروت ومحاولة احتلال مناطق من جبل لبنان في 7 مايو 2008.

ويرى متابعون أن هناك بونا شاسعا ما بين 2008 و2025، وأن حزب الله اليوم في وضع أضعف من أن يقوم بتحرك مسلح في الداخل، حيث أن مثل تلك الخطوة مخاطرة كبيرة قد تقود إلى مآلات لا تخدمه، وهو ما يعيه رئيس الوزراء الجديد ويعمل على ضوئه في استعادة الدولة لسلطة القرار.

2