الحكومة اللبنانية تستبق القمة الخليجية بجردة حساب عن الخسائر المادية المنجرة عن الحرب الإسرائيلية

وزير الاقتصاد اللبناني: الخسائر في القطاعات الأساسية تتراوح بين 15 و20 مليار دولار.
السبت 2024/11/30
نافذة على الدمار الذي طال لبنان

سلط وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام الضوء على الخسائر المادية التي طالت لبنان جراء الهجوم الإسرائيلي، على أمل أن تلعب دول الخليج دورا في تداركها والمساهمة في إعادة الإعمار، وهو ما يبدو مشكوكا فيه.

بيروت - استبقت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية انعقاد القمة الخليجية في الكويت الأحد، بعرض جردة حساب عن الخسائر التي تكبدها لبنان جراء الحرب الإسرائيلية التي انتهت بهدنة هشة لمدة ستين يوما.

ويأمل اللبنانيون في أن يكون ملف إعادة إعمار بلادهم حاضرا على طاولة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، لكن محللين لا يخفون تشاؤما حيال ذلك، لاسيما بعد التجارب المريرة لدول مجلس التعاون التي ضخت على مدار عقود أموالا طائلة للبنان، تم اختلاسها، أو ذهبت هباء في حروب حزب الله وآخرها في العام 2006.

ويقول محللون إنه من غير المنتظر أن تقدم الدول الخليجية أي أموال دون أن تحصل على ضمانات كافية في كيفية التصرف فيها، وعما إذا كانت ستذهب لوجهاتها الصحيحة.

ويرجح المحللون أن تكون المساهمة الخليجية مشروطة مسبقا بانتخاب رئيس للجمهورية، وبعودة انتظام المؤسسات الدستورية في لبنان، وباستعادة لبنان لسلطة قراره فعليا، وبعيدا عن التأثيرات الإيرانية، وهذا أمر يبقى مشكوكا به.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، الجمعة، إن الخسائر التي طالت القطاعات الأساسية بكافة الأراضي اللبنانية جراء الهجوم الإسرائيلي تتراوح بين 15 و20 مليار دولار، وفق التقديرات الأولية.

أمين سلام: حوالي 500 ألف لبناني فقدوا أعمالهم نتيجة النزوح
أمين سلام: حوالي 500 ألف لبناني فقدوا أعمالهم نتيجة النزوح

واتسع نطاق التصعيد الذي بدأ بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر 2023 في سبتمبر الماضي حيث شنت الأخيرة هجوما مكثفا برا وجوا واستهدف معظم الجغرافيا اللبنانية، قبل أن تنجح الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار دخل الأربعاء الماضي حيز التنفيذ.

ومنذ وقف القتال يتدفق النازحون بكثافة من أماكن متفرقة في لبنان عائدين إلى منازلهم في الجنوب، بعد أن تسبب هجوم إسرائيل في نزوح نحو مليون و400 ألف شخص في أرجاء البلاد.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي على لبنان عن 3 آلاف و961 قتيلا و16 ألفا و520 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد الثالث والعشرين من سبتمبر الماضي، وفق بيانات رسمية.

وأوضح سلام أن التقديرات اللبنانية قبل توسع الهجوم الإسرائيلي في السابع عشر من سبتمبر الماضي كانت تشير إلى خسائر بنحو 10 مليارات دولار بالقطاعات الأساسية وخاصة السياحية والزراعية.

وبعد التصعيد الإسرائيلي، قال سلام إن حوالي 500 ألف لبناني فقدوا أعمالهم نتيجة نزوح نحو مليون ونصف مواطن، علاوة على تدمير بنى تحتية ومؤسسات تجارية كثيرة وشلل كامل في القطاع السياحي.

ووفق تقديرات أولية، ذكر الوزير أن خسائر الاقتصاد جراء الحرب تراوحت بين 15 و20 مليار دولار، موضحا أن هذه الأرقام قد تتغير بعد وقف إطلاق النار وإجراء المسح الميداني لقرى ومدن الجنوب والبقاع (شرق) وبيروت وضاحيتها الجنوبية.

وأضاف “خلال العدوان كانت الخسائر ترتفع كلما ارتفعت شدة القصف، ولم نستطع وقتها استكمال المسوح الميدانية، حيث كانت الخسائر تقدر بمئات الملايين من الدولارات يوميا جراء الدمار أو تعطيل الحركة الاقتصادية.”

اللبنانيون يأملون في أن يكون ملف إعادة إعمار بلادهم حاضرا على طاولة قادة دول مجلس التعاون الخليجي

وإلى جانب المساهمة المالية، تراهن الحكومة اللبنانية فيما يبدو على دول الخليج لتشغيل العمالة اللبنانية، ويعتقد مراقبون أن الأمر لا يخلو من تعقيدات وتحديات أمنية، في علاقة بمخاوف من أن تكون لهؤلاء ارتباطات بحزب الله.

وعن إستراتيجية لبنان لإعادة إعمار المناطق المتضررة وتعزيز النمو الاقتصادي مجددا، قال الوزير اللبناني “بعد وقف إطلاق النار الأهم هو إعادة انتظام عمل الدولة التي تحتاج إلى تأمين 15 أو 20 مليار دولار لإعادة إعمار البلد واقتصاده وهذا يحتاج إلى تكاتف ودعم دولي غير مسبوق.”

وذكر أن بعد “حرب تموز 2006” كانت الأرقام والدمار أقل بكثير من الوضع الحالي، وعقدت آنذاك مؤتمرات دولية عدة حتى تدفقت الأموال إلى لبنان لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد.

وأضاف “اليوم الظروف مختلفة عن 2006، لأن المطلوب من المجتمع الدولي إعادة انتظام العمل المؤسسي بالبلد وفي المقدمة انتخاب رئيس جمهورية وهو أمر مهم لعكس الثقة للمجتمع الدولي.”

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال عدة جلسات عقدها في انتخاب رئيس جديد جراء خلافات بين الفرقاء السياسيين.

الحكومة اللبنانية تراهن فيما يبدو على دول الخليج لتشغيل العمالة اللبنانية

وشدد الوزير على “أهمية انتظام العمل المؤسسي في الدولة قبل عقد مؤتمرات دولية لمساعدة لبنان وتطبيق كل القوانين الدولية وعلى رأسها 1701 والقيام بعدد من الإصلاحات الاقتصادية.”

ولفت إلى ضرورة “دعم الجيش اللبناني في هذه المرحلة بالذات وخاصة أنه المطالب بتنفيذ القرار الأممي 1701 والذي من شأنه تعزيز ثقة المجتمع الدولي، إذ إنه يحتاج إلى دعم وتمويل كبير ليقوم بواجباته.”

وفي الحادي عشر من أغسطس 2006 تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوما بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي.

والخميس، باشر الجيش اللبناني بتنفيذ مهامه بفتح الطرقات وتأمين الحواجز وتفجير الذخائر غير المنفجرة بالجنوب والبقاع (شرق) وضاحية بيروت الجنوبية، وتعزيز انتشاره جنوب نهر الليطاني.

ووفق سلام، فإن لبنان “يحتاج بالحد الأدنى إلى مبالغ تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار في المرحلة الأولى لانطلاق خطط إعادة الإعمار خلال الربع الأول من 2025، بما في ذلك دعم الجيش وأمور الطوارئ المتعلقة بإعادة النازحين إلى قراهم ومدنهم وخلق حركة اقتصادية في البلد.”

وردا على سؤال حول إمكانية الحكومة القيام بخطط إعادة الإعمار الأولية، قال “الحكومة الحالية لا تستطيع، فهي استنفدت كل قواها السياسية وبذلت جهودا كبيرة رغم أنها حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحيات واسعة.”

وأضاف “رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) يقوم بجهد استثنائي لاسيما عندما يقوم بجولات خارج البلاد لفتح نافذة الدعم للبنان.” وتابع “لدي معلومات بعدم وجود دعم كبير وأساسي لإعادة إنقاذ لبنان قبل الذهاب إلى انتخاب رئيس جمهورية وحكومة جديدة.”

ومنذ 2019، تخيّم على لبنان أزمة اقتصادية ومالية وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي وتدهور معيشي وشح في الطاقة، وتفاقمت أكثر بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.

2