الحكومة الكويتية ومجلس الأمة أمام مطب خطير ينذر بتكرار سيناريو الحل

نواب المعارضة يحذرون من مغبة التلويح بحل مجلس الأمة.
السبت 2023/01/07
مجلس قائم على عقلية الاستقواء

تبدي الحكومة الكويتية تحفظات على عدد من مشاريع القوانين التي يتمسك نواب المعارضة في مجلس الأمة بتمريرها، الأمر الذي يثير مخاوف من صدام بين الجانبين قد يقود إلى تكرار سيناريو حل المجلس التشريعي، والذي ثبت بالتجربة عدم جدواه.

الكويت - تواجه العلاقة بين الحكومة الكويتية ونواب المعارضة الذين يهيمنون على مجلس الأمة مطبا خطيرا قد يعيد البلاد إلى مربع التجاذبات السياسية في ظل تحفظات حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح على حزمة من مشاريع القوانين التي يتمسك النواب بتمريرها.

واستبقت الحكومة جلسة لمجلس الأمة من المقرر عقدها الثلاثاء المقبل بتأكيد عدم إمكانية تمرير المقترحات المالية المدرجة في أعمال الجلسة من دون إجراء دراسات قانونية وفنية ومالية كافية بشأنها.

وتتعلق مشاريع القوانين التي يعتزم النواب طرحها في الجلسة المنتظرة بشراء الحكومة لقروض المواطنين، وإسقاط الفوائد وزيادة المعاشات التقاعدية. ومن شأن تمرير مثل هذه المشاريع أن يكلف خزينة الدولة أموالا طائلة، في الوقت الذي ترنو الحكومة إلى استغلال تحسن الوضع المالي بفضل عائدات النفط لإطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية.

وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني عمار العجمي على أهمية تمكين الحكومة من إعداد دراساتها القانونية والفنية والمالية بشأن مشاريع القوانين المقدمة من النواب.

ماجد المطيري: للوقوف مع الشعب يجب التصويت على شراء القروض
ماجد المطيري: للوقوف مع الشعب يجب التصويت على شراء القروض

وقال العجمي في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) إن “الاقتراحات بقوانين المقدمة من بعض أعضاء مجلس الأمة والتي من المقرر إدراجها على جدول أعمال جلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء الموافق للعاشر من شهر يناير الحالي، تتطلب التوافق بشأنها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية وتمكين الحكومة من تقديم بياناتها وفقا لدراساتها القانونية والفنية والمالية لمناقشتها خلال دور الانعقاد الحالي”.

وسبق وأن استغلت الحكومة الشهر الماضي بندا في النظام الداخلي للمجلس التشريعي تمكنت من خلاله من تأجيل النظر في تلك المشاريع لنحو أسبوعين، وعلى ضوء ذلك لم تعد تملك ترف طلب التأجيل مجددا، ما لم يتم التوافق بشأن ذلك مع النواب.

وأكد العجمي على أن الحكومة، بالتعاون مع مجلس الأمة، حريصة على تلمس احتياجات المواطنين والسعي لرفع المعاناة عنهم ضمن إطار برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي الـ17 (2022 – 2026).

ويرى مراقبون أن الحكومة تبدو في وضع صعب وهي تعتمد سياسة الهروب إلى الأمام من خلال طلبات التأجيل للمشاريع المطروحة، لكنها في النهاية ستكون مجبرة على مواجهة النواب، وهذا قد يقود إلى صدام يعيد البلاد إلى دائرة الانسداد.

ويلفت المراقبون إلى أنه في ظل المشهد الحالي تجري تسريبات بإمكانية الذهاب مجددا إلى خيار حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات جديدة، لكن هذا الخيار لا يبدو مجديا وهو عبارة عن الدوران في ذات الحلقة المفرغة.

وحذر إثنان وعشرون نائبا من التهديد بالحل، وقال النواب في بيان مشترك “إن التلويح بحل المجلس لعبور كل خلاف سياسي لن يزيدنا إلا ثباتاً وتأكيداً على استخدام أدواتنا الدستورية”.

وقالوا إنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم التعامل مع الخلافات إلا من خلال الأطر التي رسمها الدستور عبر احترام حق ممثلي الأمة بالتشريع والرقابة”.

عمار العجمي: الاقتراحات المقدمة من بعض أعضاء مجلس الأمة تتطلب التوافق بشأنها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية
عمار العجمي: الاقتراحات المقدمة من بعض أعضاء مجلس الأمة تتطلب التوافق بشأنها من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية

وتنص المادة 102 من الدستور الكويتي الصادر عام 1962 على أنه “لمجلس الأمة في حال عدم تمكنه من التعاون مع رئيس مجلس الوزراء أن يرفع الأمر إلى الأمير الذي له أن يعفي مجلس الوزراء أو يحل المجلس، فإذا ما حل المجلس وصوت المجلس الجديد بالأغلبية على عدم التعاون مع نفس رئيس مجلس الوزراء اعتبر معزولاً وتشكل وزارة جديدة”.

وأكد النواب في بيانهم على رفضهم اختزال أولويات الشعب بتشريعات بعينها دون غيرها، مشددين على أن تخفيف معاناة المواطنين حق، وتحسين المستوى المعيشي واجب، والمطلوب أداء المهمة وفق دراسات جادة وحقيقية بجدول زمني معلوم ومحدد وليس الاكتفاء بإبراء الذمة.

والنواب الموقعون على البيان هم: خالد المونس، حسن جوهر، عبدالكريم الكندري، مهند الساير، مهلهل المضف، ثامر السويط، عبدالعزيز الصقعبي، حمدان العازمي، عبدالله المضف، حمد المطر، خليل ابل، عبدالله الأنبعي، جنان بوشهری، الصيفي الصيفي، عادل الدمخي، محمد هايف، حمد العبيد، أحمد لاري، هاني شمس، محمد الحويله، أسامة الشاهين ومبارك الحجرف.

وقال النواب في بيانهم إنه “انطلاقاً من المسؤولية الدستورية والتاريخية الملقاة على عاتقنا كأعضاء في مجلس الأمة في هذه المرحلة المهمة من حاضر وطننا العزيز، والتي نسعى فيها لتحقيق إصلاحات عامة حقيقية وجادة، نؤكد نحن الموقعون أدناه أن جلسة 10 يناير المقبلة مهمة وتتضمن قضايا مستحقة للإصلاح السياسي وتحسين معيشة المواطنين”.

ويعكس بيان النواب تمسكهم بطرح مشاريع القوانين المثيرة للجدل في الجلسة المقبلة، فيما بدا تحديا واضحا للحكومة، التي من غير المرجح أن تقبل بالسير في تلك القوانين، لإدراكها بأن هذه الخطوة ستكون عبئا ثقيلا يصعب على الدولة تحمله.

وقال النائب ماجد المطيري في تغريدة على تويتر “كوني عضوا في اللجنة المالية فإني أؤكد على أن تقارير اللجنة المرفوعة واضحة ومن يريد أن يقف مع الشعب يجب أن يكون واضحا بتصويته مع شراء القروض ورفع الأعباء عن كاهل المواطنين”، مؤكدا أن “ما عدا ذلك يعتبر تسويفا ومماطلة على حساب المواطن المتضرر.. اللهم بلغت اللهم فاشهد”.

المشهد يبدو منفتحا على سيناريوهات قاتمة
المشهد يبدو منفتحا على سيناريوهات قاتمة

ويرى متابعون للشأن الكويتي أن المشهد يبدو منفتحا على سيناريوهات قاتمة، وأن ما يتداول عن حل البرلمان مجددا لن يقود إلى أي نتيجة.

وسبق وأن قام أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في يونيو الماضي بحل مجلس الأمة نتيجة فشل جميع الجهود المبذولة في تذليل الخلافات بين المجلس التشريعي وحكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح التي استقالت في أبريل الماضي. وكانت القيادة الكويتية تأمل في أن يقود حل المجلس والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة إلى إنهاء حالة الاستعصاء، لكن ما حصل هو نجاح نواب المعارضة في فرض هيمنتهم على المجلس الجديد.

وليس من المنتظر حصول تغيير كبير في حال تم حل الأخير مجددا، حيث أنه من المرجح أن يجري انتخاب نفس الوجوه النيابية.

ويرى المتابعون أن الحل الواقعي يكمن في تغيير النظام القائم، ولاسيما في علاقة بإعادة النظر في الصلاحيات الواسعة التي يمتلكها مجلس الأمة، خلاف ذلك فإن الأمور في الكويت ستبقى على حالها، حيث أن الشغل الشاغل للنواب هو الحفاظ على موقعهم ولو من خلال طرح مشاريع شعبوية لا تراعي وضع البلاد.

3