الحكومة الكويتية تسترضي النواب والصحافيين وتعدل مشروع قانون تنظيم الإعلام

أثارت التعديلات التي أجريت على المسودة الأولى لمشروع قانون تنظيم الإعلام في الكويت حالة من الارتياح النسبي، وإن كان نواب وإعلاميون أكدوا على ضرورة أن تخضع المسودة الجديدة للمزيد من التمحيص، خصوصا وأن هناك بعض النصوص لا تبدو واضحة.
الكويت - لاقى تراجع الحكومة الكويتية عن المسودة الأولى لقانون تنظيم الإعلام تفاعلا إيجابيا، وإن بدا حذرا من قبل نواب مجلس الأمة والصحافيين.
وعرض وزير الإعلام الكويتي عبدالرحمن المطيري في حلقة نقاشية شارك فيها نواب وإعلاميون وأكاديميون الخطوط العريضة للمسودة الجديدة التي ألغت عددا من البنود المثيرة للجدل كانت عدّت تقييدا للحريات، من قبيل حظر التعرض لوليّ العهد بالنقد.
وقالت عضو مجلس الأمة جنان بوشهري في بيان إن الضغطين النيابي والشعبي نجحا في إلزام وزارة الإعلام بالتراجع عن مشروع الإعلام الأول المقيِّد للحريات وتقديم مشروع جديد.
وأوضحت بوشهري، التي تصدرت الحملة المعارضة للمشروع الأول، أن القراءة الأولية للمشروع الجديد تشير إلى أنه ألغى العديد من المواد المقيِّدة للحريات الواردة في النسخة السابقة، وهذا تصحيح لانحراف سابق، لكن المشروع الجديد يحتاج إلى المزيد من الدراسة والاطلاع للوقوف على كل تفاصيله.
وكانت بوشهري توعدت بالإطاحة بوزير الإعلام في حال أصر على المضي قدما في المسودة الأولى التي تم تسريبها لوسائل الإعلام وتضمنت العديد من المحظورات والعقوبات.
وفي مداخلتها بالحلقة النقاشية خاطبت بوشهري الوزير المطيري بقولها “صعب جدا أن يقيِّم الحضور مسودة القانون في جلسة، لأننا لم نطلع عليها مسبقاً، فالشيطان يكمن في التفاصيل، وأنا قدمت مقترحات عدة لوقف بعض العقوبات، وتبقى التفاصيل مهمة بعد قراءته”.
وانضم النائب عبدالكريم الكندري في تغريدة له إلى موقف بوشهري ودعا زملاءه في أعضاء اللجنة المختصة في مجلس الأمة إلى فحص المشروع “جيداً وبشكل حذر” بالاستعانة بالمختصين والنشطاء ومؤسسات المجتمع المدني وتحت مبدأ واحد فقط “المزيد من الحريات”.
وأشار النائب حمد العليان خلال الحلقة النقاشية أنه حرص على الحضور للاستماع لملاحظات الإعلاميين؛ ليكون النواب صوتهم في مجلس الأمة لنقل وجهات نظرهم في اللجنة التعليمية، حيث قال “وبعد وصول القانون بشكل رسمي نتبنى جلسة مثل هذه للنقاش في مجلس الأمة، ويتم الاطلاع على المسودة المعدلة من اللجنة”.
وكان وزير الإعلام صرّح في معرض عرضه للمسودة الجديدة لقانون تنظيم الإعلام أن الحلقة النقاشية تأتي ترجمة للخطاب السامي لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي ألقاه بالنيابة عنه ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
وأضاف الوزير المطيري في الحلقة التي حملت عنوان “قانون تنظيم الإعلام.. مسؤولية الجميع”، ونقلتها وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، أن “الجهاز الرسمي الإعلامي للدولة ملك للشعب وترجمة لإستراتيجية وزارة الإعلام التي أطلقناها منذ قرابة عامين”، موضحا أن “هذه الإستراتيجية كانت تشاركية أعددنا لها حلقات نقاشية عدة استمعنا وأنصتنا من خلالها لجميع الوسائل الإعلامية الحكومية والخاصة وللمختصين والمهتمين في الإعلام الكويتي”.
وأكد أن هذا المنهج أخذته وزارة الإعلام وفق إستراتيجيتها حيث إن أيّ أمر أو موضوع تعد له حلقات نقاشية لأخذ الأفكار والملاحظات والتجارب السابقة حتى تكون هناك ذاكرة مؤسسية للعمل في المجال الإعلامي.
المسودة الجديدة لقانون تنظيم الإعلام لاقت صدى إيجابيا أيضا لدى الإعلاميين، وإن لم يخفوا قلقهم من بعض النصوص غير الواضحة
وأوضح المطيري أن المسودة المطروحة لقانون تنظيم الإعلام مرت بثلاث مراحل أولها جمع كل الأفكار والمقترحات والملاحظات من المختصين ومن ثم مخاطبة مؤسسات الدولة التي لديها قوانين ذات علاقة بهذه المسودة، ومن ثم تأتي المرحلة الثانية وهي كيفية تطبيق قانون ينظم الإعلام ويدعم المزيد من الحريات المسؤولة وهذا ما تعهدت به وزارة الإعلام في اللجنة التعليمية في مجلس الأمة وكانت بادرة منها أن تقدم مسودة قانون تنظم الإعلام.
وأضاف أن المرحلة الثالثة “هي ما نحن عليه اليوم في تقديم عرض مرئي يوضح للحضور من المسؤولين والإعلاميين والمختصين والقانونيين القوانين الثلاثة الحالية التي تطبقها وزارة الإعلام وهي قانون المطبوعات والنشر وقانون النشر الإلكتروني وقانون المرئي والمسموع ومقارنتها بالمسودة المطروحة لقانون تنظيم الإعلام”.
وبيّن أهم المعايير التي بنيت على أساسها هذه المسودة وهي التجارب السابقة والقوانين ذات العلاقة لتكون هناك مسودة قانون موحدة تضم كل القوانين مع الأخذ بآراء من المؤسسات وملاحظاتهم وفق قوانينهم حتى يتم تضمينها وأخيرا مواكبة التطور التكنولوجي الحديث.
وعرض الوزير المطيري المحظورات الخاصة بالبنود المتعلقة بقوانين الإعلام الثلاثة التي تطبقها وزارة الإعلام حاليا وقارنها بمسوّدة قانون تنظيم الإعلام، مع تسليط الضوء على عقوباتها السابقة والعقوبات المطروحة في المسودة، مضيفا أنه سيتم فتح باب النقاش للحضور لمناقشة بنود المسودة لتتم إضافة ملاحظات مهمة ومستحقة تمهيدا للوصول إلى المسودة النهائية لتحويلها إلى مجلس الأمة وعرضها على اللجنة التعليمية في المجلس.
وأكد أن العقوبات أصبحت على المخالف وحده، وليس رئيس التحرير والكاتب كالمعمول به في القوانين الثلاثة، مشيرا إلى أن المادة المتعلقة بمحظورات المساس بالذات الإلهية موجودة في القوانين الثلاثة ويعاقب فيها رئيس التحرير والكاتب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، والعقوبة لا توجد فيها الإحالة لأيّ قانون آخر أشد، ولا تنص على إلغاء الترخيص بل وقفه.
ولفت إلى أن البند الثاني من المحظورات المتعلق بأنه “لا يجوز التعرض لشخص سموّ أمير البلاد بالنقد”، هي موجودة في القوانين الثلاثة، وقد ألغيت في المسودة معاقبة رئيس التحرير والعقوبة تكون “يعاقب بالحبس المخالف مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تزيد عن 20 ألفا”.
وكان من الواضح أنه تم تعديل هذا البند الذي كان في النسخة الأولى يشير أيضا إلى حظر التعرض لولي العهد، والذي أثار موجة جدل.
وفيما يتعلق بالبند الثالث الذي يحظر التحريض على قلب نظام الحكم في البلاد، فأوضح أنه لم يتغير، والعقوبة المقترحة: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار كل من خالف الحظر، وهذه العقوبة تنفذ على المخالف ولا تمس الوسيلة الإعلامية.
وقال المطيري إنه فيما يتعلق بالتحريض على خدش الحياء العام أو التحريض على ارتكاب أفعال الفسق والفجور، فإن العقوبة الجديدة هي “المعاقبة بغرامة لا تقل عن 3 آلاف دينار” وهي تقع على المخالف مباشرة.
وأعرب وزير الإعلام الكويتي على انفتاحه على كل المقترحات والملاحظات لتعديل هذه المسودة ، مشيرا إلى أنه تم وضع (QR code) لإضافة أيّ ملاحظات على مدار أسبوعين.
ولاقت المسودة الجديدة لقانون تنظيم الإعلام صدى إيجابيا أيضا لدى الإعلاميين، وإن لم يخفوا قلقهم من بعض النصوص غير الواضحة.
وقال رئيس جمعية الصحافيين الكويتيين عدنان الراشد “موقف يحسب لوزير الإعلام، فالإعلام الكويتي مميز ويجب أن نسعى جميعاً لحمايته والارتقاء به، ونتمنى أن يكون مشروع القانون واضحا بمواده كافة، وتلفزيون الكويت يعد حلقات أو برامج للمشاهدين المختصين والصحافيين ليبدوا ملاحظاتهم بعد شرح المحظورات، وباقي مواد مشروع القانون”.
ومن المنتظر عرض مشروع قانون تنظيم الإعلام على مجلس الأمة في نوفمبر المقبل.