الحكومة الكويتية تراكم "انتصاراتها" على استجوابات النواب

صمود الحكومة الحالية أمام الاستجوابات النيابية يعود إلى وجود قرار سياسي للحفاظ على استمرار حكومة الشيخ جابر رغم تعرّضها لاستجوابات كثيرة.
الخميس 2019/07/04
أحدث الناجين من عاصفة الاستجوابات

الكويت - اجتاز وزير المالية الكويتي نايف الحجرف الأربعاء، بنجاح، تصويتا بالبرلمان على طرح الثقة به أفضى إلى التجديد له بموافقة 32 عضوا ورفض 16 من أصل 48 من نواب مجلس الأمّة حضروا الجلسة.

وبذلك تواصل حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح صمودها في وجه الاستجوابات النيابية وتتفادى مصير سابقاتها التي كثيرا ما أطاحت الاستجوابات النيابية بأعضائها وأدّت إلى حلّها وإلى إبطال البرلمان، ما جعل عدم الاستقرار الحكومي وانعدام الاستمرارية في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية ميزة بارزة في الحياة السياسية بالكويت.

والحكومة والبرلمان الحاليان بحدّ ذاتهما نتاج انتخابات مبكرة جرت في نوفمبر 2016 بعد أن أدت خلافات حادّة بين السلطتين وموجة استجوابات نيابية للوزراء إلى حل الحكومة وإبطال مجلس الأمّة آنذاك.

وبحسب متابعين للشأن الكويتي فإنّ صمود الحكومة الحالية أمام الاستجوابات النيابية التي لم تخفّ وتيرتها قياسا بما واجهته حكومات سابقة، ليس من قبيل الصدفة، وإنّها هو نتيجة قرار سياسي واستراتيجية واضحة للحفاظ على استمرار حكومة الشيخ جابر رغم تعرّض عدد كبير من وزرائها لاستجوابات أفضى اثنان منها إلى إسقاط وزيرين.

محمد هايف: كان هناك في الجلسة البرلمانية توزيع أدوار بين النواب
محمد هايف: كان هناك في الجلسة البرلمانية توزيع أدوار بين النواب

ويقول هؤلاء إنّ من ضمن وسائل “الصمود الحكومي” عقد تسويات مع النواب تفضي لسحب الاستجوابات أو للتصويت لصالح الوزراء ضد طلبات سحب الثقة منهم. وفي ما يتعلّق برئيس الحكومة المعرّض بدوره للاستجوابات، فقد برزت وسيلة قانونية تمّ استخدامها بالفعل وتتمثّل في إحالة مشروع الاستجواب المقدّم له إلى اللجنة التشريعية في البرلمان، حيث يتم الطعن في دستوريته وإلغاؤه.

وفي مايو الماضي جنّبت هذه الآلية رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الصعود إلى منصّة الاستجواب بناء على طلب تقدّم به النائب عبدالكريم الكندري وناقشه مجلس الأمّة.

وكان الوزير الحجرف قد خضع لاستجواب تقدم به النائب محمد هايف المطيري أواخر يونيو الماضي وانتهى بتقدّم 10 نواب بطلب لطرح الثقة عنه.

وتضمّن الاستجواب محورين تمثّل الأول في ما سماه مقدم الطلب “حنث وزير المالية باليمين والكذب على الأمة ونوابها”. وتعلّق المحور الثاني وفق المطيري بـ”عدم جواز اقتضاء فوائد على استبدال الراتب تحت أي مسمى كوصفها بأنها عائد استثماري”.

وأيّد النائب عادل الدمخي أثناء الجلسة البرلمانية استجواب الحجرف وسحب الثقة منه قائلا إن الاستجواب يتعلق بفئة مهمة وهي المتقاعدون وكان نتيجة تعهد بحلحلة قضية الفوائد “الربوية”، مضيفا “هذه فائدة ربوية فاحشة تصل إلى 81 في المئة ويجب أن تتوقف”.

وقال الوزير الحجرف عقب التصويت في المجلس إنّ “تجربة الاستجواب عكست مظاهر عدة، وأشير إلى الانحراف في النقاش الذي قد يهدد استقرار المؤسسات، واستوقفنا حجم الحملات المضللة ضد تشريعات وقوانين والتي أثارت مفاهيم مغلوطة”.

وفي إشارة إلى إمكانية وجود تسويات حكومية نيابية وراء نجاة الحجرف من سحب الثقة، قال النائب محمد هايف مقدّم الاستجواب “كان هناك توزيع أدوار بين النواب اليوم”، مؤكّدا “سنستمر في متابعة هذه القضية وأي وزير للمالية في دور الانعقاد المقبل لا يطبق إسقاط الفوائد سيتعرض لما تعرض له الوزير الحجرف”.

وأعطت المادة مئة من الدستور الكويتي الحق “لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم”، لكن هذا الحقّ استخدم بكثافة من قبل النواب الذين لم تكن غاياتهم دائما خدمة المصلحة العامّة وتحسين الأداء الحكومي، وإنّما تعدّت ذلك لتصفية حسابات شخصية وحزبية وقبلية وتحقيق مكاسب أو حمايتها.

وسبق لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن عبّر في أكثر من مرّة عن امتعاضه من مبالغة النواب في اللجوء إلى آلية الاستجواب، ملوّحا باستخدام سلطاته الواسعة لتغيير هذا الوضع.

ويتطلب حجب الثقة عن أي عضو بالحكومة الكويتية النصف زائد واحد أي 32 صوتا من مجموع عدد أعضاء المجلس وهم 50 نائبا إلى جانب الوزراء البالغ عددهم حاليا 14 وزيرا ويتمتعون بعضوية البرلمان بحكم الدستور بينهم نائب منتخب، وبذلك يصبح المجموع الكلّي 63 عضوا، لكن رئيس المجلس عادة لا يصوّت فيتبقى 62 لأن أحد الوزراء هو نائب أيضا.

3