الحكومة الفلسطينية تواجه وضعا ماليا معقدا

الموازنة الفلسطينية تعاني من عجز شهري يقدر بنحو 115 مليون دولار.
الجمعة 2023/03/17
أزمة الحكومة الفلسطينية تتفاقم

رام الله - تواجه الحكومة الفلسطينية وضعا ماليا معقدا في ظل عجز متنام بفعل سياسة إسرائيل في اقتطاع الضرائب وتراجع الدعم الدولي الخارجي.

وقال شاكر خليل، مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، للإذاعة الفلسطينية الرسمية الخميس، إن إجراءات إسرائيل تدفع إلى تفاقم غير مسبوق لعجز الموازنة الفلسطينية وتقلص هامش التحرك لديها.

وذكر خليل أن اقتطاعات إسرائيل من أموال الضرائب المستحقة للحكومة الفلسطينية وصلت إلى أكثر من 276 مليون شيكل إسرائيلي (الدولار الأميركي يساوي 3.6 شيكل)، وهو ما يضاعف العجز المالي الفلسطيني.

وأشار خليل إلى انخفاض الدعم الدولي الخارجي للموازنة الفلسطينية من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 1 في المئة، فضلا عن تأثيرات تضخم الأسعار عالميا.

وأوضح أن الموازنة الفلسطينية تعاني من عجز شهري يقدر بنحو 300 إلى 400 مليون شيكل إسرائيلي، وهو ما يجبر الحكومة على دفع رواتب بقيمة 80 في المئة إلى الموظفين الحكوميين منذ أكثر من عام.

شاكر خليل: تفاقم غير مسبوق لعجز الموازنة يقلص هامش التحرك
شاكر خليل: تفاقم غير مسبوق لعجز الموازنة يقلص هامش التحرك

وتعاني الحكومة الفلسطينية من أزمة مالية هي الأكثر حدة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، ما اضطرها إلى اللجوء إلى اقتطاع 20 في المئة من رواتب موظفيها، وتركها عاجزة عن دفع جزء كبير من مستحقات القطاع الخاص، الذي يورد الكثير من السلع والخدمات للقطاع الحكومي، مثل المستشفيات التي لم تعد قادرة على استقبال أصحاب الأمراض الخطيرة المهددين بالموت.

ويبلغ إجمالي قيمة الرواتب الشهرية 950 مليون شيكل شهريا (275 مليون دولار)، موزعة على الموظفين العموميين والمتقاعدين، وأشباه الرواتب (مخصصات الأسرى، والمخصصات الاجتماعية وغيرها).

ويبلغ إجمالي عدد المستفيدين من الرواتب في السوق الفلسطينية قرابة 245 ألف فرد، بين موظف ومتقاعد أو ممن يتقاضون المخصصات الشهرية من الحكومة.

وفي المقابل، يبلغ متوسط الدخل الحكومي بالوقت الحالي مليار شيكل (290 مليون دولار)، منها 92 في المئة تأتي من الضرائب والرسوم التي يدفعها المواطنون، والنسبة المتبقية بين منح خارجية وإيرادات أخرى.

ونبه خليل إلى أن الدعم الخارجي، بما في ذلك من الدول العربية، لفلسطين موجه بشكل أساسي للمشاريع، فيما المشكلة الأساسية تتعلق بدعم الموازنة.

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية اجتمع في مدينة رام الله الأربعاء مع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للضفة الغربية وقطاع غزة ألكسندر تيمان.

وبحسب بيان حكومي، بحث الطرفان أجندة اجتماع الدول المانحة المزمع عقده في شهر مايو المقبل، وحث الدول المانحة على دعم الموازنة الفلسطينية لمواجهة الأزمة المالية.

وواجهت الحكومة الفلسطينية على مدار الأسابيع الأخيرة سلسلة إضرابات واحتجاجات من النقابات، على خلفية المطالبة بصرف رواتب كاملة وإدراج علاوات وظيفية.

وأوقفت غالبية الدول المانحة الدعم المالي للسلطة خلال العامين الماضيين، كل لأسبابه. ولا توجد أي إشارات على عودة الدعم السخي الذي قدمته الدول المانحة للسلطة بعد تأسيسها، منه 20 مليار دولار قدمت للخزينة العامة، ومبالغ أخرى تزيد عن ذلك للبنية التحية.

ويرى الكثير من الخبراء أن الأزمة داخلية، وأن توقف الدعم الخارجي والاقتطاعات الإسرائيلية عملا على زيادة تفاقمها.

العلاقة بين السلطة الفلسطينية ومحيطها العربي تشهد توترا على خلفية الموقف من اتفاقات السلام الموقعة بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة ثانية

ويقول الباحث المختص في الموازنة العامة مؤيد عفانة إن الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية “أزمة بنيوية متراكمة، إنها أزمة مفتوحة الأجل، وتتجه إلى المزيد من التعمق”. وأضاف “هذه أزمة عمرها 20 عاما، وهي تتراكم عاما بعد عام، ولا يوجد أفق للحل”.

ولجأت السلطة الفلسطينية في السنوات الأخيرة إلى الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية والخارجية، من أجل تنفيذ التزاماتها من رواتب وخدمات إلى درجة تجاوزت معها “الخط الأحمر” للاقتراض.

وتبين الوثائق الحكومية ودراسات الخبراء أن الدّين العام على الحكومة بلغ حوالي 32 مليار شيكل، منها حوالي 12 مليار شيكل دين نقدي مباشر من مؤسسات مالية محلية وخارجية، يضاف إليها المليارات من الشواكل على شكل متأخرات للقطاع الخاص، واقتطاعات من رواتب الموظفين ومن صندوق التقاعد.

وما يزيد الأمور تعقيدا أن الدول المانحة التي تعتمد السلطة على مساعداتها ألمحت أخيرا إلى أنها أصيبت بالإرهاق من مطالب السلطة المتكررة للدعم المالي، إلى درجة طالبتها بضرورة وقف التعينات والترقيات، وتقليص المصاريف وهدر الأموال الظاهرة للعيان.

وتشهد العلاقة بين السلطة الفلسطينية ومحيطها العربي اهتزازا في الفترة الماضية على خلفية الموقف من اتفاقات السلام الموقعة بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، وازداد التباعد إثر إظهار الرئيس الفلسطيني محمود عباس نية لتغيير تحالفاته. وتوقفت المساعدات العربية المقدمة للحكومة الفلسطينية بشكل لم يسبق له مثيل منذ قرابة عقدين.

ولجأت الحكومة خلال الأشهر الماضية إلى الاقتراض من البنوك كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية.

وتقترض السلطة الفلسطينية شهريا من البنوك العاملة لديها نحو 130 مليون دولار لتسديد أنصاف رواتب الموظفين.

2