الحكومة العراقية تدعم قرارات الصدر الاحترازية بعد التهديدات الإسرائيلية

بغداد – رحب مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الثلاثاء بخطوة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر الذي أمر "سرايا السلام" الجناح العسكري للتيار بنقل مقراته الإدارية ومواقعها العسكرية إلى مناطق بعيدة عن السكان بمدة أقصاها أربعين يوما، معتبرا أن الخطوة تهدف للحفاظ على أمن وسلامة العراق.
تسعى الحكومة العراقية للتخلص من شبح الحرب التي تدور رحاها في غزة ولبنان، فبعد قصف متكرر لمجموعات عراقية لإسرائيل عبر الاراضي السورية أو العراقية بطائرات مسيرة والتهديدات الإسرائيلية باستهداف العراق رداً على قصف فصائل لإسرائيل، تعمل بغداد على التهدئة وإزالة الأسباب التي قد تؤدي إلى دخول بغداد في الحرب.
وقال الأعرجي في منشور عبر منصة إكس، "نُثمن عالياً التوجيهات الحكيمة التي أصدرها مقتدى الصدر بخصوص مقرات وتحركات سرايا السلام، المنضوية رسمياً تحت مظلة القوات العراقية الرسمية".
وأضاف "في الوقت الذي نُشيد ونبارك هذه الخطوة، نؤكد مجدداً أن العراق قوي بوحدة وتماسك شعبه، وعلى الجميع مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي، وتجنيب البلد مخاطر الإنزلاق إلى حرب إقليمية يسعى إلى إشعالها الكيان المحتل".
وكان مقتدى الصدر قد أصدر أربع توجيهات لجماعة "سرايا السلام" التي تعتبر جزءا من الحشد الشعبي وذلك على خلفية تصاعد التهديدات الإسرائيلية باستهداف العراق.
ووفق وثيقة صادرة عن الصدر بخط يده، وموقعة باسمه وختمه تحت عنوان "أوامرنا إلى الإخوة الأحبة المجاهدين في سرايا السلام"، جاء فيها "الأمر الأول تبديل مقرات سرايا السلام الإدارية والعسكرية وغيرها من المناطق السكنية إلى مناطق بعيدة عن السكان خلال مدة أقصاها 40 يومًا من تاريخ هذا الكتاب".
واستثنى الصدر مدينة سامراء فقط، حيث يُمسك التيار الصدري بملفها الأمني بشكل كامل، مع انتشار سرايا السلام في المدينة وقصباتها الريفية لتشكيل طوق أمني حولها.
كما طالب الصدر "بمنع استعمال السيارات بصورة مفرطة لا ترضي الله تعالى ولا المجتمع" مضيفا "يمنع استعمال أكثر من 5 سيارات (رسمية) غير شخصية لكل من القيادات، وضرورة سحب كافة السيارات غير الشخصية".
كما أمر بإلغاء "جميع صور آل الصدر عن المقرات لاسيما الخارجية فورا وخلال مدة أقصاها ثلاثة أيام من تاريخ هذا البيان"، قائلا إن ذلك لا يشمل "الصورة في الغرف والممرات الداخلية وما شاكلها، ولا دخل للصورة في الشوارع والأزقة والساحات العامة."
وختم قائلا "من الضروري أن يكون علم العراق أعلى مـن كل راية ومنها (راية سرايا السلام) فنحن (التيار الوطني الشيعي) والرجاء رفع راية الإمام المهدي الخضراء مع العلم العراقي وراية سرايا السلام. وهذا أمر خاص بالسرايا حصرا".
ووصف محللون إجراءات الصدر بالاحترازية، فيما توقعوا أن تستمر الفصائل المنضوية تحت ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق في ضرباتها رغم إعلان وقف إطلاق النار في جنوب لبنان.
وقال المحلل السياسي مناف الموسوي إن "بيان الصدر يؤشر لمشروع إصلاحي مدعوم من المرجع الأعلى للشيعة علي السيستاني، مبينا أن "توجيهات الصدر تأتي في سياق توجيهات المرجعية".
وأوضح في تصريح لـ"برنامج المقاربة"، على قناة دجلة الفضائية العراقية مساء الثلاثاء أن "هناك مؤشرات على إمكانية عودة التيار الوطني الشيعي في الانتخابات المقبلة، مبيناً أن "إجراء الصدر قد يكون مرتبطاً بحادثة مقر السرايا في ديالى".
وأشار إلى أن "اتفاق وقف إطلاق النار قد يخفف التهديدات على العراق"، مؤكداً أن "توجيهات الصدر حالة احترازية ولا تتعلق بالتهديدات"، وأن "توجيهات الصدر الأخيرة إحدى مبادرات حصر السلاح بيد الدولة".
وكان الصدر دعا في مواقف سابقة الى حصر السلاح بيد الدولة وهو موقف يتماهى مع موقف المرجعية الشيعية بقيادة علي السيستاني.
من جانبه، وصف المحلل السياسي هاشم الكندي، انسحاب زعيم التيار من مجلس النواب، بأنه "كان نعمة"، مبينا أن "الصدر مباشر ولو كان يعني الفصائل لصرح بذلك دون تلميح".
وأشار إلى أن "سرايا السلام ليست ضمن الجهات المهددة وتوجيهات الصدر لا تتعلق بالتهديدات الإسرائيلية"، مؤكداً أن "الصدر لديه ملاحظات على ممارسات لعناصر في التيار"، وأن "توجيهات الصدر الأخيرة تنظيمية ومعتاد عليها".
وأوضح أن "المقاومة العراقية لا توقف ضرباتها مع وقف إطلاق النار في لبنان"، وأن "الفصائل مستعدة للتحول من جبهة مساندة إلى مواجهة".
وكانت السفيرة الأميركية لدى بغداد ألينا رومانسكي قد أكدت الثلاثاء جدية التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات للعراق وقالت خلال طاولة مستديرة لعدد من وسائل الإعلام إن "الاسرائيليين أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة ايرانيا والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل".
وأضافت "رسالتنا الى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تعتبر بأوامر الحكومة وأوامر للقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، واسرائيل أمة لها سيادتها وهم سيقومون بالرد على اي اعتداء من أي مكان ضدهم".
ورغم التحذيرات الأميركية والحديث عن وقف إطلاق النار في لبنان تعهدت ميليشيات مدعومة من إيران بمواصلة استهداف الدولة العبرية.
وأعلنت "كتائب حزب الله العراق" إحدى أبرز الفصائل العراقية، اليوم الأربعاء، استمرار "عمليات نصرة غزة" رغم وقف إطلاق النار في لبنان الذي أعلن عنه الثلاثاء الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقالت الكتائب في بيان، إن "إيقاف إطلاق النار بين جبهتي الصراع في لبنان والكيان الصهيوني، ما كان ليكون لولا صمود مجاهدي حزب الله وعجز الصهاينة عن تحقيق أهدافهم فكان القرار لبنانياً بامتياز".
وأضافت أن "العدو الأميركي شريك الكيان في كل جرائم الغدر والقتل والتهديم والتهجير، ويجب أن يدفع ثمن ذلك عاجلا أو آجلا"، مشيرة إلى أن "استراحة طرف من محور المقاومة لن يؤثر على وحدة الساحات، بل ستنضم أطراف جديدة تعزز ساحة الصراع المقدس لمواجهة أعداء الله ورسوله والمؤمنين".
وأكدت كتائب حزب الله، "الموقف الثابت من القضية الفلسطينية، وقالت إنه "أصل تُبذل له الدماء الغالية كما بُذلت في لبنان وقوى المحور، وإننا في كتائب حزب الله لن نترك أهلنا في غزة مهما بلغت التضحيات، غير مكترثين بتهديدات الأعداء وطرق غدرهم وأساليب إجرامهم".
وفي 18 نوفمبر الجاري، قدم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، طالب فيها بإجراءات عاجلة بشأن نشاط الفصائل العراقية التي تُستخدم أراضيها لشن هجمات ضد إسرائيل.
وأكد ساعر أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وحماية مواطنيها، محملًا الحكومة العراقية مسؤولية ما يجري داخل أراضيها.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك "بنك أهداف" يشمل الفصائل المسلحة والحشد الشعبي ومقارها وقادتها، مع قرار القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بشن هجوم مرتقب على العراق.
وتنتشر داخل العاصمة العراقية بغداد والمحافظات عشرات المقار العسكرية التابعة للمليشيات والفصائل، مما يجعلها قنبلة موقوتة لقربها من السكان.