الحكومة العراقية تتحرك لحل معضلة الكهرباء المزمنة استعدادا لصيف لاهب

بغداد – يزور وفد حكومي عراقي إيران الأسبوع المقبل لحل معضلة إمدادات الغاز، مع تصاعد التململ الشعبي في عدد من المحافظات حيال تراجع عدد ساعات التزويد بالكهرباء، والذي يُخشى أن يتفاقم صيفا.
وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية الأربعاء أن الوزير ماجد حنتوش سيجري الأسبوع المقبل مفاوضات في إيران، لزيادة كميات الغاز الإيراني المستورد من 20 إلى 70 مليون قدم مكعبة قياسية يوميا، كما سيبحث ملف الديون المستحقة لإيران على العراق.
ويعتمد العراق في توفير التيار الكهربائي على إيران، وخاصة خلال فصل الصيف، لكن النقص في الميزانية دفع بغداد إلى التخلّف عن دفع مستحقاتها.
والغاز الذي ترغب بغداد في زيادة كميات وارداته، يستخدم لتشغيل محطات الكهرباء، وتزود إيران العراق بمقدار 20 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا، "وهذه الكمية لا تلبي حاجة العراق لتشغيل المحطات الكهربائية التي تعتمد عليه، والتي تصل الحاجة الفعلية لها خلال الصيف إلى 70 مليونا".
وشهدت أغلب مناطق العاصمة بغداد خلال الأيام الماضية نقصا ملحوظا بعدد ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، مما ولّد امتعاضا لدى سكان العاصمة، في ظل بدء الارتفاع في درجات الحرارة.
وبحسب مختصين، فإن العراق يحتاج إلى رفع طاقته الإنتاجية بنحو الضعف لتأمين مستويات مستقرة من الطاقة الكهربائية، حيث ينتج العراق ويستورد 19 ألف ميغاواط في الساعة، فيما يحتاج إلى نحو 40 ألف ميغاواط لتأمين الكهرباء للدور والمؤسسات الحكومية.
وتشير إحصاءات وزارة التخطيط العراقية إلى أن مستويات الطلب على الكهرباء ترتفع بنسبة بين 7 و10 في المئة سنويا، لاسيما في ظل التوسع السكاني والاقتصادي.
وبعد صرف نحو 80 مليار دولار، يقضي العراقيون شتاء باردا، وصيفا ساخنا، وسط اتهامات متبادلة بين الأحزاب السياسية بالفساد، الذي يغلف عقود وزارة الكهرباء.
ويجري العراق مباحثات مع دول خليجية على رأسها السعودية، لاستيراد الكهرباء منها عبر ربط شبكتها بمنظومة الخليج، بعد أن كان يعتمد على إيران وحدها خلال السنوات الماضية عبر استيراد طاقة بقدرة 1200 ميغاوات، في مسعى لاحتواء أزمة نقص إمدادات الطاقة الكهربائية، مع قرب حلول فصل الصيف الحار في البلاد.
وأزمة الكهرباء أزمة مزمنة في العراق جراء الحصار والحروب المتتالية، ولم يتم حلها في ظل اتهامات بالفساد وهناك خلافات مع إيران بشأن الديون المستحقة من الغاز والتي تقدر بأربعة ملايين دولار.
ويحتج السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وخاصة في فصل الصيف، إذ تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
وفي بغداد يرتفع هدير المولدات مع الانقطاع اليومي في الكهرباء، ويستغل العراقيون فرصة قصيرة في استخدام حمامات عامة أقيمت في الشارع.
وفي صيف 2018 أثار تردّي الخدمات احتجاجات مزعزعة للاستقرار في البصرة. وفي السنة التي تلتها شلت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة بغداد ومناطق جنوب العراق.
وعجز قطاع الطاقة في العراق عن تسديد الطلب الصيف الماضي، مما أطلق شرارة تجدد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وهو ما جعل العراق يفرض حظرا صارما للتجول على مدار الساعة.
وكشف تحقيق برلماني في العراق عن حقائق صادمة بشأن حجم الأموال التي صُرفت على قطاع الكهرباء الحكومي، دون تحقيق أي تقدم على مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين، ما يسلط الأضواء على الأثر الرهيب الناتج عن الفساد.
وقال التحقيق الذي أعدته لجنة برئاسة نائب رئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي إن "الحكومات المتعاقبة بين 2005 و2019 صرفت على قطاع الكهرباء 80 مليار دولار، دون أن تلامس ولو من بعيد الحاجة الاستهلاكية للبلاد".