الحكومة السورية الجديدة بين الترحيب الدولي المشروط والانتقادات الداخلية

واشنطن تحدد ست شروط لتعديل سياستها تجاه سوريا، فيما يبدي الاتحاد الأوروبي استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة، بينما أكدت الإدارة الذاتية الكردية أنها لن تكون "معنية" بتنفيذ قراراتها.
الثلاثاء 2025/04/01
هل تنجح الحكومة الجديدة في تحقيق الاستقرار وكسب ثقة المجتمع الدولي

دمشق – اعتبرت الولايات المتحدة تشكيل الحكومة السورية الجديدة خطوة إيجابية، لكنها ربطت تخفيف العقوبات بتحقيق تقدم ملموس في عدة ملفات، على رأسها مكافحة الإرهاب واستبعاد المقاتلين الأجانب، وبينما رحب الاتحاد الأوروبي بحكومة دمشق وأبدى استعداده للتعاون معها، انتقدتها الإدارة الذاتية الكردية وقالت إن تشكيلها لم يراع التنوع بالبلاد.

حددت واشنطن ستة شروط لتعديل سياستها تجاه دمشق، تتضمن استبعاد المقاتلين الأجانب، ضمان أمن الأقليات، وتدمير الأسلحة الكيميائية.

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس خلال مؤتمر صحافي "نحن ندرك معاناة الشعب السوري الذي عانى لعقود من الحكم الاستبدادي والقمع الذي مارسه نظام الأسد، ونأمل بأن يمثل هذا الإعلان خطوة إيجابية نحو سوريا شاملة وممثلة للجميع".

وأضافت "ومع ذلك، ينبغي للسلطات المؤقتة في سوريا أن تنبذ تماماً الإرهاب وتقمعه، وتستبعد المقاتلين الأجانب من أي أدوار رسمية، وتمنع إيران ووكلاءها من استغلال الأراضي السورية".

ومن ضمن الشروط أيضا "تدمير الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، والمساعدة في العثور على المواطنين الأميركيين وغيرهم من المفقودين في سوريا، وتوفير الأمن والحرية للأقليات الدينية والعرقية".

وتابعت "ستواصل الولايات المتحدة تقييم سلوك السلطة السورية المؤقتة وتحديد خطوتنا التالية بناءً على تلك الإجراءات".

وفي ما يتعلق بالعقوبات، قالت إن "أي تعديل في السياسة الأميركية تجاه السلطات المؤقتة في سوريا سيكون مشروطاً باتخاذ كل هذه الخطوات".

وفي المقابل، رحّب الاتحاد الأوروبي الإثنين بتشكيل الحكومة السورية الجديدة وقال إنّه مستعدّ لـ"التعاون" معها.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في التكتّل كايا كالاس ومفوّضون آخرون في بيان، إنّ "الاتحاد الأوروبي مستعدّ للتعاون مع الحكومة الجديدة لمساعدتها على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظرها".

وأكد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الإثنين أن الحكومة الجديدة راعت "تنوع" المجتمع السوري، بعيدا عن "المحاصصة"، مقرا في الوقت ذاته بصعوبة "إرضاء" الجميع، وفي رد ضمني على انتقادات طالت تركيبة الحكومة التي تولى مقربون منه أبرز حقائبها.

وأعلن الشرع ليل السبت تشكيل حكومة من 23 وزيرا، من دون رئيس للوزراء. ورغم أنها جاءت أكثر شمولا من حكومة تصريف الأعمال التي سيّرت البلاد منذ إطاحة حكم بشار الأسد قبل أكثر من ثلاثة أشهر، إلا أن تشكيلها أثار انتقادات أبرزها من الإدارة الذاتية الكردية، التي انتقدت "مواصلة إحكام طرف واحد السيطرة" على الحكومة، وقالت إنها لن تكون "معنية" بتنفيذ قراراتها.

وفي كلمة ألقاها عقب أدائه صلاة عيد الفطر في قصر الشعب، قال الشرع "سعينا قدر المستطاع أن نختار الأكفاء.. وراعينا التوسع والانتشار والمحافظات وراعينا أيضا تنوع المجتمع السوري، رفضنا المحاصصة ولكن ذهبنا إلى المشاركة" في تشكيل الحكومة واختيار وزرائها.

وأضاف "اخترناهم أصحاب كفاءة وأصحاب خبرة ومن دون توجهات فكرية أو سياسية معينة، همهم الوحيد هو بناء هذا البلد وبناء هذا الوطن وسنوفر لهم كل الإمكانيات ليكونوا ناجحين".

وأقر أنه "لن نستطيع أن نرضي الجميع"، موضحا "أي خطوات سنأخذها لن تحصل على التوافق وهذه الحالة الطبيعية، ولكن علينا أن نتوافق بالحد الأدنى وبالمستطاع"، معتبرا أن بلاده امام "طريق طويل وشاق" لكنها تملك "كل المقومات التي تدفع الى نهضة هذا البلد".

ويشكّل السنّة الغالبية الساحقة من أعضاء التشكيلة الحكومية الجديدة، بما يعكس التركيبة الديمغرافية للبلاد التي حكمتها عائلة الأسد المتحدرة من الأقلية العلوية لعقود.

وضمّت كذلك أربعة وزراء من الأقليات، تولوا حقائب ثانوية: وزيرة مسيحية ووزير درزي وآخر علوي، إضافة الى كردي غير محسوب على الإدارة الذاتية الكردية التي كانت توصّلت منتصف مارس إلى اتفاق مع السلطات الجديدة، يقضي بإدماج مؤسساتها ضمن الدولة. إلا أنّ بعض المحللين يخشون أن يبقى الاتفاق حبرا على ورق.

وتولى مقربون من الشرع الحقائب الاساسية، بينها الخارجية والدفاع والداخلية والعدل.

وقالت الإدارة الذاتية لشمال شرقى سوريا إن الحكومة الجديدة أخفقت في "توفير تمثيل عادل وحقيقي" لجميع السوريين، وأكدت عدم امتثالها لقراراتها

وأضافت في بيان نشر عبر الإنترنت "هذه السياسات، التي تصر عليها حكومة دمشق، تعيدنا إلى المربع الأول، حيث تحتكر جهة واحدة السلطة وتستبعد المكونات والمجموعات السورية من العملية السياسية وإدارة شؤون البلاد."

وتابعت "أي حكومة لا تعكس التنوع والتعددية في سوريا لن تكون قادرة على إدارة البلاد بشكل صحيح وإخراجها من الأزمة التي تعاني منها."

وأكدت الإدارة أنها "لن تكون معنية بتنفيذ أو تطبيق" القرارات الصادرة عن هذه الحكومة.

وتأمل السلطة الجديدة استكمال مسار توحيد البلاد، بعد 14 عاما من نزاع مدمر ودام. وتواجه وفق محللين تحديات كبيرة لجهة طمأنة المكونات السورية وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي، من أجل رفع العقوبات.

وبعد إعلانه رئيسا انتقاليا في يناير، أعلن الشرع أن المرحلة الانتقالية ستمتد لخمس سنوات، على ان يصار بعدها الى إجراء انتخابات وفق دستور جديد.

وحصل الشرع، بموجب الإعلان الدستوري الموقت الذي وقعه في 15 مارس، على صلاحيات كاملة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن "صلاحيات الرئيس الواسعة تثير مخاوف كبيرة بشأن استمرارية حكم القانون وحماية حقوق الإنسان ما لم تُتخذ تدابير وقائية واضحة".