الحكومة الجزائرية تضفي طابعا وطنيا على الإعلان في المؤسسات الإعلامية الرسمية

الجزائر - دعا المدير العام للإذاعة الجزائرية محمد بغالي المستثمرين الاقتصاديين إلى الترويج لمنتوجاتهم عبر الإذاعة الجزائرية، معتبرا أن “الإعلان” ليس سلوكا نفعيا فقط وإنما هو “مُواطَنِي يدعم وسائل الإعلام التي توجد في جبهة الصد الأولى أمام حملات ضرب استقرار الجزائر ووحدتها”.
وتحدث بغالي بإسهاب عن الإمكانيات الهامة التي توفرها الإذاعة الجزائرية للمعلنين الاقتصاديين الجزائريين خلال ندوة إعلامية بعنوان “إعلام وإعلان لنسيج اقتصادي متكامل” نظمتها إذاعة الشلف بمناسبة الذكرى الـ19 لانطلاق بثها، في محاولة لإقناع المستثمرين بجدوى الإعلان لديها.
واعتبر بغالي الإذاعة الجزائرية “واحدة من المؤسسات الإعلامية الأكبر والأعرق والأكثر التحاما بالشعب الجزائري الأكثر انتشارا عبر محطاتها الإذاعية المحلية والجهوية على مستوى الجزائر وبساعات بث تصل إلى 900 ساعة يوميا”.
وقال بغالي أيضا إن “الإذاعة الوطنية تحتل المرتبة الأولى في مجال الإعلام الرقمي بـ11 مليون مشترك في منصات التواصل الاجتماعي وتطمح إلى بلوغ الـ20 مليون مشترك خلال السنة الجارية، وهو ما يؤهلها لأن تحتل صدارة المؤسسات الإعلامية من حيث الفضاءات الكبيرة والواسعة التي يمكن أن توفرها للمعلنين والمتعاملين الاقتصاديين”.
وتحاول الحكومة الجزائرية إضفاء الطابع الوطني على الإشهار، وتسويقه على أنه مهمة وطنية لخدمة الشعب، وسط تراجع الإعلانات عموما في الإعلام الجزائري.
ومشكلة نقص المساحات الإعلانية طالت كل وسائل الإعلام وبالأخص إبّان الأزمة الصحّية (جائحة كوفيد – 19)، وازدادت حدة بعدها بسبب انهيار أنشطة المؤسسات الاقتصادية والتجارية، كوكالات بيع السيارات التي كانت توفر في السابق مكاسب إعلانية كبيرة قبل أن تتوقف بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
وقال المدير العام إن الإعلان سلوك مواطني من خلاله يدعم المتعاملون الاقتصاديون وسائل الإعلام التي تقف في جبهة الصد الأولى لدعم استقرار ووحدة الجزائر ونسيجها الاجتماعي، مشيرا إلى أن الإذاعة الجزائرية تخوض حربا إعلانية على كل الحملات الدعائية والأخبار المغلوطة والإشاعات التي تستهدف ضرب استقرار المواطن الجزائري في نفسيته.
ويردد المسؤولون في الجزائر غالبا تصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي يطالب الإعلام الجزائري بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، كما طالبه بالمزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف للتصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.
ودائما ما يقرن المسؤولون في الجزائر كلمتي الحرب والإعلام في تصريحاتهم. وتسيطر على المسؤولين نظرية مفادها أن البلاد تواجه “مؤامرة من الخارج تتضمن موجة التدفقات الإعلامية الخارجية لإحباط معنويات الجزائريين والمساس بمصداقية مؤسسات الدولة الأكثر حساسية”.
وفي سياق آخر، أشار بغالي إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تخترق المشهد الإعلامي الجزائري بقوة، وتنافس وسائل الإعلام خصوصا العمومية التي تلتزم بالرواية الرسمية للسلطة دون أن تقدم المعلومة أو الخبر الذي يثير اهتمام المواطن الجزائري.
وساهمت السلطة من خلال استمرارها في سياسة التحكم في قطاع الإعلام في أن تكون شبكات التواصل الاجتماعي البديل الإعلامي المتاح، لفتح أبواب التفاعل والنقاش وكشف الكثير من الملفات والقضايا التي لا تزال “مسكوتا عنها” في الإعلام التقليدي.
26
مليون ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي في بلد يبلغ عدد سكانه 42 مليون نسمة
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 42 مليون نسمة، ينشط 26 مليون مستخدم على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر شريف دريس “سمحت شبكات التواصل الاجتماعي للجزائريين بالتعبير وأصبحت بديلاً فعليًا للفراغ الذي خلفته العديد من وسائل الإعلام”.
ويرى متابعون للمشهد الإعلامي أن السلطات الجزائرية تريد أن يلعب الإعلام المملوك للحكومة دوراً أكبر في صناعة الرأي العام، لاسيما في القضايا المتعلقة بالمسائل الخارجية والدفاع عن الخيارات الاقتصادية للبلاد، خصوصاً في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم وتغير لعبة المحاور والمصالح والاصطفاف الدولي.
ويستند هذا الطرح إلى دعوة السلطات الجزائرية الإعلام المحلي إلى خوض ما تسميه “معركة تماسك الجبهة الداخلية وإدراك المخاطر الحقيقية والمؤامرات الإقليمية التي تستهدف أمنها واستقرارها”، وهي تصريحات باتت تتردد كثيراً على لسان مسؤولين في الدولة.
وهو ما أشارت إليه تصريحات سابقة لوزير الاتصال الجزائري محمد بوسليماني، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو الماضي، قال فيها إن “دور الصحافة لا يقتصر على الشأن المحلي، وإنما يتعداه إلى تسويق صورة الجزائر ومواقفها إقليمياً ودولياً، والإنجازات المحقَقة بالجزائر عبر مجالات عدة، بعيداً عن تقزيم الإيجابيات والتركيز على السلبيات”.
كما يأتي تعزيز حضور الإعلام الحكومي في ظل التحولات التكنولوجية والرقمية الجديدة والتغير الواضح في عادات الجزائريين من ناحية استهلاكهم للمضامين الواردة في مواقع التواصل، إذ بات الجمهور أكثر انجذاباً إلى صيغ معالجة المحتوى بخدمات الإنفوغرافيا والفيديو، وكذلك المحتويات الإعلامية متعددة الوسائط، وهو ما يمكن استقراؤه من خلال نسبة المشاهدات التي تُحققها المحتويات المبتكرة.