الحكومة الجزائرية تخرج من مبناها لاحتواء غضب الشارع

الجزائر - نقل رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبدالرحمن اجتماع حكومته إلى مدينة خنشلة بالجنوب الشرقي للبلاد، ليكون بذلك أول اجتماع لها يُعقد خارج أسوار مبنى الحكومة، للدلالة على توجهات الحكومة نحو النزول أكثر إلى اهتمامات وانشغالات الشارع الجزائري واحتواء حالة الغليان المستشرية.
وتزامن اجتماع مجلس الحكومة خارج العاصمة مع الذكرى الثانية لانتخاب عبدالمجيد تبون رئيسا للجزائر في العام 2019، وهي إشارة إلى دخول طاقمه في خارطة تنفيذ التعهدات الانتخابية التي أطلقها آنذاك، ومن بينها عقد اجتماعات الحكومة في المحافظات، لإضفاء حالة من الشفافية والاهتمام بالانشغالات اليومية للسكان.
وتعد محافظة خنشلة الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد من أفقر محافظات الجمهورية، إذ تفتقد لفرص التنمية والاستثمارات ويعتمد سكانها في الغالب على الزراعة وتربية المواشي، وكانت قد تعرضت خلال بداية الصائفة الماضية إلى موجة من الحرائق أتلفت عشرات الهكتارات من الأحراش والغابات وحقول التفاح التي تشتهر بها.
وكغيرها من المحافظات المعزولة، يعاني سكان خنشلة من ارتفاع نسب البطالة وندرة فرص التشغيل التي تعتمد في الغالب على ما توفره الدوائر والاستثمارات الحكومية، في ظل غياب استثمارات القطاع الخاص.
ويأتي الاجتماع المذكور للتغطية على النشاط الحكومي المحتشم على أرض الواقع، حيث تلاحظ ندرة نشاط الوزراء في تفقد ومعاينة مشاريعهم القطاعية في ربوع البلاد، عكس الحكومات السابقة خلال حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
ويبقى الرئيس تبون الغائب الأكبر عن النزول إلى الميدان للاحتكاك بالسكان والاطلاع على انشغالاتهم، فرغم مرور عامين على انتخابه رئيسا للبلاد، لم يبرح الرجل قصر المرادية إلا في جولات محدودة بالعاصمة، ولم ينزل بتاتا إلى أي من مدن ومحافظات الجمهورية.
اجتماع الحكومة في خنشلة يهدف إلى التغطية على نشاطها المحتشم حيث تلاحظ ندرة نشاط الوزراء في تفقد مشاريعهم القطاعية
ومازالت أسباب اكتفاء الرجل الأول في الدولة بنشاطه الرسمي الديبلوماسي والإشراف على الأنشطة المركزية فقط بالعاصمة، على غرار اجتماعات مجلس الوزراء وبعض اللقاءات الهامة لمسؤولي البلاد كالحكومة والمحافظين، مجهولة لحد الآن ولو أن بعض التأويلات تذهب إلى تأثره بالوعكة الصحية التي أصيب بها العام الماضي وغيبته عن البلاد لعدة أشهر.
وأكد رئيس الوزراء في الاجتماع المنعقد الأحد بمدينة خنشلة على عزم حكومته “الدفع بالاستثمارات العمومية من أجل خلق الثروة على مستوى محافظة خنشلة، وإلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المحافظة من أجل استغلال عامل الاستثمار، كونه المحرك الأساسي للتنمية”.
وشدّد بن عبدالرحمن على “ضرورة الاعتماد على الاستثمار في المجالات الخلاقة للثورة ومناصب الشغل في المحافظة”، وهي إشارة إلى مغازلة الشارع المحلي والتهدئة من حالة الغضب التي تخيم على البلاد، بسبب تفشي البطالة وتراجع القدرة الشرائية والغلاء الفاحش للأسعار.
وأوضح وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود أن “محافظة خنشلة استفادت من مشاريع تنموية، عملا بمخطط الحكومة، وأن الاجتماع كرس لدراسة ومناقشة ورقة الطريق الخاصة بتنفيذ البرنامج التكميلي للتنمية الذي أقره مجلس الوزراء لفائدة محافظة خنشلة مؤخرا”.
ولفت إلى أن خصوصية المحافظة تفرض استغلال عامل الاستثمار على اعتباره محرك التنمية، في مختلف المجالات خصوصا السياحة الحموية والأقطاب الزراعية، مشددا على ضرورة الدفع للاستثمار في المجالات الخلاقة للثروة ومناصب الشغل في محافظة خنشلة.
كما شدد رئيس الوزراء على أن “الحكومة وجهت تعليمات للبنوك لمرافقة المتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين على مستوى المحافظة لتمويلهم بالصفة التي تسمح بتكريس مختلف الصناعات المحلية، لاسيما الصناعات التحويلية”.
وأولى الرئيس الجزائري أهمية خاصة لما أسماه بـ”مناطق الظل” وهي بؤر التخلف الاجتماعي والاقتصادي، وأوعز للحكومة بتخصيص أغلفة مالية لتنفيذ مشروعات قاعدة تهتم بتحسين الخدمات، وتم إحصاء المئات من تلك المناطق بمختلف الأرياف والمحافظات.
غير أن متابعين للشأن الجزائري يرون أن تقلص مداخيل البلاد أفضى إلى تراجع استثمارات الحكومة التي تعد المصدر الأول لخلق فرص الشغل والثروة، وهو ما أدى إلى تراكم العديد من الأزمات خاصة خلال السنوات الأخيرة.