الحكومة التونسية تقر إجراءات جديدة لحماية حقوق العاملات في المجال الزراعي

تونس - أقرت الحكومة التونسية حزمة من الإجراءات الجديدة لحماية حقوق المرأة العاملة في المجال الزراعي، من ضمنها توفير التغطية الاجتماعية وعدد من الامتيازات الجبائية. ويقول مراقبون إن تلك المطالب تعترضها صعوبات، رغم إجماع الخبراء والمراقبين على الدور المهمّ للمرأة العالمة في المجال الزراعي في إنتاج الثروة ومساهمتها في بناء الاقتصاد المحلي، حيث يتواصل تهميش العاملات الريفيات وسط ظروف عمل هشّة دون تغطية اجتماعية أو صحيّة، ما يطرح بجدية ضرورة أن تضع الهياكل المشرفة على القطاع برامج جديدة تهدف إلى تقنين عملهن وحفظ كرامتهن.
ويضيفون أنه تم إهمال مختلف القوانين التي تم الإعلان عنها لفائدة العاملات منذ 2011، وأمام غياب الإرادة السياسية، لم يتم إرساء الآليات اللازمة لتفعيلها. ويعيش أكثر من مليون و700 ألف امرأة وفتاة في الأرياف، بنسبة 32 في المئة من مجمل النساء في تونس، و50 في المئة من مجمل سكان المناطق الريفية، كما يمثلن ما بين 62 و80 في المئة من اليد العاملة في القطاع الزراعي في البلاد. ورغم ذلك تعد المرأة الريفية من أكثر الفئات تهميشاً.
وأكد مشروع قانون المالية لسنة 2025، في فصله 13 تنظيم صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع الزراعي وإقرار امتيازات جبائية لفائدتهنّ، حيث سيتولى هذا الصندوق ضمان التغطية الاجتماعية والمساعدة على تحقيق الإدماج الاقتصادي لهنّ، وسيُعرض على البنك التونسي لضمان التصرّف في برامج الإدماج.
وستتمتع العاملات الفلاحيات من هذا الصندوق الخاص بتغطية اجتماعية باعتبار الصعوبات والإشكاليات التي تواجهها هذه الفئة الهشّة على أن يتم تمويل الصندوق من ميزانية الدولة بـ5 ملايين دينار، وبمداخيل أخرى تتمثّل في معلوم بنسبة 1 في المئة من أقساط التأمين أو معاليم الاشتراك المتعلّقة بجميع فروع التأمين تدفعها شهريا مؤسّسات التأمين، باستثناء عقود التأمين التكافلي، إلى جانب موارد أخرى تتمثّل في معلوم قدره 5 دنانير تدفعها الوكالة الفنية للنقل البري بعنوان كلّ شهادة فحص فني، وبنسبة 10 في المئة من المبلغ الجملي للخطايا المرورية المستخلصة سنويا.
كما تتمتع العاملات بالإعفاء الكلّي من الضريبة على الدخل المستوجبة على المداخيل التي يحققنها، وذلك لمدة 5 سنوات بداية من الأول من يناير المقبل. وسيتمّ إعفاء الشاحنات المعدّة لنقل العملة من معاليم الجولان المستوجبة شريطة عدم ممارسة أصحاب وسائل النقل نشاطا آخر يتعلّق بنقل الأشخاص أو البضائع.
وتمثل النساء الريفيات 15 في المئة من القوة العاملة القارة و8 في المئة من عدد المشغلين. أما البقية فهن خارج منظومة العمل القانوني المؤطر، ولا يتمتعن بالتغطية الاجتماعية ولا الصحية وليس لهن يوم راحة أسبوعي وممنوعات من الغياب الاضطراري للمرض. وأفاد عمر الغزواني، رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بجندوبة (شمال)، أن “هذه الإجراءات مهمة وجريئة وجاءت في الوقت المناسب، حيث طالبنا سابقا بالعديد من المطالب ولم نجد آذانا صاغية".
وأكد في تصريح لـ"العرب" أن "تلك المطالب بدأت تتحقق اليوم، وإجراء التغطية الاجتماعية خطوة ممتازة جدا، لأن المرأة العاملة في القطاع الزراعي تشتغل لساعات طويلة وهي معرضة للحوادث وخطر الطريق". ولفت الغزواني إلى أن “هذا الإجراء سيضمن جزءا كبيرا من حقوق النساء العاملات، وهو مطلب قديم – جديد، أي تقريبا منذ 10 سنوات".
وتشكل النساء الريفيات 90 في المئة من عمال الحصاد ويعملن كعاملات زراعيات موسميات، كما يتلقين أجورهن بشكل يومي وهي غالبًا أقل مما يكسب الرجال الذين يقومون بالعمل ذاته، ويتم صرف جزء صغير من أجورهن على المواصلات ووسائل النقل التي تقلهن من قراهن إلى بساتين الزيتون وينظم ذلك عادة المستخدمون أصحاب المزارع. ولا تتوقف الطرقات والمسالك الريفية عن حصد أرواح العديد منهن، وسنويا يرتفع عدد الجريحات في صفوفهن.
وكشفت حياة العطار المكلفة بملف عاملات الزراعة بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أن أرقام الجرحى والوفيات جراء حوادث الشاحنات ما انفكت ترتفع من سنة إلى أخرى، لتصل إلى حدود 80 حادثا لشاحنات نقل مزارعات بين سنة 2015 وإلى غاية يوم 13 أغسطس الماضي، (10 حوادث منذ بدية السنة)، خلفت في جملتها وفاة 62 عاملة فلاحة وإصابة 912 بجروح متفاوتة الخطورة تصل حد الإعاقة لدى عدد منهن.
وتؤكد نتائج رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط) تحتل المرتبة الأولى في ترتيب الجهات الأكثر تسجيلا لحوادث نقل عاملات الزراعة، حيث عرفت 22 حادثا تليها في ذلك ولاية القيروان (وسط) التي شهدت 17 حادثا وتأتي بعدهما ولاية القصرين (غرب) في المرتبة الثالثة بـ6 حوادث وولاية سليانة (شمال) بـ5 حوادث.