الحكومة التونسية تفي بتعهداتها في حلّ ملف التشغيل الهش

تونس - كشف التقدم المحقق في تسوية ملف عمال الحضائر في الفترة الأخيرة والعمل على إدماجهم في عدد من الإدارات والمؤسسات الرسمية، إيفاء واضحا من الحكومة التونسية في الحسم في ملف آليات التشغيل الهشة التي اعتمدتها حكومات ما بعد ثورة 2011، لإخماد الأصوات المحتجّة.
وتقول أوساط سياسية، إن الحكومة الحالية أخذت على عاتقها تسوية الملف الاجتماعي الشائك والمتوارث رغم شحّ الموارد المالية والصعوبات الاقتصادية، وهو ما يعكس استعدادا كبيرا منها في القطع مع تلك الآليات التي تزايدت ارتداداتها من سنة إلى أخرى.
ويمثل ملف الحضائر ومن ورائه آلية التشغيل الهش، تركة ثقيلة ظلت عالقة لسنوات، ومثّل نقطة ضغط “سياسية” لدى الحكومات المتعاقبة واستخدمته في مختلف المحطات الانتخابية.
وأكدت رئاسة الحكومة بأنّ “عدد طالبي الإدماج من عملة حضائر الدفعة الثالثة الأقلّ من 45 سنة في الخطط الشاغرة لدى الهياكل العمومية بلغ 5806 من مجموع 5932 عاملا أي بنسبة إدماج بلغت 98 في المئة.”
وأوضحت في بلاغ نشرته، على موقعها الالكتروني، أنّ “5384 عاملا قد تمكنوا من الحصول على إحدى الخطط التي قاموا باختيارها،” لافتة إلى أنّه “لم يتسنَ لـ548 عاملا من عملة الحضائر الحصول على تعيين وفقا للخيارات التي عبروا عنها، مؤكّدة أنّه سيتم توجيه إرساليات قصيرة لإعلامهم بذلك.”
ودعت رئاسة الحكومة عملة الحضائر البالغين أقلّ من 45 سنة ممن لم يتحصلوا على تعيين إلى حدود هذه المرحلة (126 عاملا) إلى الولوج إلى المنصة الرقمية لاختيار خطط شاغرة متبقية وذلك من 27 ديسمبر الجاري إلى 12 يناير 2025."
وأفادت بأن "اللجنة الوطنية لتسوية وضعية عملة الحضائر ستتولى إثر هذه العملية توزيع العملة الذين لم يتسن لهم الحصول على تعيين، بصفة مباشرة مهما كان عدد العملة المتبقي، وذلك وفقا للتراتيب الجاري بها العمل."
وتتنزل تسوية عملة حضائر الدفعة الثالثة (بعد الدفعة الأولى والثانية) تطبيقا للأمر الحكومي عدد 436 لسنة 2021 المتعلّق بإنهاء العمل بآلية تشغيل عملة الحضائر الجهوية والحضائر الزراعية في غير المجال المحدّد لها.
وتعود أزمة عمال الحضائر المركّبة إلى اتفاقيات سابقة التزمت بما تعجز ميزانية الدولة عن الإيفاء به، خاصة وأن عدد العاملين وفقا لهذه الاتفاقيات يقدّر بالآلاف. وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت أن ” الإجراء خطوة هامة في اتجاه تسوية وضعيات اجتماعية كانت خارج سياق ما يتفق مع مفهوم العدالة الاجتماعية، وهو كذلك إجراء جيّد في اتجاه تهدئة الفئات الاجتماعية."
وأكد في تصريح لـ"العرب" "الأهم من كل هذا هو التزام السلطة بتجاوز أشكال التشغيل الهشّ، والسلطة اليوم تتعهد بإلغاء هذا الشكل من التشغيل، كما أن القطاع العام ليس بإمكانه قبول المزيد من العمّال."
ولفت ثابت إلى أن “عملية الإدماج هي تسوية مالية وإدارية لأمر قائم، وهو تحدّ وضغط إضافي للمالية العمومية، ومن الضروري تنشيط الاستثمار الخاص والنظر في الغاء هذه الآليات وخصوصا أشكال المناولة التي فيها حيف واستغلال غير مقبول.”
وبعد ثورة 2011 تم إدماج جميع عمال المناولة في القطاع العام والوظيفة العمومية، لكن لا يزال الآلاف يرزحون تحت هذا النظام الهش من التشغيل في عدة قطاعات خاصة مقابل أجور زهيدة وفي الغالب دون ضمانات بالتغطيات الاجتماعية والصحية.
◙ الاتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية ملف عمال الحضائر من خلال توظيفهم على دفعات
وسبق أن قالت المنسقة الجهوية لعمال الحضائر الأقل من 45 سنة هبة الله السعدي بأن “قرابة 31 ألف عون من عملة الحضائر الجهوية وعمال الحضائر الفلاحيّة معنيون بتسوية الوضعية”، مستنكرة “عدم تكفّل الحكومات المتتالية بتسوية وضعياتهم المهنيّة وتطبيق اتّفاق 20 أكتوبر 2020.”
ويشمل التشغيل الهش أيضا العمل المؤقت وهو العمل بعقود مؤقتة أو قصيرة الأجل وتفتقر إلى الاستمرارية والأمان الوظيفي الممنوح للعمال في العمل الرسمي الذي يحصل فيه الترسيم بشكل نهائي.
كما يشمل التشغيل الهش العمل بعقود محددة المدة يستخدم فيها أصحاب العمل اتفاقات كتابية أو شفوية محددة المدة وذلك بشكل متكرر لتجنب التزامات العمل الدائم، وكذلك العمل بأجور منخفضة أقل من الحد الأدنى المقرر أو بأجور لا تكفي تكاليف المعيشة الأساسية.
وتم الاتفاق في وقت سابق، بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل على تسوية وضعية ملفّات عمال الحضائر من خلال توظيفهم بشكل رسمي على دفعات، وذلك بعد تقسيمهم إلى ثلاث شرائح، تشمل الأولى من سنّهم أقل من 45 سنة والثانية من تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة، فيما تشمل الشريحة الأخيرة من يفوق سنهم 55 عاما.
إلا أن الدولة نفسها تلكأت بعد ذلك في الإيفاء بالتزاماتها ولم تقم بتشغيل وترسيم كل المشمولين بالاتفاقية، فبقي 1400 من إجمالي 6000 دون أن يتم إلحاقهم بوظائفهم الجديدة.
وبعد الإذن بتسوية وضعية عمال الحضائر وإلغاء المناولة، تم تشكيل لجنة وطنية للغرض قامت بتوزيع من تبقى من عمال الحضائر على المراكز الشاغرة، وهؤلاء هم الذين لم يتمكنوا من الحصول على تعيينات في البداية.