الحكومة التونسية تتجه لخصخصة بعض المؤسسات الكبرى

تونس - كشف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية) نورالدين الطبوبي الاثنين عن تعهد حكومة نجلاء لصندوق النقد الدولي بخصخصة أصول عامة بينها بنك ومصنع، وحذر مما أطلق عليه "معركة مجتمعية" بسبب هذه السياسات.
وقال الطبوبي خلال مؤتمر نقابي خاص بالبناء والخشب عُقد تحت إشراف الاتحاد في مدينة الحمامات بمحافظة نابل (شرق)، إن حكومة نجلاء بودن "تعهدت مؤخرا لصندوق النقد الدولي بالتفويت (الخصخصة) في بنك الإسكان (حكومي) ومصنع التبغ والوقيد (الكبريت) وعدد من الأرصفة بميناء رادس (التجاري - شمال)".
وتوصلت الحكومة هذا الشهر إلى اتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء بشأن قرض قيمته 1.9 مليار دولار مقابل حزمة إصلاحات، من بينها خفض دعم الغذاء والطاقة وإعادة هيكلة شركات عامة تعاني عجزا.
وكان صندوق النقد الدولي اشترط قبل عقد الاتفاق على مستوى الخبراء بان تقوم تونس باصلاحات اقتصادية هامة فيما اكد مسؤولون في الاتحاد بان من شروط الصندوق رفع الدعم وتجميد الاجور والانتدابات في الوظائف العمومية وكذلك بيع بعض المؤسسات العمومية التي تشهد صعوبات مالية.
وأضاف الطبوبي أن "الحديث عن إلغاء الدعم والتفويت (الخصخصة) في مؤسسات القطاع العام مرفوض تماما".
ولم تعلن الحكومة عن نيتها بيع هذه الأصول العامة، ولم تعقب على تصريحات الطبوبي.
وأضاف الطبوبي أن "سياسة القمع وضرب الحريات والحقوق لا يمكنها أن تخلق استقرارا اجتماعيا واقتصاديا".
وتابع أن "الحكومة تعتبر أن الفئات والعائلات المعوزة هي من يستحق الدعم.. هذا التوجه مرفوض أصلا، لأن كل الموظفين والعمال والأساتذة والمعلمين في حاجة اليوم إلى الدعم".
وتعهد بأن "اتحاد الشغل سيواصل نضاله في هذا الاتجاه لتكون معركة مجتمعية".
وكان اتحاد الشغل قد انتقد مرارا البرنامج الإصلاحي الحكومي القائم على تجميد الانتدابات والرواتب والتفريط في المؤسسات العمومية ورفع الدعم، وهي من أبرز شروط صندوق النقد لتقديم مساعدات مالية لتونس التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة.
ويرى مراقبون في موقف الاتحاد إشارة واضحة إلى أنه يريد أن يكون شريكا في إصلاح المؤسسات الحكومية ويرفض التخفيض في أعداد الموظفين بها، لأن ذلك يمسّ من مكاسبه وعائداته المالية، وأن الرئيس قيس سعيّد لم يمنحه صفة الشريك في الإصلاحات.
ولم تكشف الحكومة عن مضمون اتفاق القرض الذي توصلت إليه مع صندوق النقد الدولي، وقيمته 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات، مع انتظار المصادقة النهائية للمجلس التنفيذي للصندوق في ديسمبر المقبل.
وكان مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد جهاد أزعور قد صرح الاثنين للوكالة التونسية للأنباء، بأن "الحكومة التونسية وضعت في إطار الإصلاحات آلية تتمثل في عملية فرز لهذه المؤسسات بحسب وضعها المالي وكفاءتها وإنتاجيتها، وهو ما سيمكن من معالجة مشاكل هذه المؤسسات حالة بحالة".
وتواجه الحكومة اختبارا صعبا في مدى التزامها بالإصلاحات المزمع تنفيذها وفق البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، على غرار إصلاح الدعم والمؤسسات العمومية، وسط تحذيرات متواصلة من اتحاد الشغل، ذي النفوذ القوي في البلاد، من انفجار اجتماعي إذا تم تنفيذ إصلاحات "مؤلمة" تمس من القدرة الشرائية للتونسيين.
والسبت، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي إن الوقت حان لبدء إصلاحات اقتصادية صعبة تأخرت في تنفيذها تونس لسنوات.
وتونس في حاجة ماسة إلى مساعدة دولية منذ شهور، في الوقت الذي تكافح فيه أزمة في المالية العامة أثارت مخاوف من احتمال تخلفها عن سداد ديونها، وأسهمت في نقص الغذاء والوقود.