الحكومة التركية تضيّق الخناق على الأحزاب المعارضة

تجند حكومة حزب العدالة والتنمية كل إمكانياتها من أجل قمع المعارضة لاسيما تلك الموالية للأكراد، حيث منعت الجمعة أنصار حزب “الشعوب الديمقراطي” من الخروج في مسيرات لإحياء ذكرى سجن زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور عبدالله أوجلان. كما منعت الشرطة المسيرات التي خرجت من أجل التضامن مع النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي ليلى جوفن التي تنفذ إضرابا عن الطعام احتجاجا على سجن أوجلان الذي يعد لاعبا أساسيا في أي اتفاق سلام مع حزب العمال الكردستاني.
إسطنبول (تركيا) - تزيد أنقرة الضغوط على الأحزاب التركية المعارضة خاصة الموالية للأكراد قبل إجراء الانتخابات المحلية المقررة في مارس المقبل، وبعد محاولات إضعاف هذه الأحزاب عمدت الحكومة إلى منع مسيرات سلمية كانت مقررة الجمعة للتضامن مع النائبة ليلى جوفن عن حزب “الشعوب الديمقراطي” المضربة عن الطعام، وأيضا لإحياء ذكرى سجن زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور عبدالله أوجلان الذي تنفذ جوفن إضرابها عن الطعام احتجاجا على سجنه.
ويأتي قمع الشرطة لمسيرات حزب الشعوب الديمقراطي في سياق السياسة التي تعتمدها حكومة حزب العدالة والتنمية والقائمة على اعتماد الأساليب الأمنية في استهداف معارضيها ومنعهم من حشد الأنصار من خلال ترويع الناخبين.
وقالت متحدثة باسم حزب الشعوب الديمقراطي المعارض والموالي للأكراد إن الشرطة قامت في المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا، بمنع سلسلة من المسيرات التي كانت مقررة الجمعة، لإحياء الذكرى العشرين لسجن أوجلان.
ويتمتع أوجلان بتأثير ونفوذ كبيرين إذ يعد لاعبا أساسيا في أي اتفاق سلام مستقبلي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني المحظور، رغم أنه مسجون منذ عقدين من الزمن.
ويعتبر أوجلان رغم عزلته التامة تقريبا شخصية مرجعية بالنسبة للقضية الكردية ليس في تركيا فحسب بل في المنطقة بأكملها.وقال ديلان ديرايت تسديمير عضو البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي في محافظة ديار بكر، الجمعة، إن “رفع العزلة (عن أوجلان) سيعني وضع السلام والحلول مرة أخرى ضمن جدول الأعمال”.
وبشكل منفصل قال بيرفين بولدان الرئيس المشارك للحزب الجمعة في إسطنبول إن إنهاء العزلة “أمر ضروري للعودة إلى عملية ديمقراطية”.
حزب الشعوب الديمقراطي كان يخطط لتنظيم مسيرات تصل إلى محافظة ديار بكر منطلقة من المدن المجاورة
وصرحت المتحدثة لوكالة الأنباء الألمانية بأن “حزب الشعوب الديمقراطي” كان يخطط لتنظيم مسيرات تصل إلى محافظة ديار بكر في جنوب شرقي تركيا منطلقة من المدن المجاورة، غير أن الشرطة قامت بإغلاق الطرقات.
كما تهدف المسيرات إلى التضامن مع النائبة ليلى جوفن عن حزب “الشعوب الديمقراطي” المضربة عن الطعام، بمناسبة مرور 100 يوم على بدء إضرابها عن الطعام داخل زنزانتها بالسجن احتجاجا على توقيع عقوبة الحبس الانفرادي على أوجلان.
ومنعت الشرطة في ديار بكر تجمعات صغيرة مؤيدة لغوفين من الاقتراب من منزلها بغية التجمّع كما كان مقررا.
وقد دعا حزب الشعوب الديمقراطي إلى هذا التحرك، لكن لم يسمح سوى لمجموعة صغيرة من نوابه بالاقتراب من الحواجز التي أقامتها الشرطة.
وتم الإفراج عن جوفن من محبسها في ديار بكر الشهر الماضي، بعد مرور عام على سجنها، وبث “حزب الشعوب الديمقراطي” الجمعة رسالة عبر مقطع فيديو على موقع “تويتر”، يظهر جوفن راقدة على فراش داخل منزلها في ديار بكر وهي تتحدث بصعوبة، وتردد “سننتصر بالتأكيد”.
وقال بولدان إنه يوجد حاليا “أكثر من 300 شخص”، بينهم سجناء في تركيا ومؤيدون في الخارج، مضربون عن الطعام تضامنا مع جوفن.
وصدر حكم بالإعدام بحق أوجلان في عام 1999 بعد أن ألقت قوات الأمن التركية القبض عليه في كينيا وأعادته إلى تركيا ليحاكم هناك، ثم تم تخفيف الحكم عليه وإبداله بالسجن المؤبد.
وقالت النائبة دياريت تاشديمير إن “تحديَنا الأكبر اليوم (الجمعة) هو فعل ما أمكن لدعم هذه الإضرابات عن الطعام الهادفة إلى كسر العزل” الذي يخضع له عبدالله أوجلان.
وبدأت غوفين (55 عاما) إضرابها عن الطعام عندما كانت في السجن بعد توقيفها في يناير 2018 بسبب انتقادها للعملية العسكرية التركية في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا. وأطلق سراحها في 25 يناير، لكنها قررت مواصلة الإضراب عن الطعام في منزلها في ديار بكر.
أوجلان يتمتع بتأثير ونفوذ كبيرين إذ يعد لاعبا أساسيا في أي اتفاق سلام مستقبلي بين تركيا وحزب العمال الكردستاني المحظور، رغم أنه مسجون منذ عقدين من الزمن
وبعد فرار أوجلان من تركيا لوقت طويل، عثرت عليه الاستخبارات التركية بكينيا في 15 فبراير 1999 أمام السفارة اليونانية في نيروبي فقبضت عليه. ثم تم نقله إلى تركيا بعد ذلك حيث يقضي حكما لمدى الحياة في سجن جزيرة إيمرالي القريبة من إسطنبول.
ورغم العزلة الشبه تامة، يبقى أوجلان رمزا ليس فقط للتمرّد الكردي في تركيا فقثط حيث أسفر النزاع مع الدولة عن أكثر من 40 ألف قتيلا منذ عام 1984، ولكن أيضا بالنسبة للحركات الكردية في المنطقة، وخصوصا في سوريا.
وتمارس الحكومة التركية الكثير من الضغوط على الأحزاب التركية المعارضة بهدف إضعافها وتشتيت أنصارها قبل الانتخابات المحلية في مارس المقبل.
والخميس، اشتكى حزب الشعوب الديمقراطي من الصعوبات التي تواجهه قبل الانتخابات المحلية.
واتّهم الحزب حكومة حزب العدالة والتنمية بتزوير قوائم الانتخابات، حيث قال أحد مسؤوليه إن الناخبين الأشباح يظهرون مرة أخرى في سجلات الانتخابات المحلية، ما يعكس مخاوف من تزوير محتمل على نطاق واسع.
واعتبرت الرئيسة المشاركة للحزب بروين بولدان أنها حملة انتخابية غير متكافئة. وقالت بولدان إن وتيرة الهجمات على الحزب ومؤيديه تزايدت، كما يمر “الشعوب الديمقراطي” بوقت عصيب.
وقال سيزاي تمللي، الرئيس المشارك للحزب، إن حوالي 7 آلاف من أنصار الحزب وأعضائه في السجن وحوالي ألفين بالمنفى. وأضاف تمللي أن ما يطلق عليهم الناخبون الأشباح يظهرون مرة أخرى في سجلات الانتخابات.