الحكومة الأردنية تلتفت إلى الجنوب بعد عقود من الإهمال

المتغيرات الإقليمية تدفع الأردن إلى التحرك لتحصين الجبهة الداخلية.
الخميس 2025/01/16
ينشدون الكرامة

تولي الحكومة الأردنية اهتماما خاصا بمحافظات الجنوب، وسط مخاوف لديها من تحول المنطقة لمركز توتر، ما لم تجر معالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعانيها أبناؤها.

عمان - شكلت محافظة معان، المحطة الشهرية الرابعة في جولة رئيس الحكومة الأردنية جعفر حسان، وتم خلال الزيارة الإعلان عن جملة من القرارات والمبادرات التي تستهدف النهوض بالواقع التنموي للمحافظة وانتشالها من التهميش الذي عانت منه لعقود طويلة كما هو الحال بالنسبة لباقي محافظات الجنوب في المملكة.

ويعد حسان، من أنصار العمل الميداني، وقد أقر في برنامجه الحكومي إجراء زيارات ميدانية شهرية لمحافظات المملكة للاطلاع عن كثب عن احتياجاتها التنموية والاجتماعية ومعالجتها، وتعد زيارته لمعان الثانية لمحافظة جنوبية بعد أن زار الشهر الماضي محافظة الطفيلة.

ويرى مراقبون أن هناك تركيزا واضحا من الحكومة على محافظات الجنوب التي لطالما اشتكى أبناؤها من التهميش، الذي يتمظهر في البنى التحتية المهترئة وفي ضعف الخدمات المقدمة لاسيما التعليمية منها والصحية، وارتفاع معدلات البطالة، خصوصا في صفوف حملة الشهائد العليا.

وتحولت المحافظات الجنوبية ومقدمتها معان إلى مركز للتحركات الاحتجاجية خلال السنوات الأخيرة أخطرها احتجاجات 2022، التي اندلعت على خلفية الترفيع في أسعار المحروقات، وسقط خلالها ضابط شرطة.

جعفر حسان: العديد من المشاريع الوطنية الكبرى ستمر عبر معان
جعفر حسان: العديد من المشاريع الوطنية الكبرى ستمر عبر معان

ويقول المراقبون إن الحكومة الأردنية واعية بأهمية إزالة مسببات التوترات الاجتماعية، لاسيما في ظل ما يموج به المحيط الإقليمي من توترات واضطرابات، يمكن أن تنتقل إلى الداخل.

وشهدت الجارة سوريا في ديسمبر الماضي الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد وإحلال الإسلاميين مكانه بعد سنوات من الاضطرابات، التي اندلعت لدوافع اجتماعية في البداية قبل أن تتخذ أبعادا سياسية ومسلحة.

وينظر الأردن بحذر لما يحصل في سوريا، وإن أبدى حرصا على التعاطي بشكل إيجابي مع الإدارة الجديدة، ويقول المراقبون إن عمان تدرك أنه لتلافي أي تهديدات خارجية يجب تحصين الجبهة الداخلية وذلك لا يمكن أن يكون في ظل الفوارق الحاصلة بين المحافظات وشعور مكونات اجتماعية بالغبن.

وقال حسان، خلال ترؤسه لجلسة لمجلس الوزراء في عقدت في معان، الأربعاء إن جلسات مجلس الوزراء في المحافظات جزء من عمل مؤسسي بدأت به الحكومة، ويعكس النهج الذي وجه له الملك عبدالله الثاني بأن تكون الحكومة بين المواطنين، حتى تحدد المطلوب والواجب تنفيذه من مشاريع وبرامج ضرورية ولها أولويَّة، وتضمن تحقيق أهداف التنمية وتوسيع فرص التشغيل والاستثمار.

وأكد رئيس الحكومة على أن معان محافظة مهمة في عملية التنمية على مستوى الوطن، وأيضاً لمختلف مناطق ومحافظات الجنوب؛ ولا بدَّ أن ننظر للمشاريع والمبادرات المقترحة من حيث أثرها على المحافظة والمناطق المرتبطة بها مثل البترا والشوبك، والبادية الجنوبية.

وأوضح أن العديد من المشاريع الوطنية الكبرى في المرحلة المقبلة ستمر عبر محافظة معان، مثل الناقل الوطني وسكة الحديد التي تربط ميناء العقبة بمناجم الفوسفات في الشيدية من جهة، ومنطقة غور الصافي ومصانع البوتاس من جهةٍ أخرى، مضيفا “نعمل حالياً على ربطها مع الميناء البرِّي في معان وإعادة هذا المشروع التنموي المهم لمساره الذي توقف قبل أعوام، وهو مشروعٌ تنمويٌ على رأس أولوياتنا اليوم ونعمل جاهدين لتحقيقه.”

مراقبون يرون أن هناك تركيزا واضحا من الحكومة على محافظات الجنوب التي لطالما اشتكى أبناؤها من التهميش

وشدد حسان على أنه سيكون لهذه المشاريع أثر إيجابي على التنمية وفرص العمل التي ستولدها، وستسهم في تحريك قطاعات أخرى فرعية ومساندة، بما في ذلك قطاع الشحن في المحافظة وتوفير فرص عمل إضافية.

وأوضح أن منطقة معان التنموية لديها إمكانات واعدة وتحتضن مشاريع ريادية في عدة مجالات، ونسعى إلى تعزيز تنافسيتها واستقطاب المزيد من الاستثمارات إليها، وسننتهي من مشروع تزويد منطقة الروضة الصناعية بالغاز الطبيعي بعد عامين، بما يسهم في تخفيض كلف الإنتاج وتعزيز تنافسية صناعتنا الوطنية.

وأعلن الرئيس حسان، أن “الأولوية الأولى للحكومة هي توفير فرص العمل لأبنائنا وبناتنا من شباب الأردن، وهذا يتطلب أن ندعم القطاع الخاص وتوفير البيئة الضرورية لنجاحه، وجهود الحكومة منصبة لتحقيق ذلك، وهذا هو الهدف الأساسي لرؤية التحديث الاقتصادي.”

وقال إنه افتتح مركز خدمات معان الحكومي الشامل، الذي يشكّل نموذجاً من حيث نوعية الخدمات وتسعى الحكومة أن تكون كل المرافق الخدمية الحكومية بسوية عالية في خدمة المواطنين.

ويرى نشطاء أن زيارة رئيس الحكومة إلى معان تحمل رسالة إيجابية لأبناء المحافظة، الذين يتهمون الحكومات المتعاقبة بتجاهلهم، وعدم الالتفات إليهم.

نشطاء يرون أن زيارة رئيس الحكومة إلى معان تحمل رسالة إيجابية لأبناء المحافظة، الذين يتهمون الحكومات المتعاقبة بتجاهلهم

ويعتقد النشطاء أن عددا من أبناء المحافظة بينهم نواب وشيوخ عشائر ساهموا في الوضع الذي بلغته معان وباقي المحافظات الجنوبية، من خلال تركيزهم على استرضاء السلطة، وتقصيرهم في الدفاع عن احتياجات المواطنين والنقائص التي تعاني منها المنطقة الجنوبية.

ويقول هؤلاء إنهم يأملون في أن يتغير الوضع، في ظل مؤشرات إيجابية من الحكومة الحالية على إيلاء محافظات الجنوب الاهتمام المطلوب.

وعقب الاجتماع الوزاري أعلن المتحدث باسم الحكومة محمد المومني عن جملة من القرارات المتخذة لصالح معان، بينها إعفاء المنشآت التجارية (السياحية وغيرها) في سُلطة منطقة البترا التنموي السياحي من رسوم رخص المهن لعام 2025، بهدف دعم القطاع السياحي في منطقة البترا، والتسهيل على الأنشطة الاقتصادية وتحفيزها.

كما تمت الموافقة على اتفاقية الشريك المنفذ بين وزارة التنمية الاجتماعية وصندوق الأمم المتحدة للسكان من أجل تنفيذ خطط العمل الممولة من الصندوق والمرتبطة ببرنامج صندوق الأمم المتحدة للسكان القطري العاشر للأعوام (2023-2027) لدى المملكة.

وتحدث المومني عن مركز الخدمات الحكومي في محافظة معان الذي جرى افتتاحه اليوم مؤكدا أهميَّة مراكز الخدمات الحكوميَّة في التَّسهيل على المواطنين وتبسيط الإجراءات وتسريع إنجاز المعاملات وتقديم خدمات نوعيَّة في جميع محافظات المملكة.

وأوضح أن مركز الخدمات الحكومي الشامل في معان يقدم 124 خدمة من 25 مؤسسة. وقال إنه سيجري العمل على إنشاء مركز للسكري وغدد الصماء خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ولفت المتحدث باسم الحكومة إلى أن أعدادا كبيرة من المواطنين في المحافظة والمحافظات المحيطة يضطرون إلى التوجه إلى العاصمة عمان من أجل تلقي العلاج في مركز السكري، موضحا أن المركز سيخدم إقليم الجنوب بشكل عام.

2