الحكومة الأردنية تقر مشروع قانون للعفو العام خال من الدسم

المشروع يحتوي على الكثير من الاستثناءات بينها قضايا أمن الدولة.
الثلاثاء 2024/03/26
مشروع قانون العفو يخالف التوقعات

أقرت الحكومة الأردنية بصفة استعجالية مشروع قانون العفو العام، الذي كان الملك عبدالله الثاني قد أمر به، لكن المشروع الصادر لم يكن على قدر تطلعات الكثيرين بالنظر إلى كم الاستثناءات الذي تضمنه، لتبقى الكرة حاليا في ملعب مجلس النواب من أجل إجراء تعديلات عليه.

عمان - تقول أوساط سياسية أردنية إن مشروع القانون الذي أقرته حكومة بشر الخصاونة وأحالته على البرلمان للمصادقة عليه، خال من الدسم، حيث تضمن الكثير من الاستثناءات بينها قضايا أمن الدولة.

وتوضح الأوساط أن المشروع المطروح شكل خيبة أمل بالنسبة للكثيرين ولاسيما لتيار الإسلام السياسي الذي كان يراهن على إطلاق سراح المنتمين إليه، مرجحة حصول جدل واسع بشأنه داخل مجلس النواب الأردني.

ووجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في وقت سابق من الشهر الجاري الحكومة بإعداد مشروع قانون للعفو العام والسير بإجراءاته الدستورية، بمناسبة توليه سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش.

وقد لاقت التوجيهات الملكية تفاعلا إيجابيا واسعا من الطيف السياسي والشعبي في المملكة لكن الحكومة أطفأت تلك حماسة حيال مشروع القانون الذي أقرته الأحد والذي ركز على الجنح والقضايا المتعلقة بالمخدرات، وسط تساؤلات حول الداعي من إقرار القانون في ظل كم الاستثناءات الذي حواه.

أحمد الزيادات: مشروع قانون العفو سيشمل الإفراج عن 7355 سجينا
أحمد الزيادات: مشروع قانون العفو سيشمل الإفراج عن 7355 سجينا

وأكد وزير العدل الأردني أحمد الزيادات خلال مؤتمر صحفي أن مشروع قانون العفو العام سيشمل الإفراج عن 7355 نزيلا في مراكز الإصلاح؛ منهم 4688 بجنح مختلفة و2667 من الجنح المرتبطة بالمخدرات، موضحا أن المشروع سيراعي مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.

وأوضح الزيادات أن مشروع قانون العفو العام سيشمل القضايا ما قبل تاريخ 19 مارس الحالي، مشيرا إلى أن المشروع استثنى الجرائم بحق أمن الدولة والسلطة العامة والجنايات الخطرة والجمعيات غير المشروعة، والجرائم الواقعة خلافا لأحكام قانون النزاهة ومكافحة الفساد، والجرائم المرتبطة بقانون الجرائم الاقتصادية، والجرائم الواقعة خلافا لقانون منع الاتجار بالبشر، والجرائم المتعلقة بقانون الكسب غير المشروع، والجرائم ذات الصلة بقانون غسل الأموال. وشدد على أن مشروع القانون راعى تخفيف الأعباء على المواطنين وشمل جميع الغرامات باستثناء ما يتعلق بضريبة الدخل والمبيعات والجمارك.

وذكر أن التكلفة المالية لمشروع قانون العفو العام (الإعفاء من المخالفات والغرامات) تقدر بحوالي 25 مليون دينار(35 مليون دولار)؛ منها 13 مليون دينار (18 مليون دولار) كلفة إقامة النزلاء الحاليين في مراكز الإصلاح والتأهيل.

وبموجب المشروع المطروح فإن العفو لن يطال المتورطين في قضية الفتنة الشهيرة التي هزت الأردن قبل أكثر من عامين، كما أنه لن يشمل المتورطين في جرائم اقتصادية ما يعني بقاء العشرات من الأسماء الوازنة في مجال الأعمال خارج دائرة العفو.

وسيكون هذا العفو هو الرابع من نوعه منذ أن تولى الملك عبدالله الحكم في 1999، وصدر العفو الثالث عام 2019.

وشمل العفو الأخير نحو 8 آلاف سجين مدان بجرائم ذم وقدح وتحقير وانتهاك قانوني الإقامة وشؤون الأجانب والعمل، والغرامات المترتبة عن مخالفة قوانين ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات والجمارك.

من المرجح أن يمارس النواب ولاسيما المنتمون إلى تيار الإسلام السياسي المزيد من الضغوط من أجل تعديل المشروع

وقال أستاذ القانون الدستوري الدكتور ليث نصراوين، إن الاستثناءات في العفو العام الحالي ازدادت، حيث استثنى قانون العفو العام السابق 23 جريمة، فيما استثنى القانون الحالي 38 جريمة، كموضوع الجرائم الإلكترونية بما يضيق على المواطنين.

وأشار نصراوين في تصريحات لوسائل إعلام محلية إلى أن القانون الحالي استثنى كذلك مجموعة من الجرائم لأول مرة، مثل جرائم الكسب غير المشروع، وجرائم حماية البيئة، وجرائم المنافسة، وجرائم إطلاق العيارات النارية التي تسبب الوفاة، وجرائم البلطجة، والجرائم المتعلقة بالماء وتخريب المنشئات المائية، لافتا إلى أن قانون العفو الحالي لم يتضمن أحكاما تتعلق بتخفيض العقوبات باستثناء جريمة واحدة وهي جريمة التسبب بالوفاة.

وأوضح أن غرامات الدخل والمبيعات والجمارك ليست مشمولة بالعفو العام باعتبارها موردا ماليا للحكومة، ويوجد مجال للمصالحة إذ أن الإشكال مفتوح أمام الاعتراض على هذه الغرامات وبالتالي يمكن تخفيضها وهو حق محفوظ للمواطن. وفي معرض الرد على تساؤلات الصحافيين تحفظ وزير العدل الأردني خلال المؤتمر الصحفي عن الإجابة على أسئلة تتعلق بجملة من الجرائم بينها قضايا “معتقلي الرأي” الملاحقين بموجب قانون الجرائم الإلكترونية.

وقال الزيادات “هذا مشروع قانون وقد يتم التضييق أو التوسيع فيه لا أريد الإجابة عن جريمة محددة أو حالة محددة هذا ليس قانونا سيذهب إلى مجلس الأمة وسيصبح ملكا له”.

الإشكال الذي يعرض مجلس النواب يبقى في عامل الوقت حيث أن التوجه القائم يقضي بإقرار القانون قبل عطلة عيدالفطر

ويرى متابعون أن المشروع سيكون محل أخذ ورد داخل مجلس النواب، حيث من المتوقع أن يمارس النواب ولاسيما المنتمون إلى تيار الإسلام السياسي المزيد من الضغوط من أجل تعديله.

وأعرب رئيس كتلة الإصلاح المحسوبة على جماعة الإخوان صالح العرموطي في وقت سابق عن أمله في أن يشمل العفو العام قضايا أمن الدولة، باستثناء قضايا المخدرات، خصوصا أن نائبين إثنين وحراكيين في قضايا أمن الدولة، وهي قضايا لا تمس أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، مبينا أن مجلس النواب له الحق في المطالبة بتعديل المشروع المقدم من قبل الحكومة وتوسعيه.

ويلفت المتابعون إلى أن الإشكال الذي يعرض مجلس النواب يبقى في عامل الوقت حيث أن التوجه القائم يقضي بإقرار القانون قبل عطلة عيدالفطر، وقبل انتهاء عمر الدورة العادية التي تنتهي دستوريا في الحادي عشر من الشهر المقبل، ولإفساح المجال أمام الحكومة لتطبيقه.

وأكد العاهل الأردني، الأسبوع الماضي، على أهمية أن يراعي مشروع قانون العفو العام المصلحة العامة، وأن يحافظ على الحقوق الشخصية والمدنية، وفق مبادئ العدالة وسيادة القانون، وألا يتعارض مع مقتضيات الأمن الوطني والسلم المجتمعي.

وأعرب عن أمله في أن يسهم مشروع القانون في التخفيف من الأعباء على المواطنين، والعمل على مساعدة من حاد عن طريق الحق وجادة الصواب في تصحيح مساره، والمساهمة في بث روح الإيجابية والتسامح في المجتمع وإشاعة مفهوم العدالة التصالحية.

وشدد على أهمية أن تشكل هذه الخطوة فرصة للتغيير في نفوس ممن سيشملهم العفو العام حال إقراره، من خلال العودة إلى حياتهم الاجتماعية، والانخراط بحيوية في إطار احترام القانون وحقوق المواطنين.

2