الحكومة الأردنية تقابل الدعوات إلى حل المجالس البلدية بفتور

يثير أداء المجالس البلدية الحالية في الأردن استياء شعبيا، نتيجة ضعف الإنجازات المحققة والتراجع المسجل على مستوى الخدمات العامة، وهناك مطالبات لحكومة جعفر حسان بحل تلك المجالس، قبل نحو عام من إجراء الانتخابات المقبلة.
عمّان - تتعاطى الحكومة الأردنية بفتور مع الانتخابات البلدية، رغم تصاعد المطالبات بحل المجالس الحالية، وتحديد موعد إجراء الاستحقاق المقبل.
وتتعرض المجالس البلدية التي انبثقت عن انتخابات 2022، لانتقادات حادة من قبل المواطنين، الذين يرون أن حصيلة معظمها من الإنجازات كانت “صفرية”، سواء في علاقة بالمشاريع التنموية، وأيضا بالخدمات المقدمة.
ويطالب الكثير من الأردنيين حكومة جعفر حسان بحل تلك المجالس، حتى لا يتم استغلالها خدمة لمرشحين للاستحقاق المقبل، كما حصل في السابق.
وقال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، مؤخرا، إنه لا يوجد قرار حتى الآن بشأن حل المجالس البلدية، مشيرا إلى أن الحكومة تواصل إجراء الحوارات والنقاشات حول تعديلات قوانين الإدارة المحلية.
وأكد المومني أن الحوار لا يزال مستمرًا مع الجهات المعنية والخبراء قبل طرح أي تعديلات قانونية تتعلق بالانتخابات البلدية المقبلة، موضحًا أن الحكومة تسعى لضمان أن تكون أي تغييرات قابلة للتطبيق وتراعي مصلحة جميع الأطراف المعنية.
وأشار الوزير الأردني إلى أن الهدف من هذه الحوارات هو الوصول إلى صيغة قانونية تلبي الاحتياجات الفعلية للمجتمعات المحلية، وتعزز من الديمقراطية التشاركية والشفافية في العملية الانتخابية.
وأوضح أن هذه التعديلات تهدف إلى تحسين كفاءة العمل البلدي وتعزيز دور المجالس المحلية في تلبية احتياجات المجتمعات المحلية.
وجرى العرف على حل المجالس البلدية قبل بضعة أشهر من موعد إجراء الانتخابات، فيما لا يوجد بند في قانون الإدارة المحلية يشير إلى أن قرار الحل مرتبط بموعد محدد، وهي النقطة التي يرتكز إليها الداعون إلى حل المجالس الحالية.
وتنص المادة الـ34 من قانون الإدارة المحلية على أن “مدة دورة المجلس البلدي أربع سنوات تبدأ من تاريخ تسلمه مهامه، ولمجلس الوزراء حل المجالس البلدية بقرار يصدر عنه قبل انتهاء مدته بناء على تنسيب من الوزير، مع بيان الأسباب والمبررات الموجبة لذلك.”
ويرى وزير البلديات الأسبق حازم قشوع أن “الظرف العام، والتوقيت يفرضان تساؤلات حول موعد إجراء الانتخابات البلدية، مع الأخذ بعين الاعتبار البعد السياسي في هذا الإطار.”
واعتبر قشوع في تصريحات سابقة لصحيفة “الغد” “أن حل المجالس البلدية يعد خطوة احترازية لمنع استغلال القائمين عليها لمناصبهم لتقديم منفعة لصالح رؤساء البلديات والمحافظات الحاليين.”
وأوضح “أن توقيت اجراء الانتخابات يعد مهما في تحديد هذه الخطوة، والذي قد يتجه نحو شهر سبتمبر أو شهر أكتوبر، والتي كلها تصب في يد وزير الإدارة المحلية.”
ولفت قشوع إلى “أن الانتخابات المقبلة يجب أن يرافقها البدء بمشهد جديد لمنظومة الإدارة المحلية، وأن تؤسس لمرحلة جديدة مختلفة تماما عن الحالية، وصولا إلى تحقيق ما يسمى بالحكم المحلي في الأردن.”
ويستدرك الوزير الأسبق بأن ما يجري حاليا لا يؤشر لوجود مرحلة جديدة ذات علاقة بالحكم المحلي، أو الدفع باتجاه خطوة متقدمة في هذا المجال، مثلما حدث في الانتخابات النيابية التي تأسست على الأساس الحزبي.
البلديات في الأردن تعول بشكل رئيسي على الدعم الحكومي وما تجنيه من الرسوم، وهو ما يجعلها غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي ماليا
وتواجه البلديات في الأردن واقعا صعبا، في ظل ارتفاع مديونيتها، وتضخم نفقاتها، التي تصرف في معظمها على رواتب الموظفين، وهو ما يحدّ من القدرة على تنفيذ المشاريع التنموية أو تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
وتعول البلديات في الأردن بشكل رئيسي على الدعم الحكومي وما تجنيه من الرسوم، وهو ما يجعلها غير قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي ماليا، كما أن عملية التوظيف لا تعتمد في الغالب على معايير الكفاءة، الأمر الذي ينعكس سلبا على أداء البلديات.
ويرى متابعون أن هناك حاجة اليوم إلى إعادة النظر في كل هذه التحديات قبل السير في إجراء الانتخابات المقبلة، لكن المواقف الصادرة حتى الآن عن الحكومة لا يبدو أنها تضع الملف في صدارة أولوياتها، كما أنه ليست لديها أي نوايا بشأن حل المجالس الحالية.
واعتبر وزير الإدارة المحلية المهندس وليد المصري في وقت سابق أن أمام البلديات وقتا كافيا للارتقاء بأداء عملها لخدمة المواطنين وتنفيذ الخطط والبرامج التي وضعتها، وذلك في إطار سعيها للمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في مختلف مناطق المملكة.
وأشار المصري إلى أنه رغم محدودية الإمكانيات فقد تمكنت البلديات، من إنجاز العديد من مشروعات البنية التحتية التي ساهمت في تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
موقف وزير التنمية المحلية لا يتفق مع رأي الكثير من الأردنيين ومنهم رئيس اتحاد النقابات المستقلة للعاملين في البلديات، أحمد السعدي الذي يرى بأن الدورة البلدية الحالية تعد استثنائية من ناحية الاستياء الكبير الذي شكلته المجالس لدى المواطنين والعاملين، وخاصة في ما يتعلق بالخدمات المقدمة التي تتسم بأنها “ضعيفة”، في وقت أن الإنجازات المحققة لا تتعدى نسبتها “0 بالمائة”، بحد قوله.
وحذر السعدي في تصريحات لـ”الغد” من أن “رؤساء البلديات يمتلكون العديد من الصلاحيات المالية وغيرها، والتي قد يتجه بعضهم عبرها لشراء الذمم، لإرضاء جهات محددة، والتي ستنعكس إيجابا على الصناديق الانتخابية لصالحهم.”
ومن بين الأمور الأخرى كذلك، بحسبه، أنه قد يلجأ رؤساء المجالس للتعيين والتوظيف ودون إرساء أسس العدالة، وذلك بهدف الترويج انتخابيا وكسب نيل ثقة الناخبين مرة أخرى، لافتا إلى أن “هذا النمط يعد رائجا في السنة الأخيرة من عمر المجالس البلديات، لذلك على وزارة الإدارة المحلية استدراك هذه المشكلة المتكررة وحل المجالس بهدف ضبط مثل هذه التصرفات.”
اقرأ أيضاً: