الحكومة الأردنية تشجع على تطوير الإعلام الوطني دون ملامسة نقاط الضعف فيه

تشجع الحكومة الأردنية على تطوير الإعلام ودفعه للقيام بدور فاعل في القضايا الوطنية، في حين لا تتناول مشاكله الأساسية ومواطن ضعفه وحاجته الماسة إلى الدعم المالي.
عمان - أكد وزير الاتصال الحكومي الأردني محمد المومني أن الحكومة ستعمل على تشجيع وسائل الإعلام في تطوير أدواتها للتحول الرقمي ومواكبة التطورات التكنولوجية والاستفادة منها، في وقت يعاني فيه الصحافيين بالبلاد من صعوبة الحصول على المعلومة وجملة من المعوقات الحكومية.
وأكد المومني استمرار الحكومة في التواصل مع وسائل الإعلام والصحافيين والإعلاميين بما يعزز من تدفق وانسيابية المعلومات، التزاماً بالتوجيهات الملكية للحكومة بالانفتاح على الإعلام.
ورغم أن تصريحات المومني تبدو إيجابية إلا أن العديد من الصحافيين يتحدثون عن واقع مغاير، إذ أن الإعلام الرسمي وشبه الرسمي أي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون والصحف المحسوبة على الحكومة تعاني من مشكلة التدخلات السياسية والشخصية، ونسبة كبيرة من ضعف هذا الإعلام هي في الرقابة الذاتية من قبل الرؤساء التنفيذيين الذين يعملون بخوف.
ويرى هؤلاء أن المعاناة الكبرى للإعلام الأردني هي مطالبته بالتخلي عن المهنية عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة والخطوط الحمراء، ولهذا فتعاقب المسؤولين من ذات العقلية أفقد الإعلام الرسمي وشبه الرسمي قدرته على التأثير، ولا يفرق بعض المسؤولين بين دفاع الإعلام عن الدولة وقضاياها الكبرى وبين تسويق حكومة متعثرة أو أداء وزارات ضعيف. وعبّر صحافي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الشفافية منعدمة في الكثير من القضايا التي تمر بها الساحة الإعلامية إضافة إلى غياب الرأي والمعلومة، كما أن الحكومة ساهمت في التعدي على المهنة وتركت الباب مفتوحاً أمام حالة من الانفلات.
وأضاف أن التوسع في قضايا حظر النشر ازداد بشكل كبير وأنه خطوة حكومية لتكميم الأفواه في حين تسمح أن يتم خرقها من الجهات الرسمية وبعض الوزراء في الحكومة أو المحسوبين عليها.
وسبق أن دعا ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية إلى التنوع في تناول المواضيع ومواكبة الإعلام الرقمي والابتعاد عن النمطية. ويؤكد مراقبون للشأن الإعلامي الأردني ضعف قدرة الإعلام الرسمي على التأثير في الرأي العام الأردني، ويقولون إن “التقصير الحكومي سبب رئيسي في ضعف الإعلام”، إذ أهملت الحكومة الإعلام الرسمي إلى درجة عدم الاكتراث، في حين أن الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن تحتاج إعلاماً يقود ويوجه، وإليه يتوجه الناس.
ويقول متابعون إن الخطوة الأهم في تطوير الإعلام الرسمي وشبه الرسمي هي الإدارة السياسية المحترفة، وتطوير المهنية وكذلك توفير الدعم المالي، وبعد إنقاذ الصحف شبه الرسمية من واقعها المالي والإداري الصعب الذي قد يصل بها إلى الغياب.
وأضافوا أن تصريحات القائمين على الإعلام الأردني تتجاهل الحديث عن الدعم المالي والتمويل إذ دونه من الصعب الحديث عن تطوير قطاع الإعلام وإنقاذ المؤسسات الصحفية التي تعاني من أزمات خانقة، كما أن الوعود الحكومية السابقة تبدو صعبة التحقيق في ظل الميزانية المتواضعة التي أقرتها الحكومة للمؤسسات الإعلامية.
◙ المعاناة الكبرى للإعلام الأردني هي مطالبته بالتخلي عن المهنية عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة
وقال المومني، خلال رعايته الحفل الذي نظمته جمعية المذيعين الأردنيين بمناسبة يوم المذيع الأردني، الاثنين، “لا بد أن يكون لنا جميعاً وبشراكة حقيقية ومسؤولية عالية وقفة واحدة تجاه تحديث وتطوير إعلامنا الوطني وبما يضمن مواكبة التطورات التكنولوجية ومراعاة المبادئ الإنسانية والمواثيق الأخلاقية والمهنية التي ترفع من سوية العمل الإعلامي وتحمي الرسالة الإعلامية وتصونها من الإشاعة والكذب والتزييف، حتى يبقى صوتنا يعبر عن الأمة وتاريخها وحضارتها وعن الوطن بأصالته وإنجازاته في هذا الفضاء الإعلامي".
ويقترح الصحافيون خطوات أخرى قادرة على منح الإعلام انتعاشة في الظروف الراهنة، فمثلا تستطيع الحكومة أن تقوم بإلغاء أو الحدّ من البيروقراطية الكبيرة المرتبطة بملكية وسائل الإعلام، إذ هناك رسوم عالية جدا وشروط صعبة لمن يرغب في امتلاك وسيلة إعلام، ورقية كانت أو إلكترونية أو إذاعية أو تلفزيونية. وأضافوا أن رسوم ترخيص الصحف مرتفعة، كما أن شرط دفع رسوم لنقابة الصحافيين غير ضروري.
ويعتبر البعض أن هناك شروطا تعرقل تعددية وتنوع الإعلام ودخول استثمارات جديدة، مثل شرط عضوية نقابة الصحافيين لمن يملك موقعا إلكترونيا وعدم السماح لمؤسسات المجتمع المدني بملكية وسيلة إعلام مرئية ومسموعة، إضافة إلى الرسوم غير المنطقية والمرتفعة جدا للإذاعات، وغياب تنوع الرخص بين الإذاعات التجارية والإذاعات المجتمعية والتي تهدف إلى خدمة المجتمع.
ويحاول المسؤولون الأردنيون التركيز على الأثر الإيجابي للإعلام ودوره الاجتماعي، دون ملامسة نقاط ضعفه، حيث استعرض رئيس غرفة صناعة عمّان والأردن المهندس فتحي الجغبير الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في إبراز دور الصناعة الأردنية والقطاع الإنتاجي وتشجيعه، الأمر الذي أثّر إيجاباً على المواطن وجعله يتوجه لقطاع الصناعة الوطنية، مؤكداً قدرة الصناعات الأردنية على الصمود في وجه التحديات والظروف .
وتناول رئيس جمعية المذيعين الأردنيين حاتم الكسواني المسيرة المهنية للجيل الأول من الإعلاميين في الأردن، وقال إن المذيعين ما كانوا يوما ومنذُ رعيلهم الأول إلا صوتا للوطن وسلاحا بين يديه، وسياجاً يسوّره ويحميه من العاديات، وسيبقون قادة أمناء للرأي العام الوطني الأردني، وبنائين للقيم الإيجابية في مجتمعهم، وجندا أوفياء يقفون في وجه من يستهدفون الوطن بالإشاعة والتضليل والدعاية السوداء، أو بزعزعةِ أمنه واستقراره، ومعنويات مواطنيه. وتخوض السلطات الأردنية حربا في مواجهة الشَّائعات والأخبار الكاذبة غالبيتها من مواقع التواصل الاجتماعي، وزادت حدتها عقب نشوب الحرب الإسرائيلية على غزة وحزب الله.
ويحذر خبراء من حملات مريبة تسعى إلى إثارة البلبلة في الشارع الأردني. ويعتبر معلقون أن “الأردن يتعرض لابتزاز وتهديد خطير كانت بدايته إعلان حماس ثورة داخل الأردن، وحاليا الأردن مهدد من الميليشيات الإيرانية شمالاً ومن الغرب مهدد من موجة نزوح وتهجير كبير تخطط له إسرائيل”.
ووجدت تقارير مفصلة حول الإشاعات في المملكة عبر مرصد “أكيد” التابع لمعهد الإعلام الأردني، أن الإشاعات عادة ما تنمو في الظروف غير الطبيعيّة، مثل أوقات الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية وغيرها، ولا تختفي في الظروف العادية، كما تروّج أكثر في بيئات اجتماعيّة وسياسيّة وثقافيّة دون أخرى، ويعتمد انتشارها على مستوى غموضها وحجم تأثير موضوعها.