الحكومة الأردنية الجديدة أمام تحدي تركيز حكم محلي حقيقي

خبراء وأعضاء في مجالس البلديات والمحافظات يبدون مخاوف من أن تقتصر خطوات الحكومة على إدخال تعديلات على القانون الحالي.
الاثنين 2024/09/30
هل يستجيب حسان جعفر للدعوات

عمان - تعالت الأصوات في داخل الأردن مطالبة الحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان، بتشريع جديد لقانون الإدارة المحلية يضمن استقلالا حقيقيا للمجالس المحلية ومجالس المحافظات.

وأبدى خبراء وأعضاء في مجالس البلديات والمحافظات مخاوف من أن تقتصر خطوات الحكومة على إدخال تعديلات على القانون الحالي، وأن تحتكر العملية دون إشراك الجهات المعنية، داعين في هذا الإطار إلى تشكيل لجنة تمثل كافة الجهات المختلفة لاعتماد خارطة طريق واضحة تحدد التعديلات والأنظمة، وتكون بمثابة الأرضية التي تنطلق منها الحكومة الجديدة لتركيز حكم محلي حقيقي.

ويؤكد أعضاء حاليون في مجالس البلديات والمحافظات على ضرورة أن تأخذ الإصلاحات لقانون الإدارة المحلية بالاعتبار توفير مزيد من الصلاحيات لمجالس البلديات والمحافظات، وأن تكون هناك استقلالية مالية، الأمر الذي من شأنه أن يخلق منوالا تنمويا متوازنا بالنسبة لكافة المناطق والجهات داخل المملكة.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أشار في كتاب التكليف لحكومة جعفر حسان “إلى ضرورة العمل على الإعداد للانتخابات المحلية”، لافتا إلى أن الأمر “يتطلب مراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه، وتطوير أدوات الرقابة والمسائلة، وبناء قدرات أعضاء وموظفي هياكل الإدارة المحلية، ومواكبة مشروع التحول الرقمي”.

ليث نصراوين: القوانين السابقة تعطي استقلالا ناقصاً للإدارات المحلية
ليث نصراوين: القوانين السابقة تعطي استقلالا ناقصاً للإدارات المحلية

وشدد الملك عبدالله الثاني على “أنه لابد من تمكين المواطنين من المشاركة في تحديد الأولويات التنموية على المستوى المحلي ومواءمتها مع أولويات رؤية التحديث الاقتصادي تحقيقا للتناغم بينها، وبما يضمن التوزيع الأمثل والأكثر عدالة لمكتسبات التنمية”.

وقال رئيس الوزراء الجديد في معرض رده على كتاب التكليف إنه سيتم البدء بدراسة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية للتحضير لانتخابات المجلس البلدية ومجالس المحافظات المفترض أن تجري في العام 2026، من دون أن يقدم تفاصيل كثيرة حول الملف وكيفية إدارته.

ويعد تعديل القانون الحالي للإدارة المحلية، أحد العناوين الرئيسية لتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسي.

وتتضمن القوانين السابق المتعلقة بالإدارات المحلية الكثير من القصور، الأمر الذي حال دون إرساء المملكة لمنوال تنموي شامل، يقطع مع التفاوت الحاصل بين المناطق.

وقال عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة الأردنية وأستاذ القانون الدستوري ليث نصراوين إن معظم القوانين السابقة لتنظيم الوحدات الإدارية المتمثلة بقانون البلديات ومن بعدها قانون اللامركزية كانت تعطي استقلالاً ناقصاً للإدارات المحلية.

وأوضح نصراوين في تصريحات لصحيفة “الرأي” المحلية أن القوانين السابقة ارتبطت بالإدارة المركزية ضمن مفهوم السلطة الرئاسية، والأصل أن تكون العلاقة بين الوحدات المحلية والإدارة المركزية قائمة على أساس الوصاية الإدارية وليس السلطة الرئاسية.

وأكد على أن المنطلق الأساسي الذي يجب أن يستند إليه تعديل القانون هو ضمان استقلال حقيقي وواقعي للوحدات الإدارية سواء على مستوى المجالس المحلية أو مجالس المحافظات؛ لتتمكن من القيام بمهامها بتقديم الخدمات العامة وإدارة المرافق المحلية. بالإضافة إلى توصيات ومقترحات لجنة التحديث السياسي – لجنة الإدارة المحلية – المنبثقة عنها.

مسألة الموازنات تعد أبرز النقاط التي يطالب بحلها الخبراء وأيضا أعضاء المجالس البلديات والمحافظات

وأشار أستاذ القانون الدستوري إلى أن اللجنة قدمت مجموعة من التوصيات والمقترحات بعد دراسة شاملة للإدارة المحلية تشريعياً وإدارياً وتنظيمياً، وأن أي تعديل على قانون الإدارة المحلية يجب أن ينطلق من فكرة أن الوحدات الإدارية اللامركزية الموجودة في المحافظات تتمتع باستقلال مالي وإداري حقيقي عن الإدارة المركزية في العاصمة عمان.

واعتبر أنه آن الأوان إلى إعادة النظر بطريقة جذرية بمنظومة الإدارة اللامركزية في الأردن وتمييزها عن الإدارة المركزية باستقلال حقيقي للوحدات اللامركزية لتتمكن من القيام بما هو مسند إليها في مجال التنمية المحلية في المحافظات.

وتعد مسألة الموازنات أبرز النقاط التي يطالب بحلها الخبراء وأيضا أعضاء المجالس البلديات والمحافظات.

ويقول في هذا السياق عضو مجلس محافظة الطفيلة أحمد القطامين، إن هناك حاجة لمنح المجالس صلاحيات أكبر في توجيه الموازنات نحو مشاريع تنموية حقيقية، مقترحا تعديل القانون ليتيح للمجلس استثمار نسبة تصل إلى 40 في المئة من الموازنات الرأسمالية المخصصة له بالشكل المطلوب لتحقيق التنمية، مما سيوفر له حرية أكبر في تحديد الأولويات الاستثمارية وتنفيذ المشاريع التي تسهم في تحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمحافظات ككل، مما سيساعد المجالس على تحقيق تنمية متوازنة وتوزيع عادل للمشاريع والخدمات.

من جهته يرى رئيس بلدية القادسة علي النعانعة؛ في تصريح لموقع “الوقائع” أنه فيما يخص الاستقلال المالي للبلديات؛ فهو أيضًا قضية هامّة تحتاج إلى أن تكون ضمن التعديلات المقترحة على قانون الإدارة المحلية، حيث تعتمد البلديات حاليًا بشكل شبه كامل على الدعم المالي الحكومي والمخصصات المالية التي تمنحها الدولة، مما تسببت هذه الاعتمادية بالحد من قدرة البلديات على الابتكار في تطوير مشاريع استثمارية وتنموية خاصة بها.

متابعون يرجحون أن يطرح قانون الإدارة المحلية للنقاش والتعديل بعد حصول الحكومة الجديدة المكلفة على ثقة مجلس النواب

وبناء على توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومن خلال لجنتها الفرعية الإدارة المحلية. طرحت اللجنة توصيات ومقترحات تهدف إلى بناء نظام حكم محلي رشيد قادر على تحقيق التنمية المحلية وتقديم الخدمات بشكل فعّال في محافظات الأردن.

وشددت اللجنة، من خلال التوصيات التي قدمتها، على ضرورة التدرج في التطبيق مع التركيز في المرحلة الأولى على بناء قدرات الهياكل المنتخبة والمعينة في المحافظات والبلديات، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وتضمنت التوصيات تعزيز مشاركة الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة السياسية المحلية. واقترحت اللجنة، في المرحلة الثانية إنشاء مجالس للأقاليم لتكون الهيئات العليا المنتخبة للإدارة المحلية، ما يمنحها صلاحيات واسعة في مجال التنمية والخدمات، وتعزيز الاستقلال المالي والإداري للمحافظات، من خلال نقل صلاحيات إعداد وتنفيذ الموازنات إليها، وإنشاء حسابات خاصة لمجالس المحافظات في بنك تنمية المدن والقرى.

ومن أبرز التوصيات إلغاء آلية الانتخاب المنفصل لرئيس البلدية، واستبدالها بانتخاب المجلس الذي يقوم بدوره بانتخاب الرئيس من بين أعضائه.

كما أكدت توصيات اللجنة على أهمية المؤهلات العلمية للمرشحين لانتخابات المجالس، بحيث يشترط شهادة جامعية للترشح لرئاسة مجلس المحافظة وعضويته ورئاسة البلدية، وشهادة الثانوية العامة على الأقل لعضوية المجالس البلدية.

ويرجح متابعون أن يطرح قانون الإدارة المحلية للنقاش والتعديل بعد حصول الحكومة الجديدة المكلفة على ثقة مجلس النواب.

2