الحكومات العربية أمام حتمية اعتماد أنظمة ضريبية أكثر شمولية

دول عربية تواجه تحديات كبيرة في طريق تحسين وتطوير أنظمتها الضريبية.
السبت 2023/03/18
استثمارات ضخمة ولكنها لا تسهم إلا بالقليل في الإيرادات الضريبية

أبوظبي - حث صندوق النقد العربي حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الإسراع في ترقية أنظمتها الضريبية من أجل جعْلها أكثر شمولية لتعزيز الملاءة المالية بما يتيح لها إدارة التزاماتها بشكل أفضل.

ولئن كانت أغلب دول الخليج العربي لا تعتمد الضرائب على نطاق واسع سوى ضريبة القيمة المضافة، التي لم تقرها حتى الآن قطر والكويت، فإن باقي دول المنطقة العربية تفرضها في كل القطاعات تقريبا، ولكن لا يزال يعتريها القصور.

وتواجه معظم الدول العربية تحديات كبيرة في طريق تحسين وتطوير أنظمتها الضريبية حتى تتماشى مع برامج الإصلاح التي تتبعها معظم حكومات المنطقة بفعل الضغوط المالية وتتالي الأزمات التي أرهقت موازناتها.

عبدالرحمن الحميدي: استدامة الأوضاع المالية مرهونة بمواصلة الإصلاح الضريبي
عبدالرحمن الحميدي: استدامة الأوضاع المالية مرهونة بمواصلة الإصلاح الضريبي

ويرى خبراء ومحللون أن حكومات المنطقة أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار منظوماتها الضريبية التي باتت أحد الملفات المستعجلة الموضوعة على الطاولة.

وفرضت التداعيات الاقتصادية والمالية على بلدان المنطقة ضرورة الاهتمام بتعزيز موارد المالية العامة، وفي مقدمتها رفع حصيلة الإيرادات الضريبية، نظرا إلى تفاوت مستويات التحصيل الضريبي بين الدول العربية.

وتشير أحدث البيانات إلى أن مساهمة الإيرادات الضريبية في الدول العربية تقدر بنحو 35.8 في المئة من الإيرادات العامة، أي ما يعادل نحو 10.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد المنطقة، وهو رقم يبدو ضئيلا قياسا بحجم الالتزامات المالية.

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى عبدالرحمن الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، قوله إن “التطلع إلى أوضاع مالية أكثر استدامة مرهون بمواصلة جهود الإصلاح الضريبي”.

ويكمن التحدي الآن في كيفية الموازنة بين تحقيق هذه الأهداف المتداخلة، التي يستلزم تحقيقها انتقاء المزيج الملائم من البدائل المتاحة للسياسات المالية والضريبية.

وتسببت جائحة كورونا خلال 2020 و2021 ثم الحرب في شرق أوروبا خلال العام الماضي في تعميق أزمات عدة دول عربية، في مقدمتها لبنان وتونس والسودان ومصر ناهيك عن سوريا والمغرب، وهي تحاول جاهدة توفير تمويلات تواجه بها مشاكلها.

وأضاف الحميدي أن “نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعة بلغت حوالي 10 في المئة في المتوسط خلال العقد الأخير، مقارنة بحوالي 15 في المئة على مستوى العالم”.

وأكد أثناء افتتاح المنتدى الإقليمي الخامس للضرائب في الدول العربية الجمعة في إمارة أبوظبي ضرورة النظر إلى السياسة الضريبية بشكل شامل لوضع النظام الضريبي في إطار السياسة المالية وأهداف وتوجهات التنمية الاقتصادية.

والمنتدى ينظمه الصندوق بالتعاون مع المركز الدولي للضرائب والاستثمار تحت عنوان “الإصلاح الضريبي في المنطقة العربية.. الفرص والتحديات”.

أحدث البيانات تشير إلى أن مساهمة الإيرادات الضريبية في الدول العربية تقدر بنحو 35.8 في المئة من الإيرادات العامة

ويسعى خبراء المؤسسات المالية الإقليمية والدولية ومسؤولون في وزارات المالية والهيئات والسلطات الضريبية خلال فعاليات المنتدى إلى الوقوف على النقاط التي تتطلب مراجعة وتحتاج إلى معالجة سريعة.

ويعتقد الحميدي أن الإصلاح الضريبي يوفر فرصاً لتقوية الأنظمة الضريبية في المنطقة العربية وزيادة الإيرادات المحلية اللازمة لدعم النمو الشامل والمستدام.

وقال إنه “يجب التركيز على إصلاحات الضرائب غير المباشرة ومعالجة التحديات الهيكلية لتعزيز فاعليتها في تعبئة الإيرادات ودعم النمو الشامل والمستدام”.

ولفت إلى ضرورة التركيز على ضرائب الدخل، خصوصا ضرائب الشركات، من حيث توسيع نطاق القاعدة الضريبية، من خلال التركيز على إزالة الحوافز الضريبية غير الفعالة، وتقييد الإعفاءات الضريبية، بما في ذلك تلك التي منحت أثناء الجائحة.

وفي معظم الأسواق العربية يجذب القطاع العقاري، على سبيل المثال، استثمارات ضخمة، ولكنه لا يسهم إلا قليلا في الإيرادات الضريبية لميزانية الدول.

وتقول لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا)، في أحد تقاريرها العام الماضي، “يمكن لوضع نظام ضريبي عادل وتصاعدي تدعمه إرادة سياسية وقدرات مؤسسية قوية أن يؤدي إلى جمع الإيرادات اللازمة لمكافحة الفقر من دون فرض أعباء مالية إضافية”.

11