الحظر على القطاع المصرفي في سوريا يعرقل تدفق الاستثمار

دمشق - أكد رئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية أن العقوبات الغربية على القطاع المصرفي تمنع تدفق رؤوس الأموال “المهمة” في الاقتصاد الذي مزقته الحرب على الرغم من الاهتمام الهائل من المستثمرين المحليين والأجانب منذ سقوط بشار الأسد.
وقال رئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية (36 عاما) في مقابلة الاثنين مع وكالة رويترز في مكتبه بالعاصمة دمشق إن “العقوبات أوقفت كل شيء. الآن، هي في المقام الأول على الشعب السوري وتزيد من معاناته.”
وتم تعيين حموية في المنصب من قبل هيئة تحرير الشام التي تحولت إلى الحكم بعد هجومها الخاطف الذي أطاح بالرئيس السابق بشار الأسد العام الماضي.
وكان يدير في السابق مشاريع الاستجابة للأزمة السورية وعمل على السياسة الاقتصادية مع الهيئة الحاكمة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون.
وتأسست هيئة الاستثمار في عام 2007 لجذب الاستثمار في الوقت الذي سعى فيه الأسد إلى الشروع في الإصلاحات لتحرير الاقتصاد الذي ظل في نهاية المطاف خاضعًا لسيطرة شديدة من قبل عائلته ومجموعة من رجال الأعمال المختارين.
وكان حموية يتلقى عشرات الطلبات يوميًا من شركات سورية وتركية وخليجية عربية في الغالب، ولكن أيضًا من بعض الأوروبيين، المهتمين بمشاريع تتراوح ما بين بناء المستشفيات وإنشاء طاقة الرياح وتطوير العقارات.
وقال “لكنهم جميعًا يقولون إنه من الصعب (الاستثمار) نظرًا إلى لن القطاع المصرفي لا يزال تحت العقوبات. فلا يمكنك الظهور بالملايين من اليوروهات في حقيبتك. هذه ليست طريقة للقيام بالأعمال التجارية في عالم اليوم.”
وأصدرت الولايات المتحدة في يناير إعفاءً لمدة ستة أشهر من عقوباتها على سوريا، وركزت على قطاع الطاقة والتحويلات المالية إلى السلطات الحاكمة السورية.
لكن في الوقت نفسه، أبقت واشنطن على مجموعة واسعة من العقوبات، بينها قيود على الاستثمار في سوريا، أو تقديم دعم مالي للإدارة الجديدة، وأيضا القيود على البنك المركزي، مما أبقى البلد معزولا عن النظام المالي الدولي.
وتتنوع العقوبات التي لا تزال مفروضة على سوريا بين تشريعات أقرها الكونغرس الأميركي، وأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس، وعقوبات أصدرتها وزارة الخزانة بالتشاور مع وزارة الخارجية.
وأيضا تشمل عقوبات تحظر التجارة لأغراض غير إنسانية بين سوريا والولايات المتحدة، فضلاً عن عقوبات أخرى تهدف إلى منع بلدان ثالثة من ممارسة أعمال تجارية مع سوريا.
وفي أواخر يناير الماضي، وافق الاتحاد الأوروبي على خارطة طريق لتخفيف العقوبات واسعة النطاق على سوريا، والتي يقول دبلوماسيون إنها قد تشمل رفع بعض التدابير المفروضة على القطاع المصرفي، لكن التفاصيل لا تزال قيد الإعداد في بروكسل.
العقوبات التي لا تزال مفروضة على سوريا تتنوع بين تشريعات أقرها الكونغرس الأميركي، وأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس، وعقوبات أصدرتها وزارة الخزانة
وقال حموية “إن الخطوات التي اتخذت حتى الآن بشأن العقوبات غير كافية.” وأضاف “في رأيي، فإن الجميع لديهم مصلحة في أن تمر هذه المعاملات عبر نظام مصرفي يتمتع بالرقابة والشفافية بدلاً من المرور عبر شبكات التحويل غير الرسمية.”
ومنذ تسلم الوزراء في الإدارة السورية الجديدة مهامهم، دأب المسؤولون في الإدارة الجديدة على الإشارة إلى أثر العقوبات الأميركية على عملية بناء الاقتصاد.
وكانت من بين هذه التصريحات ما جاء على لسان وزير التجارة ماهر الحسن، الذي اعتبر أن بلاده غير قادرة على إبرام صفقات لاستيراد الوقود أو القمح أو البضائع الرئيسية الأخرى، بسبب العقوبات الأميركية الصارمة على البلاد.
وتراهن الحكومة الجديدة على رفع العقوبات، ما سيفتح لها المجال لإعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته الحرب، وأوصلت الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 6 مليارات دولار في 2024، مقارنة بأكثر من 61 مليارا في 2010.
ووفق بيانات سابقة لوزارة المالية، ستساعد هذه الخطوة في تدفق المساعدات والاستثمارات وعمليات التمويل، التي تحتاجها البلاد بشدة.
ومع ذلك، يقول محللون إن استقرار العملة ومعالجة التضخم سيكونان من المهام الرئيسية لحاكمة البنك المركزي الجديدة ميساء صابرين، التي عينت الشهر الماضي، بالإضافة إلى إعادة وضع القطاع المالي على الطريق الصحيح.
وكانت صابرين، التي تشرف منذ فترة وجيزة على القطاع المصرفي، قد قالت في مقابلة مع رويترز في يناير إن “المركزي يتطلع إلى إعادة هيكلة البنوك الحكومية وتنظيم عمل مؤسسات الصرافة والتحويلات، التي أصبحت مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة.”
وفرضت حكومات الأسد المتعاقبة قيودا صارمة على استخدام العملة الأجنبية لدرجة أن العديد من السوريين كانوا يخشون حتى من نطق كلمة “دولار”.