الحظر الأميركي يربك حسابات إيران في ميزانية العام المقبل

طهران - أقرت الحكومة الإيرانية بصعوبة تمويل موازنة السنة المالية المقبلة التي تبدأ في مارس 2022 في ظل استمرار القيود الخانقة التي تفرضها الولايات المتحدة على اقتصاد البلاد.
وتجد طهران نفسها في وضع أكثر صعوبة في طريق تعبئة التمويلات الكافية حتى مع إعلاناتها الدعائية المتكررة بأنها استطاعت تحقيق إيرادات من بيع نفطها في بعض الأسواق خاصة وأن الخبراء يؤكدون أنها لا تجد منفذا لبلوغ غايتها والالتفاف على الحظر الأميركي سوى السوق السوداء.
ويكشف إعلان رئيس منظمة التخطيط والميزانية مسعود مراظمي أن بلاده وضعت مشروع موازنة 2022 - 2023 مع فرضية أنها ستبقى ترزح تحت العقوبات الأميركية المفروضة منذ 2018 ودون ربط إدارة البلاد بنتائج المفاوضات حول برنامجها النووي، حجم الارتباك الذي خلفته تلك الوضعية على حساباتها المالية.
ويُفترض عرض مشروع الموازنة على البرلمان في السادس من الشهر الحالي، حيث من المرجّح أن تكون محل سجال بين النواب حتى مع سيطرة التيار المحافظ عليه.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عن مستشار رئيس لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان محمد حسيني قوله الشهر الماضي إنه يتوقع في السنة المالية القادمة بيع 1.2 مليون برميل نفط يوميا بسعر 60 دولارا للبرميل الواحد، في وقت تبيع إيران حاليا نحو 600 ألف برميل.
وحتى وإن عادت إيران إلى ضخ نفطها في السوق العالمية في ظل ارتفاع أسعاره قياسا بالسنوات الماضية إلا أنها تصطدم بالعديد من العراقيل أولها حدود اتفاق أبوك+ التي تفرض زيادة شهرية بمقدار 400 ألف برميل يوميا فقط.

ويقول صندوق النقد الدولي إن استعادة الاقتصاد الإيراني عافيته كما يطمح إلى ذلك المسؤولون، فإن طهران تحتاج إلى سعر يبلغ 194 دولارا للبرميل وهذا يبدو أمرا مستحيلا.
واستأنفت إيران والقوى العظمى الاثنين مفاوضات في فيينا لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015 حول النووي الإيراني الذي أتاح رفع العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
لكن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران. وبعد عام، بدأت إيران بالتراجع تدريجا عن التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
وتشدد طهران أثناء المفاوضات على رفع العقوبات التي ترخي بثقلها على الاقتصاد الإيراني، لكنّ المحللين ليسوا متفائلين كثيرا بشأن فرص إحياء الاتفاق سريعا.
وقوّضت العقوبات جزءا من ميراث الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وأغضبت حلفاء الولايات المتحدة المشاركين في الاتفاق، الذي يهدف إلى تقييد أنشطة إيران النووية في مقابل رفع العقوبات.
وتكمن الصعوبة الأكبر لإيران في مرور الأموال عبر نظامها المصرفي في ظل التزام المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن (سويفت) بإيقاف تسهيل الصفقات المالية.
وشكل قرار نظام سويفت في نوفمبر 2018 تجميد وصول البعض من المصارف الإيرانية إلى شبكته ضربة كبيرة لطهران حيث ضيقت الخطوة الخناق على النظام المالي للبلاد التي تعاني من أزمات اقتصادية أصلا.
وطيلة السنوات الأخيرة تتوسل طهران بشركات القطاع الخاص وتعرض عليهم النفط لإيجاد سبل لتهريبه، كما عرضت عليهم إدارة الشركات الحكومية المترهلة لإنقاذها من الإفلاس.
وحتى مع وصول المتشدد إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة خلفا لحسن روحاني وعقده لاتفاقيات تجارية مع دول في شرق آسيا هربا من الحظر الأميركي، لا يزال الاقتصاد الإيراني يترنح على حافة الانهيار في ظل انهيار الريال وفقدان السلع الأساسية من الأسواق.
وسجلت العملة الإيرانية الأسبوع الماضي أكبر انهيار لها في عهد رئيسي إذ وصل سعر صرف الدولار إلى حوالي 293 ألف ريال.
ولا تزال السلطات النقدية الإيرانية تحدد سعر الدولار عند نحو 42 ألف ريال في السوق الرسمية، ولكن موقع بونباست المتخصص في متابعة سوق العملات حول العالم يشير إلى أن سعر الدولار كان معروضا للبيع الصيف الماضي بسعر يبلغ 125 ألف ريال.
وتظهر أرقام مركز الإحصاء الإيراني أن التضخم بلغ نحو 61.4 في المئة بنهاية أكتوبر الماضي، وهو رقم قياسي في ارتفاع أسعار الغذاء ومن المتوقع أن يرتفع أكثر نظر لتراكم الأزمات سواء داخليا أو لظروف تتعلق بالإمدادات العالمية.
ويؤكد اقتصاديون أن العجز في موازنة السنة المالية الحالية، وأيضا نمو المعروض النقدي سيدفعان التضخم إلى الارتفاع ويتسبب في انخفاض جديد في قيمة العملة وتضاؤل القوة الشرائية للمواطنين.