الحصول على وظيفة يعادل سعادة الزواج عند نساء كردستان العراق

غياب الدعم في رعاية الأبناء أحد القيود الرئيسية أمام عمل النساء، والتشريعات لا توفر الحماية للنساء ولأسرهن في العمل.
السبت 2019/03/23
بحث متصل عبر القنوات الرسمية

تقف الأعراف الاجتماعية والمسؤوليات الأسرية وكذلك التشريعات في إقليم كردستان العراق عوائق بين النساء وبين فرص العمل، بجانب ارتفاع نسب البطالة في أوساط الشباب في الإقليم. ويحول دور المرأة في الأسرة ومهام توفير العناية للأبناء دون حصولها على فرصة للعمل، كما تجد العديد من الشابات صعوبة في العمل بالقطاع الخاص بسبب العقلية الذكورية السائدة في المجتمع.

أربيل (العراق) - كشفت دراسة للبنك الدولي حول عمل المرأة وضعف مشاركتها في القوى العاملة، أن غالبية النساء يرغبن في الحصول على عمل غير أنهن يواجهن العديد من الصعوبات التي تحول دون ذلك.

وقالت شابة من الإقليم إن “الحصول على وظيفة يجعلني أشعر بحالة أفضل نفسيّا وماليًا”، وقالت أخرى “لديّ مسؤوليات عائلية، ولا يوجد من يساعدني في الحصول على وظيفة. لهذا السبب أنا عاطلة عن العمل”، واعتبر القائمون على مشروع البنك الدولي في الإقليم أن هاتين الجملتين تقدّمان خلاصة لحقيقة مشاركة المرأة في إقليم كردستان في القوى العاملة.

ويعدّ معدل مشاركة المرأة في الإقليم في القوى العاملة في كردستان العراق من أدنى المعدلات في العالم بنسبة 14 بالمئة بحسب إحصائيات عام 2015، وزاد معدل البطالة بصفة كبيرة في نفس العام، ولاسيما بين الشابات، ليصل إلى 69 بالمئة في الفئة العمرية الأقل من 24 سنة مقارنة بنسبة 24 بالمئة بين الرجال) و36 بالمئة بين النساء اللاتي يتراوح أعمارهن بين 25-34 سنة مقابل 11 بالمئة بين الرجال.

وتحمل أكثر من ثلث النساء العاطلات عن العمل، درجات ما بعد المرحلة الثانوية، مقارنة بنسبة 25 بالمئة من الرجال العاطلين عن العمل.

وتعمل نسبة حوالي 80 بالمئة في القطاع العام من بين النساء اللاتي لديهن وظائف، في حين توجد واحدة فقط من بين كل 100 امرأة في سن العمل تعمل في القطاع الخاص.

وترغب أكثر من نصف النساء غير العاملات في الحصول على عمل. وقد سبق لنحو 10 بالمئة من النساء العمل، إلا أن العديد منهن توقفن عنه بسبب تسريحهن.

وتشكّل أفكار مثل الاختلاط بالرجال، والتعرّض للتحرش، وطول ساعات العمل المنتشرة في المجتمع أهم الموانع التي تعيق دخول النساء للعمل في القطاع الخاص.

وبحسب دراسة استقصائية أجراها البنك الدولي شملت عينة من الأسر في إقليم كردستان اعتبر أكثر من 70 بالمئة من النساء والرجال الذين شملهم استطلاع الرأي، الذي اعتمدت عليه الدراسة، أنه من المقبول أن تعمل النساء في القطاع الخاص.

وأعربت أكثر من نصف النساء غير العاملات اللاتي شملهن الاستطلاع عن رغبتهن في العمل. وحين طرحت عليهن مسألة الاختلاط في أماكن العمل، رأت أكثر من ثلثيهن أنه من المقبول أن تعمل النساء في مكان مع عدد كبير من الرجال.

ورأى القليل من المشاركين بلغت نسبته 6.5 بالمئة أن النساء العاملات يخاطرن بسمعتهن بانضمامهن إلى العمل.

ويمثّل عدم وجود دعم لرعاية الأبناء أحد القيود الرئيسية التي تحول دون دخول النساء لمواقع العمل، وحصلت نسبة 7.4 بالمئة من النساء العاملات اللاتي شملهن استطلاع الرأي على رعاية لأطفالهن في أماكن العمل.

بالإضافة إلى ذلك، كان من المتوقع عودة غالبية النساء العاملات (85 بالمئة) إلى منازلهن قبل الساعة الخامسة مساءً.

ويجري استبعاد النساء على نحو منهجي من العمل في القطاع الخاص بسبب ضعف الحماية التي توفرها التشريعات لهن ولأسرهن في أماكن العمل، وبسبب غياب الضمانات التي تتيح للمرأة العودة إلى وظيفتها بعد إجازة الولادة، حيث لا يوجد قانون يضمن لها رجوعها إلى عملها.

كما تجد النساء الراغبات في العمل صعوبات في البحث عن وظيفة، وتستغرق النساء العاملات في المتوسط أكثر من سبعة أشهر للعثور على وظيفة، فيما تتخلى النساء غير العاملات عن بحثهن في غضون أقل من ثلاثة أشهر.

وقد أظهرت النساء العاملات قدرا أكبر من المثابرة، وربما تستخدمن المزيد من القنوات الرسمية من بينها مواقع الإنترنت، وشركات التوظيف، وما إلى ذلك مقارنة بالنساء غير العاملات.

القوانين لا توفر للنساء ولأسرهن الحماية في القطاع الخاص، ولا توجد ضمانات للعودة إلى عملهن بعد إجازة الولادة

وأطلقت حكومة إقليم كردستان العراق بالتعاون مع فريق من البنك الدولي مسابقة -هي الأولى من نوعها- لشركات القطاع الخاص لوضع سياسات مراعية لأوضاع الأسرة. ولأن الإصلاحات التشريعية تستغرق بعض الوقت، فقد تم وضع مجموعة من البرامج لزيادة وعي الشركات وتحفيزها على تبنّي سياسات مراعية لأوضاع الأسرة.

وأجرت لجنة اختيار -تتألف من أكاديميين وخبراء في سوق العمل والنوع- تقييمًا لطلبات التقدم للعمل ومنحت سبع شركات جوائز، تقديرا للجهود التي تبذلها لتبني تلك السياسات.

وبموجب مشروع شراكة بين البنك الدولي ومؤسسة روانغا التي لديها بوابة للوظائف على الإنترنت في الإقليم، والتي تقدم تدريبا مباشرا للباحثين عن عمل في كيفية إيجاد وظائف وركّز هذا المشروع على توفير الدعم التدريبي عبر الهاتف للباحثات عن عمل لمدة ستة أسابيع.

وبحسب نتائج الدورات التدريبية فإن الذين شاركوا في أنشطة التدريب بذلوا مزيدا من الجهد في بحثهم عن عمل.

 وقضى الباحثون عن عمل، الذين شاركوا في ثلاث محاضرات تدريبية أو أكثر، أربع ساعات إضافية كل أسبوع في بحثهم عن عمل بشتى الوسائل.

ولاحظ الخبراء أن الباحثين عن عمل لا يستخدمون بعد قنوات البحث الرسمية عن العمل، مثل بوابة الوظائف عبر الإنترنت ومراكز التوظيف، على نطاق واسع.

ويستمر الكثيرون في الاعتماد على المعارف من العائلة والأصدقاء للعثور على وظيفة، مما يحدّ من خياراتهم إلى مجموعة أصغر بكثير من الفرص.

وتعتمد حكومة إقليم كردستان العراق على العديد من السياسات لدمج المرأة في النشاط الاقتصادي، من بينها توسيع نطاق فرص الأعمال للنساء عن طريق تمكينهن من برامج العمل من المنزل، والتي تعد وسيلة لكسب الرزق تجنب النساء مشكلات عدم قبول عائلاتهن عملهن، وتسعى الحكومة إلى تعزيز مراكز رعاية الأطفال، وضمان تكافؤ الفرص بموجب القانون.

21