الحصانة النيابية في الأردن محل خلاف بين البرلمان ومجلس الأعيان

عمان - شكلت التعديلات الدستورية التي يناقشها البرلمان الأردني بما يتماشى مع توصيات اللجنة الملكية للتحديث السياسي محل خلاف بين البرلمان ومجلس الأعيان الذي اعترض على تنقيح المادة الخاصة بالحصانة النيابية ولوّح بإرجاع التعديل الى البرلمان لمناقشته مرة أخرى.
وقال رئيس اللجنة القانونية في مجلس الأعيان أحمد طبيشات إن اللجنة ستبدأ بمناقشة التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب الأحد لكن يوجد “خلاف وحيد يتعلق بحصانة النواب الذي تحكمه المادة 86″.
وصوّت مجلس النواب الأربعاء برفض المادة 23 من مشروع تعديل الدستور الأردني لعام 2021، التي تعنى بإلغاء حصانة النواب والأعيان في حال محاكمة أحدهم وإبقائها للتوقيف.
وقال طبيشات “راضون بالمجمل لما توصل إليه النواب لكن تبقى مسألة الحصانة، وإذا أصر الأعيان على إبقائها متعلقة بالتوقيف فقط ستعاد المادة إلى مجلس النواب”.
وتنص الفقرة الأولى من المادة 86 من الدستور على أنه “لا يوقف أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ولا يحاكم خلال مدة اجتماع المجلس ما لم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار بالأكثرية المطلقة بوجود سبب كاف لتوقيفه أو لمحاكمته أو ما لم يقبض عليه في حالة التلبس بجريمة جنائية وفي حالة القبض عليه بهذه الصورة يجب إعلام المجلس بذلك فورا”.
ووافقت اللجنة القانونية لمجلس النواب على تعديل المادة 86 الذي يتضمن إلغاء عبارة “ولا يُحاكم”، وعبارة “أو لمحاكمته أو ما لم يقبض عليه”، والاستعاضة عنها بعبارة “أو إذا تم القبض”.

أحمد طبيشات: هناك خلاف وحيد مع البرلمان يتعلق بحصانة النواب
وأوضح طبيشات أن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية توصلت إلى أن “التوقيف وحده فقط يكفي لإضفاء الحصانة على النائب والعين.. والمقصود بالحصانة عدم حرمان النائب والعين من دوره الرقابي والتشريعي.. والمحاكمة لا تعيق ذلك الدور”.
لكن “النواب قرروا الإبقاء على الحصانة بالنسبة إلى التوقيف والمحاكمة معا.. ويوجد أعيان في اللجنة الملكية”.
وفي حال أريد تمرير مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يجب أن تتبنى الحكومة الأردنية التوصيات كمشاريع قوانين، وترسلها إلى ديوان الرأي والتشريع، ثم إلى مجلس النواب لإقرارها، ومن ثم إلى مجلس الأعيان للموافقة عليها، ويوشح بعد ذلك بالإرادة الملكية، ثم يُنشر بالجريدة الرسمية ليصبح قانونا نافذا.
وتثير أزمات البرلمان الأردني منذ بدء مناقشته للتعديلات الدستورية قلقا ومخاوف شعبية على مستقبل الحياة السياسية في البلاد وتزيد من التشكيك في القدرة على إقرار مواد دستورية من شأنها إحداث تغييرات لافتة تحقق آمال الأردنيين في التغيير السياسي.
والثلاثاء الماضي شهد مجلس النواب الأردني فوضى عارمة وتبادلا لشتائم وعراكا بين نواب خلال أول جلسة لمناقشة تعديلات دستورية مقترحة، أدت إلى رفع الجلسة وتأجيل انعقاد المجلس لمرتين متتاليتين.
واعتبر الخبير في الشؤون البرلمانية هايل ودعان الدعجة أن “الأحداث الأخيرة التي شهدها مجلس النواب كان لها الأثر الأكبر في زيادة المخاوف، في ظل عدم القناعة بالتبريرات التي ساقتها الحكومة دفاعا عن التعديلات التي انطوت على تداعيات سياسية ودينية مثل التجنيس والتوطين والميراث والطلاق وتعدد الزوجات”.
وأشار الدعجة إلى أن هذه التعديلات “قد تدفع مع الوقت إلى المطالبة بتعديل القوانين الناظمة لها لتتوافق مع التعديلات الدستورية”.
ولفت إلى أن ما ساعد من خوف الشارع وقلقه “شعوره بوجود ضغوط وتدخلات رسمية، أمكن لها التأثير في مواقف النواب من هذه التعديلات لجهة إقرارها والموافقة عليها، مستغلة حالة الضعف التي تغلف الأداء النيابي”.
وترى دوائر أردنية أن هذه المعطيات ساهمت في جعل المواطن يعيش تحت انطباع أو اعتقاد بأن الجهات الحكومية والرسمية تخفي عنه شيئا ولا تصارحه بالحقيقة، لدرجة تشكيكه بجديتها في الإصلاح.
وعلى الرغم من حساسية المرحلة التي تمر بها المملكة، إلا أن مراقبين يعتقدون أن أزمات مجلس النواب “مفتعلة”، وذلك لتسريع تمرير التعديلات ومشاريع القوانين المقترحة، فيما يرى آخرون أنها من صنيعة قوى “الشد العكسي” التي لا تريد مرورا للتحديثات السياسية المرتقبة، كي لا تتأثر مصالحها.