الحشد الشعبي يتهم القوات العراقية بالتجسس عليه لحساب واشنطن

بغداد - طفت إلى السطح مجدّدا الخلافات المتوارية بين القوات النظامية العراقية وميليشيات الحشد الشعبي التي تمّ إلحاقها بتلك القوات بشكل صوري أبقى على إمرتها بأيدي مؤسسيها وقادتها الأصليين في نفس الوقت الذي أصبحت فيه تتمتع بتمويل الدولة وسائر الامتيازات الممنوحة من قبلها لقواتها، الأمر الذي مثّل دائما مصدر انزعاج للقادة والضباط المهنيين وغير الطائفيين داخل تلك القوات.
وعاد الحشد الذي تأسس سنة 2014 بفتوى من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لأجل القيام بمهمة محدّدة تتمثل في قتال تنظيم داعش الذي غزا مناطق شاسعة من غرب العراق وشماله في تلك السنة، ليكون خلال الفترة الحالية موضع ملاحظة في داخل العراق وخارجه بعد رواج أنباء عن مطالبة الولايات المتّحدة لحكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني بحلّه نظرا إلى انتفاء الحاجة إليه ووقوفه حجر عثرة في طريق حصر السلاح بيد الدولة وتشكيله ما يشبه الجيش الرديف الساهر على تأمين مصالح إيران في العراق وحراسة نفوذها هناك.
ويفسّر ذلك حالة العصبية التي أصبح عليها خطاب قادة الحشد والدوائر المقربة منه والتي تجلت مجدّدا في اتهام القوات النظامية بالتجسّس على الميليشيات المشكّلة له. ودعا تحالف الفتح الوعاء السياسي لميليشيات الحشد، الأربعاء، رئيس الوزراء إلى “اتخاذ إجراءات فورية بناء على المعلومات حول تورط ضباط ذوي رتب ومناصب متقدمة بالتجسس على فصائل المقاومة وتحديد مواقعها لصالح القوات الأميركية.”
◙ مخاوف قادة الحشد على فصائلهم أذكاها طلب بلينكن من السوداني اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة ضد الميليشيات من ضمنها تسريع قرار حل الحشد الشعبي
وقال عضو التحالف علي عزيز لوسائل إعلام محلية إن “الولايات المتحدة وذيولها يراقبون كل مكان فيه أثر للمقاومة والحشد الشعبي، ويتتبعون مخازن الذخيرة والعتاد والمعسكرات، وهذا الأمر واضح للقاصي والداني،” مهدّدا بالتعامل مع “أي اعتداء على هذه القوات باعتباره اعتداء على الحكومة والشعب العراقي.”
واستندت اتهامات التجسّس إلى ما قيل إنّها “وثائق” أمنية تداولتها منابر إعلامية ومواقع للتواصل الاجتماعي بشأن قيام من قيل إنهم ضباط استخبارات عراقيون بجمع معلومات عن مقار الفصائل الشيعية المسلّحة. وذهب البعض إلى نفي صحّة تلك الوثائق، بينما ذهب آخرون إلى القول إن ما كان الضباط يقومون به ليس سوى جزء من مهامهم الرسمية الروتينية في نطاق عمليات الضبط والإحصاء الاعتيادية.
وأذكت مخاوف قادة الحشد على فصائلهم التي تمثّل عماد نفوذهم ووسيلة سيطرتهم على المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في العراق ما تحدثت عنه مؤخّرا مصادر سياسية بشأن طلب تقدّم به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للسوداني خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة ضد الميليشيات من ضمنها تسريع قرار حل الحشد الشعبي وضرب أي فصيل يرفض تسليم سلاحه للدولة.
وأضاف عزيز أن “الواجب على رئيس الوزراء ووزارة الاتصالات تتمثل برصد الأشخاص الذين لديهم ارتباط وتعامل مع الولايات المتحدة وتقديمهم إلى القضاء والقصاص منهم بعد إدانتهم بالتخابر مثلما تفعل كل الدول حول العالم للحفاظ على أمنها القومي،” مؤكّدا أن “التسيب وغض النظر عن ملف التخابر تصرف غير صحيح.” وأشار إلى أن “المرحلة القادمة خطرة خاصة “مع توغل الولايات المتحدة وإسرائيل في سوريا التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية الموالية لهما ولتركيا،” داعيا إلى “اتخاذ إجراءات أمنية احترازية قصوى.”