الحزبان الكرديان الرئيسيان في العراق يتفقان على خطوات تشكيل الحكومة

أربيل (كردستان العراق) – اتفق الحزبان الرئيسيان في كردستان العراق (الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين) على تشكيل لجنة مشتركة يقع على عاتقها وضع مسودة لبرنامج مبادئ الحكم للمرحلة المقبلة في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، فيما أعرب الزعيم الكردي مسعود برزاني عن أمله بأن تثمر المحادثات بين الأطراف السياسية بحكومة جديدة تراعي الاستحقاق الانتخابي.
وعقد المكتبان السياسيان للحزبين اليوم الثلاثاء، اجتماعا في مقر المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني بمنطقة بيرمام في محافظة أربيل عاصمة الإقليم، واتفقا على حماية مصالح إقليم كردستان وأشار إلى أنهما تباحثا بشأن تشكيل الكابينة العاشرة لحكومة كردستان العراق.
وترأس وفد الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري وزير المالية والخارجية الأسبق بينما ترأس وفد الاتحاد الوطني قوباد طالباني زعيم الحزب.
وعقب الاجتماع أصدر الجانبان بيانا مشتركا أعلنا فيه أن الاجتماع "بحث أوضاع المنطقة والتطورات التي طرأت وتأثيراتها على العراق وإقليم كردستان واتفق الجانبان على التلاحم وتوحيد المواقف حماية للمصالح العليا لإقليم كردستان في هذه المرحلة الحساسة".
وتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة لإقليم كوردستان كان من المواضيع مدار البحث في الاجتماع، وأشار البيان إلى أن "الجانبين اتفقا على إعداد برنامج مشترك في أقرب وقت ليشكل أساسا للحكومة القادمة لإقليم كردستان".
وذكر البيان أن الجانبين قررا تشكيل لجنة مشتركة للإعداد لاجتماعهما القادم.
وجاء اجتماع الحزبين الرئيسيين بعد دعوة رئيس السن محمد سليمان، للانعقاد من أجل انتخاب هيئة رئاسة البرلمان.
وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في ديسمبر الحالي، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
وأعرب الزعيم الكردي رئيس حزب الديمقراطي الكردستاني اليوم الثلاثاء لدى استقباله في مصيف صلاح الدين، يان شنايدوف، السفير الجديد لجمهورية التشيك في العراق، عن أمله في أن تثمر الحوارات بين الأطراف السياسية في إقليم كوردستان بالتوصل لنتائج إيجابية تُسهم في تشكيل الحكومة الجديدة على أساس الاستحقاق الانتخابي لكل طرف. وفق بيان صادر عن مكتبه.
ويرجح مراقبون استمرار عقدة تشكيل حكومة إقليم كردستان لمدة أطول من الحالية، بسبب خلافات الحزبين الرئيسين، لافتين إلى غياب اللاعبين الدوليين المؤثرين في المشهد العراقي والكردي بسبب انشغالهم بالأحداث السورية، متوقعين دورا استثنائيا لحكومة بغداد هذه المرة لملء الفراغ الدولي.
ويعتقد المحلل السياسي الكردي المستقل لطيف الشيخ أن "تشكيل حكومة الإقليم سيطول، ففي كل مرة، كان اللاعب والمؤثر الإقليمي والدولي يتدخل بصورة كبيرة، وينجح في تقريب وجهات النظر، لكن تركيا وإيران هذه المرة، وحتى الولايات المتحدة، منشغلة بالأزمة السورية وتطوراتها، لذا فإن موضوع تسمية المناصب، وتشكيل حكومة الإقليم سيطول، وقد نحتاج إلى أكثر من 6 أشهر".
وأوضح الشيخ في تصريح إعلامي أن "لإيران تأثيرا قويا على الاتحاد الوطني الكردستاني، وهي فاعل مؤثر في السليمانية، كما أن تركيا لاعب اقتصادي وسياسي مهم، وتمتلك تأثيرا قويا على الحزب الديمقراطي، ولديها نفوذ كبير جدا في أربيل، ولكن الأزمة السورية جعلت كلا من طهران وأنقرة، يهملون ملف الإقليم في الوقت الحالي".
ولفت إلى أن "عملية تشكيل الحكومة في الإقليم هي في الأساس عملية معقدة، بسبب تمسك الحزب الديمقراطي بشروطه، ومنها الحصول على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، وترشيح مسرور بارزاني مجددا إلى ولاية ثانية لرئاسة الحكومة، في وقت يصر الاتحاد الوطني على الحصول على منصب رئاسة الإقليم، فجاءت الأزمة السورية لتعقد الأزمة أكثر، ونحن نعرف بأن كل حكومة تتشكل في الإقليم تحمل بصمات طهران وأنقرة، ولا بد أن تنال رضا الطرفين".
وانشغلت دول الإقليم وعلى رأسها تركيا وإيران بالحرب السورية الحالية التي أسقطت نظام بشار الأسد، فجر الأحد الماضي، بعد 25 عاما على سدة الحكم، وفيما دعمت تركيا إسقاط الرئيس السوري المخلوع، تعتبر إيران حليفة رئيسة للأخير.
وبعد تأجيل دام أكثر من عامين، شهد الإقليم إجراء انتخابات برلمانية، غير أن نتائج هذه الانتخابات كشفت عن مشهد سياسي معقد، إذ لم يتمكن أي من الحزبين التقليديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، من تحقيق الأغلبية المطلقة لتشكيل حكومة منفردة، ووضع هذا الأمر الحزبين أمام تحد جديد، إذ يجب عليهما التفاوض والتحالف مع قوى سياسية أخرى لتشكيل الحكومة المقبلة.
وحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات التي جرت مؤخرا على 39 معقدا، ليحتل المرتبة الأولى، فيما حل الاتحاد الوطني ثانيا بحصوله على 23 معقدا، وهذا يعني بأن أي طرف لن يستطيع تشكيل الأغلبية داخل برلمان الإقليم.
وأكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غازي كاكائي، في تصريح إعلامي أن "الأزمة في المنطقة وتحديدا في سوريا هي فرصة تاريخية للأحزاب الكردية للتماسك فيما بينها، لأنها أحوج ما تكون إلى وحدة الموقف".
وأشار كاكائي، إلى أن "انشغال تركيا وإيران بالملف السوري، هي فرصة لجعل أمر تشكيل حكومة الإقليم كرديا خالصا، أو على الأقل تتدخل بغداد كطرف عراقي وسيط، لفك العقدة".
وأوضح أن "بغداد، هي العمق الاستراتيجي لإقليم كردستان، وهي الامتداد للكرد، وليست دولة خارجية، وتدخلها أمر طبيعي، ولكن تدخل دولة خارجية، في شأن تشكيل حكومة الإقليم أمر سلبي، وغير مرغوب، ولا يجب أن يحصل".
وأردف قائلا إن “الحوارات الأولية بين الحزبين الحاكمين في الإقليم، الديمقراطي، والاتحاد الوطني إيجابية، ولكن على الديمقراطي تقديم تنازلات سياسية، لأن الاتحاد الوطني لن يرضى بأقل من استحقاقه، ومنها الحصول على منصب رئاسة الإقليم".
وسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، حيث ترأس نيجيرفان بارزاني رئاسة إقليم كردستان، وابن عمه وصهره مسرور بارزاني، منصب رئاسة حكومة الإقليم، فيما حصل الاتحاد الوطني في الدورة
وانعقد في مدينة السليمانية بنهاية شهر نوفمبر الماضي، أول اجتماع رسمي بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر أكتوبر الماضي، وذلك بهدف التباحث من أجل تشكيل الحكومة الجديدة للإقليم.
واستبعد الأكاديمي والباحث في الشأن الكردي حكيم عبد الكريم، تشكيل حكومة الإقليم في الفترة القريبة المقبلة، ويرى أن "العملية متوقفة حاليا على تطورات الأوضاع في سوريا، لا سيما وأن تركيا وإيران، هما الآمر والناهي في الإقليم، وهما اللاعب الأقوى والمؤثر في صنع القرار، فضلا عن الولايات المتحدة التي تقدم دعما ماليا وعسكريا لقوات البيشمركة والإقليم بشكل عام".
وأشار عبدالكريم، في تصريح لوسائل إعلام عراقية إلى أن "هذه الأطراف جميعها، مشغولة حاليا بالقضية السورية، وبالتالي عملية تشكيل الحكومة، متوقفة على تطورات تلك القضية"، متوقعا أن "تلعب بغداد، وتحديدا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين الأحزاب الكردية، لغرض الإسراع بتشكيل الحكومة، وتسمية المناصب، واستغلال حاجة إقليم كردستان لبغداد في الوقت الحالي".
وتتجه أنظار بغداد إلى التطورات السياسية في إقليم كردستان، حيث يسعى السوداني إلى تعزيز العلاقات مع الأحزاب المؤثرة في الإقليم، ولعب دور الوساطة لحل القضايا العالقة بين الأطراف المختلفة.