الحريري يحذر مسيحيي لبنان: أنتم الحلقة الأضعف فاحذروا زوال مراكزكم

القوات ترد على الضجة المفتعلة حول اللقاء مع رئيس تيار المستقبل: حاقدون يقفون خلفها.
السبت 2024/02/17
وطن يبكي سيادة مهدورة

وجه رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري جملة من النصائح إلى المسيحيين خلال لقاء جمعه مع وفد من حزب القوات اللبنانية، لعل أبرزها أن موقعهم في المنظومة السياسية مهدد إن لم يقدموا تنازلات. فيما يرى البعض من اللبنانيين أن مثل هذه النصائح كان الأولى أن يطبقها الحريري الذي يعاب عليه دوره في تراجع السنة في المشهد السياسي اللبناني.

بيروت - تنشغل الساحة السياسية في لبنان بالزيارة المستمرة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، واللقاءات التي عقدها، مع الوفود الحزبية، والتي كان أكثرها صدى زيارة وفد من حزب القوات اللبنانية، خلفت جدلا واسعا في ظل ما روج على أن الحريري لم يكن متحمسا للاجتماع بحليف الأمس، وأنه تعمد التأخر عن الاجتماع، وهو ما نفته قيادات قواتية لاحقا.

ووفق المعلومات فإن الحريري حرص خلال لقائه مع الوفد القواتي الذي ترأسه النائب جورج عدوان على توجيه جملة من التحذيرات في صيغة نصائح، حيال التحديات التي تواجه لبنان ولاسيما الطائفة المسيحية التي وصفها بالحلقة الأضعف.

وتحدث الحريري عن ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، معربا عن خشيته من فقدان المسيحيين مراكزهم في الدولة.

ووفق ما نقلته وسائل إعلام محلية عن مقربين من رئيس تيار المستقبل، فإن هدفه من النصيحة تحذير المسيحيين من أن آداءهم قد يفقدهم مراكزهم في الدولة إذا طال الشغور لأنهم الحلقة الأضعف وقد يدفعون ثمن أية تسوية تطرح تغيير النظام وإن الأمر سينسحب تلقائيا على موقع رئاسة الجمهورية بخاصة إذا لم يقدم المسيحيون التنازلات.

ريشار قيومجيان: نحن مع عودة الرئيس الحريري إلى الحياة السياسية
ريشار قيومجيان: نحن مع عودة الرئيس الحريري إلى الحياة السياسية

ولا يعرف ما إذا كانت تحذيرات الحريري مبينة على معطيات وهل هي رسالة أم مجرد وجهة نظر شخصية بالنظر للواقع اللبناني؟ ويعيش لبنان منذ أكثر من عام فراغا رئاسيا في ظل غياب التوافق بين الفرقاء ولاسيما المسيحيين، على خليفة للعماد ميشال عون الذي انتهت ولايته في العام 2022.

ووفق اتفاق الطائف فإن رئاسة الجمهورية في لبنان هي من نصيب الطائفة المسيحية، فيما رئاسة الحكومة تؤول إلى السنة، ورئاسة البرلمان للشيعة. وينسحب التقسيم الطائفي في لبنان أيضا على باقي المراكز والمواقع الإدارية والأمنية والعسكرية.

ويرى سياسيون لبنانيون أن الحريري هو آخر شخص يمكن أن يقدم نصائح للمسيحيين، خصوصا وأن كثيرين يلومون الحريري ويتهمونه بأنه السبب في تراجع دور الطائفة السنية في لبنان من خلال التنازلات الكبيرة التي قدمها للثنائي الشيعي المتمثل في حزب الله وحركة أمل.

ويشير السياسيون إلى أن رئيس تيار المستقبل أظهر على مدار السنوات الماضية ضعفا كبيرا في التعاطي مع ضغوط الثنائي، الأمر الذي كلفه كثيرا لاسيما سياسيا ودفعه إلى اتخاذ قرار بالاعتكاف في العام 2022، معلقا نشاطه ونشاط تيار المستقبل.

ويلفت هؤلاء إلى أن نصيحة الحريري للقوات بتقديم تنازلات، لحل معظلة الرئاسة، تكشف واقعَ أن الأخير لم يتعلم من تجربته خلال الفترة الماضية، فالتنازل لا يجري معه سوى التنازل وهذا لا يقود إلا إلى ضعف لبنان.

ويقولون إن أزمة رئاسة الجمهورية يتحمل مسؤوليتها حزب الله وحلفاؤه، مشيرين إلى أنه كان الأولى توجيه الكلام بضرورة انتخاب رئيس للبلاد ووقف العبث بالدستور للحزب الشيعي.

ووصفت قيادات في حزب القوات لقاء الحريري بالإيجابي، وأكد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات الوزير السابق ريشار قيومجيان أن كل ما أشيع عن ظروف زيارة الوفد للرئيس الحريري غير صحيح إطلاقاً، مشدّداً على “أن الزيارة كانت طبيعية وودية وتخلّلتها حفاوة خلال الإستقبال”.

وأعرب قيومجيان عن أسفه من أن بعض الحاقدين والموتورين حاولوا تشويه الزيارة موضحا أنه لم يكن هناك أي تأخير باستقبال الوفد لا بل على العكس تم استقبال الواصلين من الوفد والدردشة سويا مع الحريري بانتظار وصول النائب جورج عدوان والوزيرة السابقة مي شدياق اللذين علقا بزحمة السير.

وتابع “ما حكي أن وجوهنا كانت متجهمة في الصور غير دقيق بل كنا جديين في مناسبة حزينة وليست “كوكتيل” عرس ونصغي بتمعنٍ لحديث الحريري ولتصريح عدوان”.

عودة الحريري للبنان كانت لافتة هذه المرة من حيث الترويج لها، واللقاءات الرسمية التي عقدها، على خلاف الزيارات السابقة التي كانت تجري في صمت ولا تستمر سوى يوم أو يومين

وأشار القيادي في القوات إلى أنه تخلّلت اللقاء جولة أفق حول الوضع في الجنوب وفي المنطقة وقد ركّز الحريري على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة الانتظام في عمل المؤسسات.

وشدد قيومجيان “نحن مع عودة الرئيس الحريري وتيار المستقبل إلى الحياة السياسية ولم تكن لنا علاقة بخروجه منها ولم نطعن في الظهر بل نحن معرفون بأن كلامنا نعم نعم ولا لا. صحيح أن الحريري غائب جسدياً إنما تيار المستقبل حاضر في يوميات الحياة في لبنان ولا أخفي سراً أننا ننسق معه في ملفات عدة كالانتخابات النقابية”.

وكانت عودة الحريري للبنان لافتة هذه المرة من حيث الترويج لها، واللقاءات الرسمية التي عقدها، على خلاف الزيارات السابقة التي كانت تجري في صمت ولا تستمر سوى يوم أو يومين.

وأثارت عودة الحريري تكهنات كثيرة بشأن إمكانية تراجعه عن قراره بتعليق نشاطه السياسي، وقال مستشاره للشؤون الخارجية جورج شعبان لصحيفة الجمهورية المحلية إن عودته حاصلة لا محالة، تاركاً الإعلان عن تاريخ الموعد للظروف الإقليمية المناسبة، والتي لو سُئل عن رأيه فيها من قبل الحريري، لأجاب أنه لا يحبّذها في هذه المرحلة، بحسب تعبير شعبان.

وفي المقابل لفت شعبان إلى مؤشرات عدة تمهّد لعودة الحريري ودلالات على موافقة سعودية لعودته السياسية، وإن تبدو حتى اللحظة موافقة حذرة متأنية وصامتة.

ووفق مستشار الحريري، فإن رئيس تيار المستقبل يعود اليوم من بيت الوسط ليثبت أنّ الحريرية السياسية كانت وستبقى وحدها مرتعا للاعتدال السني الذي كانت ستفتقده الطائفة لو استمر غياب الحريري في ظل خشيةٍ روسية وأميركية من أجواء التطرف في لبنان، والتي تدفع بالشباب السني إلى الانخراط فيه في غياب زعامة سنية معتدلة تحتضنه.

وأضاف شعبان و”لأنّ هذا التطرف مُقلق للداخل والخارج، والمطلوب هو الاعتدال، لذلك فإنّ روسيا وأميركا وأوروبا تدعم اليوم عودة الحريري… خاصة أنّ كافة الأطراف من العرب والفرنسيين وغيرهم، حاولت إيجاد بديل، لكنها لم تنجح”.

2