الحريري وعون متكتمان خشية احتراق الطبخة الحكومية

فرنسا منشغلة بوضعها الداخلي عن متابعة مبادرتها في لبنان.
السبت 2020/10/31
مواجهات بين متظاهرين والأمن في بيروت ضد فرنسا

بيروت – يفرض رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون تكتما شديدا على المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة العتيدة، الأمر الذي يترك المجال أمام تكهنات من قبل من يرى أن السبب خلف هذه السرّية الخشية من احتراق “الطبخة الحكومية”، وبين قائل إن هناك تباينات تحاول المكونات المشاركة في عملية التأليف حلها بعيدا عن أعين الإعلام.

وتقول دوائر سياسية إن الأجواء العامة توحي بإمكانية طرح التشكيلة الحكومية بداية الأسبوع المقبل، لافتة إلى أن لا الحريري أو الثنائي الشيعي الممثل في حزب الله وحركة أمل، وأيضا التيار الوطني الحر، من مصلحته عدم خروج الحكومة إلى النور قريبا.

وتشير الدوائر إلى أنه من المرجح أن تكون الحكومة المقبلة حكومة تكنوقراط بنكهة سياسية، بمعنى أن تختار كل جهة سياسية وزراءها من “التكنوقراط”، لاسيما وأن الوضع الإقليمي والدولي يسمح بذلك في ظل انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات الرئاسية التي دخلت مرحلة حاسمة، والتهاء فرنسا بأوضاعها الداخلية وبأزمتها مع العالمين العربي والإسلامي.

وتوضح الدوائر أن المبادرة الفرنسية لم يعد لها أي مكان، وأنها باتت ساقطة بحكم الواقع، لاسيما لجهة اختيار اختصاصيين بعيدا عن الأحزاب، وتلفت إلى أن باريس نفسها سلمت بهذا الواقع، وتفضل التركيز على وضعها الداخلي المشحون لاسيما بعد العملية الإرهابية في نيس.

وشهد لبنان، الجمعة، كما غيره من الدول العربية مظاهرات منددة بتصريحات المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الإسلام، وباستمرار نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد.

واندلعت مواجهات محدودة بين عدد من الشبان والقوى الأمنية قرب مقر إقامة السفيرة الفرنسية في بيروت، التي انتشرت صباحا في محيط السفارة.

وخلال الأسبوعين الماضيين، جرت تظاهرات في دول إسلامية عدة وسط دعوات لمقاطعة البضائع الفرنسية ردا على تصريحات للرئيس الفرنسي دافع فيها عن حرية نشر الرسوم، باعتبارها تأتي ضمن حرية التعبير.

ومنذ الساعة الثامنة صباحاً، فرضت القوى الأمنية والجيش إجراءات مشددة وأغلقت كافة الطرق المؤدية إلى السفارة ومقر السفيرة في قصر الصنوبر في بيروت. وبعد صلاة الجمعة، انطلقت مسيرة من حوالي مئتي شخص من أمام أحد مساجد بيروت وصولاً إلى أقرب حاجز أمني وضعته القوى الأمنية قرب قصر الصنوبر.

وحمل المتظاهرون رايات بيضاء وسوداء اللون كتب عليها “لا إله إلا الله، محمد رسول الله” ولافتات كتبت عليها شعارات ضد الرئيس الفرنسي. ودعا إلى التظاهرة حزب التحرير الإسلامي الصغير الذي لا يملك حجما كبيرا على الساحة السياسية اللبنانية.

وبعد مغادرة العدد الأكبر من المتظاهرين، أقدم شبان على إلقاء عبوات زجاجية وحجارة باتجاه القوى الأمنية وحاولوا إزالة الأسلاك الشائكة التي تغلق الطريق. فردت القوى الأمنية برمي القنابل المسيلة للدموع لتفرقتهم.

Thumbnail

وتأتي التظاهرة غداة قتل رجل يحمل سكيناً ثلاثة أشخاص أحدهم على الأقل نحرا، في كنيسة في مدينة نيس بجنوب شرق فرنسا، قبل أن تعتقله الشرطة. وفي السادس عشر من الشهر الحالي، قتل الشيشاني عبدالله أنزوروف البالغ 18 عاما مدرس التاريخ صامويل باتي بقطع رأسه بسبب عرضه رسوما كاريكاتيرية للنبي أمام تلامذته.

ودفع مقتله بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التعهد بقمع التطرف الإسلامي، بما يشمل إغلاق مساجد ومنظمات متهمة بالتحريض على التطرف والعنف، مؤكدا في الوقت نفسه تمسكه بالدفاع عن حرية نشر الرسوم.

وشهدت فرنسا خلال السنوات الماضية اعتداءات نفذها إسلاميون متطرفون، وهي في حالة استنفار أمني تحسبا لهجمات منذ الاعتداء في 2015 على مقر صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة التي نشرت الرسوم الكاريكاتيرية التي اعتبرت مسيئة للنبي، وأعادت نشرها مؤخرا. وأسفر الاعتداء على مقر “شارلي إيبدو” عن مقتل 12 شخصا بينهم رسامون.

وهي ليست المرة الأولى التي تثير فيها رسوم كاريكاتيرية غضباً حول العالم. ففي العام 2005، نشرت صحيفة دنماركية 12 رسما كاريكاتيريا للنبي مثيرة للجدل أيضاً، أثارت استنكارا شديدا وتظاهرات في العالم العربي والإسلامي في يناير وفبراير 2006 ضد الدنمارك.

وفي لبنان، أشعل متظاهرون يومذاك النيران في مبنى تقع فيه القنصلية الدنماركية في بيروت، واندلعت اشتباكات مع القوى الأمنية أسفرت عن إصابة 28 شخصا.

وللمفارقة، أن اللبنانيين كانوا قبل أسابيع فقط قد احتفوا بزيارة ماكرون لبيروت وبجولته على أرصفة المرفأ الذي انفجر في الرابع من أغسطس، وذهب العديد منهم إلى وصفه بـ”بيّ الكل”، مراهنين على مبادرته لانتشال البلاد من أزمتها المالية.

2