الحرس الوطني في تونس يقود حملة توعوية لمكافحة العنف ضد المرأة

تونس - يقود جهاز الحرس الوطني في تونس حملة توعوية واسعة تهدف إلى التصدي لظاهرة العنف المسلط على النساء، في وقت تؤكد فيه الأرقام والإحصائيات ارتفاع حالات العنف ضد المرأة في البلاد. وفي تونس كما في مختلف بقاع العالم، تتعرّض نساء كثيرات إلى العنف. ولا يعني الأمر فقط ذلك العنف الذي يترك آثاره واضحة على جسد المرأة إنّما كذلك ما يترك ندوبا في الروح والنفس.
ويقول مراقبون إن معالجة الظاهرة أو العمل على الحد من انتشارها تستدعي تضافر جهود مختلف الهياكل والوزارات على غرار وزارة الأسرة والمرأة، وزارة التربية، وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية، فضلا عن البحث عن مقاربات جديدة في شأنها.
وتشير أوساط حقوقية إلى ضرورة أن يبذل المكتب الجديد لجمعية النساء الديمقراطيات جهودا إضافية من خلال حملات التحسيس والتوعية بمخاطر العنف، فضلا عن كونه مطالبا بفتح قنوات حوار مع هياكل الدولة لمعالجة الظاهرة في إطار تشاركي وبمقاربات شاملة. وأكّد المتحدث باسم الحرس التونسي حسام الدين الجبابلي، الخميس تسجيل 60 ألف محضر عدلي لدى وحدة الاختصاص في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل خلال السنة الحالية، وكانت جميعها داخل الفضاء الأسري.
وأكد الجبابلي خلال اليوم الختامي للحملة التي قامت بها الإدارة العامة للحرس التونسي في إطار سعي وزارة الداخلية للقضاء على ظاهرة العنف، أنه “تم تسجيل ارتفاع في عدد الإشعارات بقضايا العنف الأسري خلال السداسي الأول من سنة 2024، والبالغة نسبة 70 في المئة، فيما لم تتجاوز نسبة 51 في المئة و58 في المئة خلال السنوات الماضية.” كما بيّن أن نسبة 80 في المئة من العنف المسلط ضد الطفل يكون داخل الفضاء الأسري، مع تسجيل نسبة 3.8 من العنف الممارس ضد كبار السن، فيما لم تتجاوز نسبة 2 في المئة خلال سنة 2022.
وأوضح في هذا الإطار أنه “تم وضع 128 فرقة مختصة في البحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل من بينها 58 فرقة ووحدة مركزية على ذمة الحرس الوطني و70 فرقة ووحدة مركزية على ذمة الأمن الوطني”، مضيفا أنه “تم اليوم (الخميس) إطلاق ومضة تحسيسية بخصوص العنف الأسري، وشارك فيها العديد من الوجوه الفنية والأمنية”.
◙ العنف ضد النساء في تونس تنامى في السنوات الأخيرة حيث قتل ما لا يقل عن 25 امرأة عام 2023 و15 امرأة عام 2022
وتابع حسام الدين الجبابلي أن “وزارة الداخلية اعتمدت على مقاربة تشاركية من أجل القضاء على ظاهرة العنف، من خلال تنظيم اليوم الدراسي حول مكافحة ظاهرة العنف الأسري بالاشتراك مع العديد من الأطراف المتداخلة على غرار وزارات المرأة والصحة والعدل والشؤون الاجتماعية بالإضافة إلى مكونات المجتمع المدني التي تُعنى بهذا الاختصاص.”
وأشرف كاتب الدولة المكلف بالأمن سفيان بالصادق على اليوم الدراسي حول سبل التصدي لظاهرة العنف وتعزيز التوعية المجتمعية بمشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتعمل السلطات التونسية على دعم مراكز الإصغاء الخاصة بالنساء المعنّفات، سواء أكانت حكومية أو تابعة لمنظمات وجمعيات تهتمّ بشؤون المرأة، لاسيما من تتعرّض إلى عنف ما.
وثمّة ستّة مراكز تابعة لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، منها مركز الرعاية الاجتماعية “الأمان” في تونس العاصمة ومركز “تمكين” ومركز “هنّ” الذي فتح أبوابه أخيرا في معتمدية الرقاب بولاية سيدي بوزيد (وسط)، في حين يعمل الاتحاد الوطني للمرأة على استحداث مراكز جديدة تابعة له في مختلف المحافظات التونسية.
وتنامى العنف ضد النساء في السنوات الأخيرة، حيث قُتل ما لا يقل عن 25 امرأة عام 2023 و15 امرأة عام 2022. ووفق دراسة عن عدد جرائم قتل النساء العام الماضي بعنوان “سكوتنا قاتل” قام بها الاتحاد الوطني للمرأة (حكومي)، قُتلت 25 سيدة، 54 في المئة منهن على يد أزواجهن.
وقالت الرائد فادية رجب، رئيس مصلحة بالإدارة العامة للحرس الوطني، “سيتم إصدار مجموعة من التوصيات بمناسبة اليوم الختامي للأيام الدراسية التي قامت بها الإدارة العامة للحرس الوطني في إطار سعي وزارة الداخلية للقضاء على ظاهرة العنف.”
وأكدت في تصريح لإذاعة محلية أن “من بين هذه التوصيات، ما هو متعلق بإصلاحات تشريعية عبر تعديل مجلة الأحوال الشخصية والنظر في قضايا الطلاق والنفقة، تعديل توقيت العمل بالنسبة للنساء سواء في الوظيفة العمومية أو الخاصة، ومراجعة الزمن المدرسي، بالإضافة إلى توصيات وقائية من بينها تكثيف الحملات التوعوية والتحسيسية بخطورة العنف داخل الوسط الأسري، وتدعيم الوحدات المختصة بكل الإمكانيات والتجهيزات والمعدات اللوجستية اللازمة من أجل ضمان حسن التعهد واستقبال ضحايا العنف.”
وبينت فادية رجب أن “وزارة الداخلية قامت في إطار تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، بإحداث 128 فرقة مختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل، موزعة على جميع ولايات الجمهورية وتُعنى بالبحث في هذا الصنف من الجرائم التي تمارس داخل الوسط الأسري وبقية الأوساط، على غرار العنف المادي والمعنوي والاقتصادي والجنسي والسياسي، بالإضافة إلى بروز شكل جديد من العنف وهو الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.”
وسجّلت تونس بحسب إحصائيات رسمية، نحو 70 جريمة قتل للنساء داخل الفضاء العائلي خلال الخمس سنوات الأخيرة، بينها 25 نفذت خلال العام المنقضي، وسط دعوات منظمات نسوية إلى إنفاذ القوانين ضد الجناة وعدم تكريس سياسة الإفلات من العقاب.