الحرس الثوري يلوح بالمزيد من العنف: لن نرحم مثيري الشغب

تشكيك في تنازلات النظام الإيراني بشأن الحجاب وحل شرطة الأخلاق.
الثلاثاء 2022/12/06
إغلاق المتاجر في طهران استجابة للإضراب

مع استمرار الاحتجاجات، واتخاذها أشكالا متقدمة مثل الإضراب العام، تسيطر على النظام في إيران حالة من التوتر القصوى تتراوح بين التلويح بالمزيد من العنف، وتقديم تنازلات من نوع حل شرطة الأخلاق، لكن الثقة المعدومة في النظام تجعل هذه التنازلات مثار شكوك.

طهران – هدد الحرس الثوري الإيراني الاثنين بالتصعيد في مواجهة الاحتجاجات. وقال إن قوات الأمن لن ترحم “مثيري الشغب وقطاع الطرق والإرهابيين”، وحث القضاء على الإسراع في إصدار الأحكام بحق المتهمين بارتكاب “جرائم ضد أمن الوطن والإسلام”.

ويعكس هذا التصعيد عجز النظام الإيراني عن إيجاد حلول لوقف استمرار الاحتجاجات، وتطوير أشكالها من ذلك الدعوة إلى الإضراب التي وجدت صدى واسعا في إيران، في الوقت الذي فشل فيه هذا النظام في تسويق خطاب “المراجعات” خاصة ما تعلق بموضوع الحجاب أو حل شرطة الأخلاق.

وأغلقت متاجر أبوابها في عدة مدن إيرانية الاثنين في أعقاب دعوات من محتجين يريدون إسقاط النظام إلى إضراب عام في أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أيام.

وتشهد إيران اضطرابات في كافة أرجائها بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني خلال احتجاز شرطة الأخلاق لها في السادس عشر سبتمبر مما شكل أحد أقوى التحديات للجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979.

واعتقلت شرطة الأخلاق الإيرانية أميني لانتهاكها قواعد الحجاب الصارمة.

أنسية الخزعلي: الحجاب جزء من القانون العام للجمهورية الإسلامية وإنه يضمن للمرأة أمنها
أنسية الخزعلي: الحجاب جزء من القانون العام للجمهورية الإسلامية وإنه يضمن للمرأة أمنها

وذكرت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء أن القضاء أغلق متنزها ترفيهيا في مركز تجاري بطهران لأن المسؤولات عنه لم يلتزمن بالحجاب بشكل صحيح.

وقالت صحيفة “هام ميهان” ذات الميول الإصلاحية إن شرطة الأخلاق عززت وجودها في مدن خارج طهران حيث كانت أقل نشاطا خلال الأسابيع الأخيرة.

ونقلت وكالة العمال الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن المدعي العام قوله يوم السبت إنه تم حل شرطة الأخلاق. ولكن لم يرد تأكيد من وزارة الداخلية، وقالت وسائل إعلام رسمية إن المدعي العام ليس مسؤولا عن الإشراف على القوة.

وقالت أنسية الخزعلي نائبة الرئيس لشؤون المرأة الأسبوع الماضي إن الحجاب جزء من القانون العام للجمهورية الإسلامية وإنه يضمن للمرأة أمنها.

وقلّل ناشطون حقوقيون مؤيّدون للحركة الاحتجاجية في إيران الاثنين من أهمية إعلان صادر عن السلطات الإيرانية حول إلغاء جهاز شرطة الأخلاق المثير للجدل، مشددين على أن أي تغيير لم يطرأ فعليا على القيود المشددة التي تفرضها الجمهورية الإسلامية على النساء.

وفي تصريح مفاجئ نهاية الأسبوع، قال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إنه تم إلغاء شرطة الأخلاق. لكن ناشطين شككوا في تصريحاته التي جاءت في إطار ردّ على سؤال طُرح عليه خلال مؤتمر صحافي. وقال منتظري “تمّ إلغاء شرطة الأخلاق من جانب الذين أوجدوها”.

وتتبع شرطة الأخلاق لوزارة الداخلية، لا لوزارة العدل. وأنشأها في العام 2006 المجلس الثقافي للثورة الإسلامية الذي كان يرأسه الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد. ولم يصدر أي تصريح حتى الآن حول الموضوع عن المجلس الذي يرأسه اليوم الرئيس إبراهيم رئيسي.

واعتبر المعارضون والمحللون أنه، حتى إن أُلغيت شرطة الأخلاق، فلن تمثّل الخطوة أي تغيير في سياسة إيران بشأن الحجاب إنما ستكون مجرد تكتيك في مواجهة الاحتجاجات المتواصلة. ويعتبر الحجاب ركيزة أساسية في نظام إيران.

عجز النظام الإيراني عن إيجاد حلول لوقف استمرار الاحتجاجات

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية إن “الإيرانيين والإيرانيات ينزلون إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم الأساسية. يريدون العيش بحرية واستقلالية، وهذا الإجراء في حال تطبيقه لن يغير هذا الأمر إطلاقا”.

واعتبر متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الاثنين أن “لا شيء يشير” إلى أن وضع المرأة في إيران سيتحسن بعد إعلان مسؤول عن إلغاء شرطة الأخلاق.

وأضاف المتحدث “لسوء الحظ، لا يوجد ما يشير إلى أن القادة الإيرانيين يحسنون الطريقة التي يعاملون بها النساء والفتيات أو يوقفون العنف الذي يمارسونه ضد المتظاهرين السلميين”، رافضًا “التعليق على تصريحات غامضة أو مبهمة” تصدر عن السلطات الإيرانية.

وقالت المؤسسة المشاركة لمركز عبدالرحمن بوروماند لحقوق الإنسان ومقرّه الولايات المتحدة رؤيا بوروماند لفرانس برس إن إلغاء وحدات شرطة الأخلاق سيشكّل خطوة “ضئيلة جدا ومتأخرة جدا على الأرجح” بالنسبة إلى المحتجين الذين باتوا يطالبون بتغيير النظام بأكمله.

وأضافت “ما لم يرفعوا جميع القيود القانونية عن لباس النساء والقوانين التي تتحكم بحياة المواطنين الخاصة، فلا تنصب هذه الخطوة إلا في إطار العلاقات العامة”، مضيفة أن “لا شيء يمنع (أجهزة) إنفاذ القانون الأخرى” من مراقبة تطبيق “القوانين التمييزية”.

وكان مشهد دوريات شرطة الأخلاق مألوفا في شوارع طهران منذ العام 2006 عندما أُدخلت في عهد الرئيس المحافظ المتشدد حينذاك أحمدي نجاد. لكن فرض الحجاب بدأ قبل ذلك بكثير.

التصعيد في خطاب الحرس الثوري وتلويحه بالعنف يعكسان عجز النظام عن إيجاد حلول لوقف استمرار الاحتجاجات

والغضب بشأن الحجاب الإلزامي هو ما أطلق شرارة أولى الاحتجاجات على وفاة أميني التي ذكرت عائلتها بأنها قضت نتيجة ضربة على الرأس تعرّضت لها أثناء احتجازها، وهو أمر نفته السلطات.

لكن الحراك الذي تغذيه أيضا سنوات من الغضب المرتبط بالوضع الاقتصادي والقمع السياسي، بات يشمل حاليا دعوات لإسقاط النظام.

وتفيد التقارير الواردة من طهران بأن دوريات شرطة الأخلاق اختفت تقريبا من الشوارع منذ اندلاع الاحتجاجات. بينما تشاهد أكثر فأكثر نساء في الشارع من دون أي منديل على رؤوسهن.

وتواصل السلطات التصدي للمحتجين في إطار حملة قمع أودت بحياة 448 شخصا على الأقل، بحسب مركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه النرويج.

ويقول المحلل البارز المتخصص في شؤون إيران لدى منظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” أوميد ميماريان إن “الإلغاء المفترض لشرطة الأخلاق الإيرانية لا معنى له إذ أنه بات غير ذي صلة بالفعل بسبب المستوى الهائل للعصيان المدني الذي تقوم به النساء وتحدي القواعد المرتبطة بالحجاب”.

ووصف الحجاب الإلزامي بأنه “أحد ركائز الجمهورية الإسلامية”، ولفت إلى أن “إلغاء هذه القوانين والهيكليات سيعني تغييرا جوهريا في هوية ووجود الجمهورية الإسلامية”.

واعتُبر إعلان منتظري والإرباك الذي أثارته تصريحاته مؤشرا على الاضطراب في صفوف النظام بشأن كيفية التعامل مع الاحتجاجات المتواصلة في أنحاء البلاد.

5