الحرس الثوري الإيراني ينذر قيس الخزعلي بشأن تخاذله في محاربة القوات الأميركية

كتائب حزب الله لعصائب أهل الحق: لم تشاركونا استهداف الأميركيين.
الثلاثاء 2023/11/28
الضربة التي أفاضت الكأس

السجال الدائر بين كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق بشأن المشاركة في استهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق يخفي وراءه غضبا إيرانيا من قادة ميليشيات شيعية تحوّلوا عن دورهم الأصلي في خوض الحرب الإيرانية بالوكالة وانغمسوا في العمل السياسي والصراع على السلطة، متّخذين من “المقاومة” مجرّد وسيلة للدعاية.

بغداد- أخرج سجال دار بين فصيلين مسلّحين حول المشاركة في استهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق إلى العلن العداء المكتوم بين الميليشيات الشيعية بسبب التنافس الشديد بين قادتها على المكاسب المادية والسياسية.

ولم يمنع انتماء ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وميليشيا كتائب حزب الله بزعامة أبوحسين الحميداوي إلى “محور المقاومة” بقيادة إيران وكذلك تبعيتهما للحرس الثوري الإيراني، من الدخول في معركة إعلامية فجّرها كشف الكتائب لأسماء الفصائل المشاركة في استهداف مواقع تمركز القوات الأميركية، والتي لم يرد ضمنها اسم العصائب الأمر الذي سبب حرجا كبيرا للخزعلي الذي لا ينقطع عن تقديم نفسه كأحد أكبر “المقاومين” للوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية.

وتضمنّ بيان صادر عن الحميداوي أسماء الفصائل التي شاركت في استهداف القوات الأميركية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، وهي أنصار الله الأوفياء وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله.

واستبعد محللّون أمنيون أن يكون الكشف عن أسماء تلك الفصائل قرارا ذاتيا من الكتائب، مرجّحين أن تكون قد تلقت ضوءا أخضر من الحرس الثوري الإيراني المشرف على عمل الغالبية العظمى من الميليشيات الشيعية في العراق.

جعفر الحسيني: معلوماتنا متطابقة ولم نتبنّ أي عملية لم يعترف بها العدو
جعفر الحسيني: معلوماتنا متطابقة ولم نتبنّ أي عملية لم يعترف بها العدو

ورأى هؤلاء أن المعني بذلك الكشف ميليشيا الخزعلي تحديدا وذلك على خلفية موقف إيراني سلبي منها بسبب انغماس قيادتها في العمل السياسي وانسياقها وراء الصراع على السلطة على حساب العمل المسلّح الذي يمثّل دورها الأصلي الذي أنشئت لأجله.

وبرز الخزعلي كزعيم ميليشياوي كبير بعد انشقاقه عن جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر وتأسيسه منتصف العشرية قبل الماضية ميليشيا عصائب أهل الحق بالتنسيق مع إيران التي دخل الصدر في خلافات معها بسبب ما أظهره من طموحات سياسية أدخلته في تنافس شرس مع كبار حلفائها من السياسيين العراقيين الشيعة.

لكن زعيم العصائب انغمس بعد انتهاء الحرب ضدّ تنظيم داعش والتي شاركت فيها الميليشيا التابعة له، في العمل السياسي وأصبح من كبار المنافسين على السلطة، وصولا إلى المشاركة في تشكيل الحكومة العراقية الحالية عبر الإطار التنسيقي الذي يعتبر أحد قيادييه.

وبدل المشاركة في المواجهة ضد القوات الأميركية، أصبح الخزعلي يتّخذ من “المقاومة” وسيلة للدعاية السياسية، حتّى أن الميليشيا التابعة له أعلنت مؤخرا الالتحاق بالقتال في فلسطين ونشرت مقطع فيديو يظهر العشرات من أفرادها وهم يستعدون للمغادرة باتجاه قطاع غزّة، لكن لم يظهر لهم أي أثر داخل القطاع بعد ذلك.

وجاء انغماس الخزعلي في العمل السياسي على حساب العمل المسلّح و”النشاط المقاوم” الذي تقوده إيران وتتمكّن بفعله من خوض حرب بالوكالة ضدّ الولايات المتّحدة على الأراضي السورية والعراقية، من دون أن تتورّط فيها بشكل مباشر.

وعلى طرف نقيض من العصائب تحولت كتائب حزب الله المستنسخة عن حزب الله اللبناني الذي كان قد شارك أصلا في تشكيلها عن طريق عنصره القيادي عماد مغنية قبل مقتله في سوريا سنة 2015، إلى رأس الحربة في تلك الحرب الإيرانية بالوكالة.

وإمعانا من كتائب حزب الله في فضح الدعاية الجوفاء لزعيم عصائب أهل الحقّ نفى المتحدث العسكري باسم الكتائب جعفر الحسيني قيام أي فصيل عراقي بعمليات استهداف منفردة للقوات الأميركية، قائلا في منشور على منصة إكس “معلوماتنا متطابقة مع ما اعترف به العدو حول حجم وعدد العمليات وتأثيرها، ولم تُسجل لدينا أي عملية يتيمة، ولم نتبنَ أي عملية لم يعترف بها العدو، والفضل ما شهدت به الأعداء”، مضيفا “هذه العمليات كانت لفصائل تم الإعلان عنها، فماذا لو انضمت باقي الفصائل الجهادية للمعركة”.

وأثار بيان الحميداوي وتعليق الحسيني غضب ميليشيا العصائب التي قالت على لسان القيادي فيها جواد الطليباوي إن كتائب حزب الله تعمّدت تغييب “دورها الواضح في العمليات على الأرض”.

وأكّد الطليباوي في بيان أنّ “المقاومة واجب شرعي ووطني وأداء هذا الواجب الكبير تكفّل به رجالٌ صدقوا مع الله والوطن، وقدّموا أرواحهم ودماءهم دفاعا عن الأرض والمقدسات”.

بوكس

وتحجّج القيادي في العصائب بسرية العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية، قائلا “المقاومة لها مقوّماتها وركائزها ومبادئها الثابتة الأصيلة، التي لا يحق لكائن مَن كان أن يتجاوز عليها. ومن المؤسف حقا ما تم نشره في وسائل الإعلام، من بيان صادر باسم إخوة الجهاد في كتائب حزب الله، لما فيه من تجاوز على ركيزة مهمة في عمل المقاومة، والتي تكفل سرية العمل ومراعاة الظروف الأمنية”.

وأضاف في بيانه “ندرك تماما ضرورة عدم الكشف عن الحركات والفصائل التي تنفّذ عملياتها الجهادية البطولية ضد قواعد الاحتلال الأميركي في العراق، لإجباره على الخروج والانسحاب من بلدنا، إلا أنه من الغريب، ورغم علم مَن كتب البيان بالحقائق على الأرض، أن يعمد إلى ذكر أسماء فصائل وتغييب أخرى، دون مبرّر أو شعور حقيقي بالمسؤولية”.

ويعتبر السجال بين كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق أحد النتائج المباشرة للضربة الأخيرة التي وجهتها القوات الأميركية لموقعين تابعين للفصائل الشيعية المسلحة في العراق وخلّفت قتلى وجرحى غالبيتهم العظمى من عناصر كتائب حزب الله.

ويعكس بيان الكتائب في بعض وجوهه حالة غضب مما يعتبره قادتها، ومن ورائهم قادة الحرس الثوري الإيراني، خذلانا لـ”المقاومة” من قبل قوى سياسية وفصائل مسلحة مرتبطة بتلك القوى وعدم جدية في المطالبة بإخراج القوات الأميركية من العراق وسوريا وهو الهدف الأصلي لإيران والذي تسعى لتحقيقه تحت مظلة العمل المقاوم المساند للفلسطينيين.

3