الحرب في غزة والانتفاضة عند عرب 48

القدس – لأول مرة منذ أكثر من سبعين عاما يتحرك الفلسطينيون الذين يعيشون داخل إسرائيل في ما يشبه الانتفاضة ضد سياسات حكومة بنيامين نتنياهو التي تركتهم بمواجهة اليهود المتشددين، وذلك بالتزامن مع الحرب الدائرة بين قطاع غزة وإسرائيل.
ورغم قبولهم بالاستمرار تحت حكم إسرائيل إلا أن عرب 48 ظلوا مصنفين كمواطنين من الدرجة الثانية بالنسبة إلى الإسرائيليين. وتجسد هذا التصنيف كواقع على الأرض من خلال التمييز العرقي بين المواطن العربي ونظيره اليهودي بمن في ذلك الوافدون من دول مختلفة.
ونتج عن هذا التمييز ارتفاع نسب الفقر والجريمة في المناطق العربية داخل المجتمع الإسرائيلي. ووفقا لآخر تقرير فإن نسبة الفقر بين فلسطينيي 48 هي الأعلى، إذ يرزح 50.2 في المئة منهم تحت خط الفقر.

محمد مشارقة: القوة العسكرية لا يمكنها حل الصراع مع السكان الأصليين
واندلعت صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومستوطنين إسرائيليين من جانب وفلسطينيي الداخل من جانب ثان خلال الأيام الأخيرة أسفرت عن إحراق سيارات للشرطة ومراكب بحرية واعتقالات في صفوف عرب 48.
وشهدت البلدات العربية في الداخل الإسرائيلي، من بينها يافا وحيفا والناصرة وكابول وطمرة وجسر الزرقاء وشفا عمرو والطيبة وكفر قاسم وأم الفحم ومجد الكروم وباقة الغربية وحورة وعكا وغيرها من البلدات، الأربعاء مواجهات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
وقال مراقبون إن احتجاجات عرب 48 قد تكون تأثرت بمواجهات غزة، لكن مبررها الرئيسي ليس التصعيد العسكري المتبادل بين إسرائيل وحماس، وإنما هو ردة فعل على سياسة التمييز الإسرائيلية ضدهم، في التعليم والتوظيف والخدمات، وافتكاك مساكنهم وطردهم منها والتفويت فيها لمتطرفين يهود مثلما جرى في حي الشيخ جراح، لافتين إلى أن الاحتجاجات التي جاءت مفاجئة وقوية تعكس إحساسا كبيرا بالظلم.
واعتبر محمد مشارقة، مدير مركز تقدم للدراسات في لندن، أن المتغير العميق هو دخول المدن والبلدات الفلسطينية في إسرائيل، ومنها المدن المختلطة، إلى ساحة الصراع معلنة أنه لا يمكن الحديث عن إنهاء الاحتلال دون إنهاء نظام التمييز العنصري الإسرائيلي، الذي يعامل نحو مليون ونصف مليون فلسطيني من السكان الأصليين داخل الدولة باعتبارهم رعايا وسكانا لا حقوق لهم، ويحاصرهم في بلداتهم بعشرات القوانين التي تمنع عيشا كريما أو مساواة في الحقوق أو إضافة غرفة أو توسيع البيوت بعد سبعين عاما من إقامة الدولة.
وقال مشارقة في تصريح لـ”العرب” إن “القوة العسكرية لا يمكنها حل الصراع مع السكان الأصليين، ولا خيار غير العيش المشترك والحقوق المتساوية السياسية والمدنية”، وذلك في تعليقه على قرار إسرائيل إرسال قوات من الجيش لمواجهة انتفاضة عرب 48.
ووقع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أمرا يقضي بتجنيد عشر سرايا إضافية من حرس الحدود في خدمة الاحتياط لتعزيز قوات الشرطة وكبح جماح الاضطرابات في أنحاء البلاد.
وقال غانتس “إننا في حالة طوارئ على خلفية قومية متطرفة، ولكن النشاط الأمني لا يستبدل مسؤولية الزعامة في تهدئة الخواطر”.

ويشعر الشباب العرب في إسرائيل بالغضب بسبب عدم المساواة الناشئ عن عقود من التمييز والخوف المستمر من الترحيل عن قراهم وأحيائهم ومنازلهم.
وقد زاد الغضب بين العرب في السنوات الأخيرة بسبب زيادة عمليات الاستيطان اليهودي التي تسطو على أراضيهم. وبدلاً من الاستقرار في المجتمعات اليهودية المكتظة بالفعل في الضفة الغربية تنتقل مجموعات منظمة من العائلات الشابة والأيديولوجية الأرثوذكسية إلى مدن مختلطة مثل اللد، مدججة بفتاوى متشددة تحثها على تعزيز الوجود اليهودي هناك وافتكاك أراضي وممتلكات ومساكن السكان الأصليين.
اقرأ أيضا:
وقال الناشط اليهودي من أجل السلم الأهلي درور روبين إنه يحاول منذ سنوات بناء علاقات بين السكان العرب الفلسطينيين والوافدين اليهود الجدد ذوي الدوافع الأيديولوجية.
وأضاف “حتى بضعة أسابيع مضت، شعرت حقًا أن رؤيتنا تتحقق، وأننا نبني عالما مصغرا لمستقبل مختلف”، لكن الآن “تغير شيء؛ شعرت للمرة الأولى أنه قد لا يكون من الآمن السير في الشوارع هنا”.
وذكر موقع “عرب 48” على حسابه في تويتر أن الشباب الفلسطينيين أحرقوا سيّارات للشرطة الإسرائيلية في شارع السلطاني بمدينة كفر قاسم بعد انتهاء صلاة العيد، احتجاجا على اقتحامات القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس واعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين بالداخل.
وأضاف “جرى إضرام النار في ثلاث سيارات شرطة وتهشيم سيارات أخرى”، لافتا إلى أن الشرطة استخدمت القنابل الصوتية والرصاص المطاطي لتفريق الشبان.
بدورها ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن حريقا شب في عدد من السيارات في موقف القطار بالجليل الغربي، لافتة إلى أن الأضرار اقتصرت على الماديات، وأن التحقيق بُوشر لمعرفة أسباب اندلاع هذا الحريق.
وكشفت الهيئة عن إضرام النار في مراكب بحرية في مدينة عكا.
